كيف نحميهم من التحرش الجنسي؟

نعلم بأن مشكلة التحرش الجنسي واغتصاب الأطفال موجودة في كل المجتمعات، وهي من أصعب التجارب التي قد يمر بها أي طفل أو طفلة. ولكن هل لدينا الشجاعة لإرشاد ابنائنا والتحدث عن هذا الأمر؟ أم أن طبيعة تربيتنا لهم قد تكون عائقا أمام المعرفة والتثقيف في هذا المجال؟ قد يقرر البعض البدء في طرح التحذيرات، مع نوع من “التخويف” للطفل لتجنب الوقوع ضحية لمثل هذا الإعتداء، ولكن هل ينجح أسلوب التخويف في حل المشكلة، أم يزيد في تعقيد مشكلة الطفل؟ ما هي الرسالة التى يجب أن تصل الطفل، وبأي لغة يمكن أن نخاطبه، بحيث لا تتسبب في تخويفه؟
< الحديث والاستماع الجيد للطفل: يجب التحدث مع أطفالنا بهدوء، وأن نعلمهم أن بإمكانهم أن يرفضوا القيام بأي شيء مع الكبار يشعرون أنه خطأ أو يشعرون أنه يخيفهم، شجعوهم على أن يخبروكم بأي شيء مزعج يريده منهم الكبار أو الأولاد للقيام به، أصغوا دائما بانتباه إلى مخاوف أولادكم. أتركوا ما تقومون به وأعطوهم كل انتباهكم، أولادكم هم ثمرة حياتكم، وأهم ما في رحلة الحياة.
< تحدثوا معهم عن التحرش: تحدثوا مع الأبناء والبنات كيف يحمون أنفسهم من التحرش الجنسي، مثلما تتكلمون معهم عن سبل الوقاية من مخاطر الانترنت، والطرقات، ومخاطر الماء والنار، تكلموا معهم أيضا عن أصدقاء السوء، وعن التحرش.
< اللمس: حتى الأطفال الصغار قادرون على تمييز اللمس العادي من اللمس المشبوه، وغير البريء. اشرحوا لهم أنه ليس من حق أحد أن يلمسك في أماكن جسدك أيا كانت، وبطرق تشعركم بالانزعاج والخوف.
< الثقة بالنفس: شجعوا أولادكم وبناتكم على الثقة بأنفسهم وبمشاعرهم، تكلموا عن الشعور بالأمان والشعور بعدم الأمان، وقوموا بالتمرين على ما يمكنهم فعله عندما يشعرون بعدم الأمان، من هذه التمرينات التدرب على أن يغادروا المكان، عندما يرون أن الجو مريب، كأن يقولوا أن عليهم العودة إلى البيت الآن، وبتصميم، أو أن عليهم أن يسألوا أمهم أو أباهم عن إذنهم أولا.
< عدم المبالغة في الاطمئنان: صحيح أن احترام الكبار واجب، لذلك يصعب على الأولاد أن يقولوا “لا” للكبار بدون أن يشعروا أنهم غير مهذبين، هنا يجب أن نحذر أولادنا وبناتنا الصغار، بأن الكبار أو المراهقين من الأقارب، أحيانا يرتكبون أخطاء وأن على الأبناء أن يخبرونا بذلك إن حدث شيء كهذا معهم، لابد أن نتمرن مع أطفالنا على مناقشة ما يمكنهم فعله، عندما يكونون مع راشدين آخرين، وعلموهم أن يعبروا عن مشاعرهم تجاه شخص راشد، اسالوهم عن رأيهم بهذا الراشد، كما تسألونهم مثلا عن أصدقائهم، هذا سيجعلهم ينتبهون قبل أن تتفاقم أي مشكلة.
< تحدثوا مع الأبناء عن أجسادهم: يجب أن نقوم بتشجيع الطفل أو الطفلة على الاهتمام بأجسامهم، ربما يكون التحدث عن الموضوعات الجنسية محرجا للأبوين، ولكن لا بد من تعلم طرق وأساليب الأحاديث مع الأبناء في مواضيع التربية الجنسية. يمكن قراءة كتاب يفيد في هذا الموضوع، للتعرف على طريقة الحديث مع الأبناء ببساطة وأسلوب علمي، وألفاظ مهذبة، لا تسبب الحرج للطرفين. يمكن أيضا للمدرس أو المدرسة أن يشرحوا للأولاد هذه المواضيع الحرجة بطريقة علمية. وأعطوا للأبناء والبنات الكثير من الوقت للإنصات لهم، وعندئذ سيكون من الأسهل على الأبناء أن يخبروكم عن مخاوفهم وقلقهم.
< لا لكتمان الأسرار: غالبا ما يطلب المتحرشون من الولد أو الفتاة أن يخبئوا ما حدث عن الأهل وأن يبقوا الأمر سرا، يجب أن تكون البنت سر أمها، والولد سر أبيه، هنا سيكون دوركم أن تعلموهم ما الفرق بين الأسرار الآمنة والأسرار غير الآمنة، علموهم أن السر الوحيد الذي يمكن كتمه هو أن نحفظ السر حين نريد أن نفاجئ أحدا نحبه بتقديم هدية أو مفاجأته بشيء ما. أما ما نشعر أنه يضرنا أو أنه شيء غير مألوف، هنا يجب الإفصاح بدون خوف أو قلق لتدارك الموقف، وحماية أولادنا وبناتنا من خطر داهم، فقط يحتاج للتثقيف والرعاية.

التربية الجنسية تبدأ منذ العام الأول
قد يظن الكثيرون أن حماية الطفل من التحرش الجنسي تنطلق من سن متأخرة مثل سن المدرسة أو ما شابه. و الصواب أن حماية الطفل تنطلق منذ العام الأول وذلك بتعويده على احترام خصوصيته مثل تغيير الحفاظ في مكان خال من الأشخاص وعدم تعويده على الكثير من الأيادي التي تتدخل للتنظيف. فالطفل يدرك جيدا أنه لا يمكن لأحد أن يغير حفاظه سوى عدد معين من الأشخاص و بذلك يكبر على احترام خصوصيته.
< تعويد الطفل على استعمال المرحاض وتنظيف نفسه في سن مبكرة لا تتجاوز الـ3 أو 4 سنوات وعدم السماح لأي أحد بمساعدته حتى يتعود الاعتماد على نفسه.
< منذ سن مبكرة يجب أن يفهم الطفل أنه من غير المسموح أن ينزع ثيابه أمام الآخرين مهما كانت نوعية العلاقة بينهما وأنه يجب عليه كذلك أن لا يسمح لأي أحد أن يتجرد من ثيابه أمامه. هذا مع ضرورة الفصل بين الأولاد والبنات في غرف النوم.
< عدم تعويد الطفل منذ سن مبكرة – قبل العام- على مشاهدة أفراد الأسرة عراة سواء كان الأم أو الأب أو أحد الاخوة، فذلك يجعله يظن أن التعري أمامه أمر طبيعي و لا خطأ فيه.
<  منذ سن مبكرة يجب أن يفهم الصغير أن أعضاءه التناسلية ملك خاص له ولا يحق لأحد لمسها أو مشاهدتها مهما كان هذا الشخص مقربا ولو كان أحد الوالدين، إلا عند الاستحمام أو مساعدته في أغراضه اليومية، فينشأ بذلك متعودا على احترام خصوصيته.
<  يوجد محظورات كثيرة يجب أن يعرفها الطفل مثل التقبيل من الفم وعدم تعويده على ذلك حتى من أقرب الأقارب، لأن ذلك غير صحي كذلك، ويجب أن نفهمه أنه من غير المسموح احتضان أشخاص غرباء أو الجلوس على أرجلهم أو السماح لهم بلمسه بغير موجب. وكذا توعيتهم منذ الصغر بعدم الذهاب مع أي شخص دون علم الأهل، وعدم أخذ أي حلوى أو عصير أو نقود من أي شخص غريب. فضلا عن عدم السماح للأطفال باللعب مع أطفال أكبر سنا منهم أو في سن المراهقة، لأنهم قد يصبحون بذلك عرضة للتحرش والاستغلال.
<  تنبيه الطفل إلى ضرورة إخبار أحد الوالدين إن كان قد تعرض إلى اللمس أو ما شابه من أحد الأشخاص مهما كان هذا الشخص مقربا و أن لا يتردد أو يخاف. قولي لطفلك أنه يجب أن يكون شجاعا إذا ما لمسه أحد غريب أو عنفه و أن يصرخ دون تردد حتى يسمع المحيطين به.
<  لاحظي إذا ما كان طفلك يتجنب مقابلة شخص معين أو الذهاب إلى مكان معين او إذا بدأ بالانزواء عن الآخرين فقد تكون تلك احدى علامات تعرضه للتحرش. ولاحظي ما يشاهده طفلك على التلفزيون و الانترنت و نوعية اللعب التي يلعبها، فقد يقلدون ما يشاهدون على التلفاز أو بين البالغين ببراءة.
أخيرا، من المهم أن يكون الأبوان صديقين لأطفالهما، فالطفل الذي يشعر بالأمان وعدم الخوف من أمه أو أبيه سيقول لهما إذا ما تعرض لأي نوع من المضايقات. ويجب على الأهل تصديق الطفل الصغير وعدم تكذيبه مهما بدت قصته غريبة أو غير قابلة للتصديق، عادة ما يتلاعب الذئب البشري في مخيلة الطفل حتى لا يصدقه البالغون لاحقا إذا ما انكشف. وابحث عن الأدلة على جسد الطفل، وتحقق من أي ادعاء قبل أن تتسرع في تكذيب الطفل.

Related posts

Top