كيف طارد الاحتلال الإسرائيلي منفذ عملية تل أبيب حتى استشهاده؟

مراسل بيان اليوم: وليد ابو سرحان
سجل الشهيد نشأت ملحم علامات فارقة في مراوغة الاحتلال الإسرائيلي والهروب منهم لعدة أيام عقب تنفيذه عملية مسلحة في قلب تل ابيب أسفرت عن مقتل إسرائيليين احدهم يعمل في جهاز الموساد.
وبعد عملية إعدام نشأت ملحم، الجمعة الماضي، يتضح أن جهاز ” شاباك” الإسرائيلي قام بتفعيل أقصى قدراته للوصول إلى ملحم في أسرع وقت ممكن، وفي الوقت نفسه يتضح أن هناك مخططا لشن حملات اعتقال أخرى على الأبواب بذرائع البحث عمن قدم المساعدة لملحم ولجمع السلاح والبحث عن من يصفهم الأمن الإسرائيلي بـ ‘متطرفين’ في منطقة وادي عارة.
كما يتضح أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تستغل قضية ملحم لتشديد قبضتها على العرب في الداخل، وتوسيع نطاق عملها في المجتمع العربي.
وتبين أيضا، بحسب شهادات مواطنين، أنه كان بالإمكان اعتقال ملحم حيا، ولكن الوحدات الخاصة بدلا من ذلك اختارت استهدافه برصاص متفجر في الرأس.
وخلافا لما تردد حول كون ‘نشأت ملحم سيدفن أسراره معه’، بعد إعدامه من قبل الوحدات الخاصة، فإن عناصر في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتفق على أن الصورة ستضح قريبا، وعندها يمكن تحديد، بشكل قاطع، الدوافع التي جعلت ملحم يطلق النار في تل أبيب، ويقتل ثلاثة أشخاص، أحدهم هو أمين شعبان من اللد، وهو سائق سيارة أجرة.
وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن الشاباك يعمل على الإجابة على أسئلة بشأن المساعدة التي تلقاها نشأت، بينها ‘من هم الذين ساعدوه على الاختباء؟ ومن كان يحضر له الطعام والثياب؟ وكيف تمكن من الانتقال من مخبأ إلى آخر دون أن ينكشف؟’.
وتشير تقديرات الشاباك إلى أن ملحم كان منكشفا لـ’ـمضامين متطرفة’، حسب تعبيره، ويبدو أن تنظيم ‘الدولة الإسلامية’ (داعش) كان ملهما له في نشاطه، دون وجود بنية تنظيمية.
وجاء في تقرير نشره موقع ‘واللا’ الإلكتروني، أنه ‘بعد وقت قصير تبين لأجهزة الأمن أن هناك مسلحا خطيرا يتجول في داخل الدولة، وهو قادر على العودة لتنفيذ عملية قتل أخرى، وعندها قام الشاباك بتفعيل غرفة عمليات خاصة، حيث قام من خلالها بتفعيل أقصى قدراته، بدءا من تفعيل عملاء ووحدات سرية، مرورا بعمليات تحقيق متطورة، واعتقالات، وانتهاء بعمليات احتيال ذكية’.

 محامي والد نشأت ملحم: أبلغت عن مكان تواجده

وقال التقرير إنه بعد ثلاثة أيام من تنفيذ إطلاق النار في تل أبيب، وصل الشاباك معلومات مفادها أن ملحم خرج من تل أبيب، وأنه يختبئ في وادي عارة. وفي الوقت الذي دعا فيه المفتش العام للشرطة الاسرائيلية ، روني ألشيخ، سكان المركز إلى العودة للحياة الطبيعية، فقد اعتقلت قوات الشرطة والشاباك أفرادا من عائلة ملحم، وأصدقاء وجيران لها من عرعرة والبلدات القريبة، والذين ربما كانوا على اتصال معه. وبحسب النتائج التي حصل عليها الشاباك من التحقيق، فقد تم وضع قائمة أماكن محتملة لوجود ملحم فيها.
وأضاف التقرير أنه خلال الأسبوع قامت قوات الاحتلال بتمشيط مواقع في عرعرة، كما فحصوا إمكانية أن يكون قد اجتاز جدار الفصل العنصري باتجاه طولكرم
. وبعد الحصول على ‘شيء’ معين من وادي عارة، تم استخلاص عينة من الحمض النووي (DNA)، تمكن عناصر الاستخبارات من تركيز جهودهم، وعندها فقط تمكنوا من الجزم بأنه يتواجد في مسقط رأسه.
وعلم أيضا أنه شهادات وصلت للشرطة في الأيام الأخيرة تشير إلى أنه يتواجد في باقة الغربية في المثلث. كما جرى التوجه إلى السلطة الفلسطينية، بعد أن عبر الحدود باتجاه باقة الشرقية. وعندما اقتحمت قوات الأمن مواقع مختلفة في المنطقة، تمكن من الهرب وهو يرتدي ثيابا سوداء.
وبحسب التقرير فقد تقرر نشر نحو 800 من أفراد الشرطة في تل أبيب، في حين جرى ‘تفعيل طنجرة ضغط’ على عرعرة، حتى اللحظة التي كشف فيها ملحم في بيت عمة له. وأضاف التقرير أنه ‘عندما أطلق رصاصة واحدة باتجاه قوات الأمن، تمت تصفيته’. هنا تجدر الإشارة إلى أن عددا من المواطنين يؤكدون أنه كان بالإمكان اعتقاله حيا، وليس إعدامه.
وادعى التقرير أن قضية ملحم ‘تنضاف إلى موجة عمليات مماثلة وقعت في الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل، حيث تمكن شبان من الحصول على أسلحة بسهولة، وتنفيذ عمليات قتل بإيحاء من أيديولوجية متطرفة. ورغم أن ملحم نشط لوحده، إلا أن أجهزة الأمن تخشى ألا يكون قد سمع عن الجهاد العالمي من الإنترنت فقط’.
ويشير التقرير إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تعتقد أن ‘المجتمع العربي في إسرائيل يتطلب عملا أوسع، حيث أنه تم الكشف في السنتين الأخيرتين عن نشاط نحو 150 عربيا، بينهم معلمون، عبروا عن تماثلهم مع أفكار داعش، وآخرون توجهوا للقتال في سورية في صفوف التنظيم. ولذلك قام الشاباك والشرطة بعمليات اعتقال بعد إطلاق النار في تل أبيب، ومن المتوقع أن تجري حملة اعتقالات أخرى في وقت قريب’.
ويدعي عناصر في أجهزة الأمن أن ‘نشأت ملحم لم ينشط لوحده، وأنه يجب العمل في عرعرة والمنطقة لجمع السلاح فيها، والبحث عن عناصر تتبنى أفكارا متطرفة’.
ويقول مصدر أمني إن نموذج منفذي العمليات الأفراد بات واضحا ‘مضطرب في شخصيته، ومنكشف لايديولوجية متطرفة لدرجة غسيل الدماغ، والسلاح’، مشيرا إلى أن هناك صعوبة في منع الانكشاف لمضامين خطيرة ومتطرفة على شبكة الإنترنت، التي تحولت إلى الوقود الحقيقي في هذا الشأن’.
من جهته قال المفتش العام للشرطة إن ‘المهمة تكتمل بعد، وسيواصل الشاباك والشرطة العمل بحزم ومنهجية على كشف جميع المتورطين وتقديمهم للمحاكمة’.

Related posts

Top