لقاء حول التجربة الإبداعية للكاتبة المغربية الزهرة رميج

>  عبد الرحمان شكيب

 نظم نادي القلم المغربي  بأسفي، بتعاون مع مندوبية وزارة الثقافة مؤخرا، بقاعة الندوات بالخزانة الجهوية، لقاء أدبيا استضاف فيه المبدعة المغربية الزهرة رميج. افتتح اللقاء الباحث عبد الرحمان شكيب رئيس النادي، بأرضية، عبارة عن بورتريه، حدد من خلالها الوضع الاعتباري للمبدعة انطلاقا من مسارها الحياتي. على مستوى التجارب: الحياتية والعلمية، والنضالية، واهم المحطات التي عاشتها، مخلفة أثرها البالغ الذي ساعد فيما بعد ذلك على انخراطها في عوالم الكتابة السردية منها والشعرية كنقطة مضيئة إبداعيا، تناولت كل القضايا التي تشغل المجتمع على رأسها المرأة، معتبرا الكتابة بالنسبة للمبدعة الوجه الثاني للممارسة النضالية والحياتية. منهيا ورقته بالتذكير بأهم أعمالها في المجالات التالية: الشعر والرواية والقصة والترجمة، وكل الدراسات التي تناولت أعمال المبدعة بالدراسة والتحليل مع الإشارة إلى أهم الجوائز التي حصلت عليها الروائية.
لتنطلق الندوة بمداخلة الناقد سالم الفائدة الذي عنونها بـ ( صورة المٍرأة في التجربة القصصية للزهرة رميج)، استطاع بتحليله المركز والعميق رسم صورة المرأة بمختلف أنواعها كما وردت في المجاميع القصصية: أنين الماء، نجمة الصباح، صخرة سيزيف. وهي نماذج لوضعيات المرأة التي تعيش في مجملها انكسارات وإحباطات، ناتجة عن بنية تفكير في مجتمع أبيسي يعيش القهر والحرمان.
 أما مداخلة الدكتور إبراهيم نادين، فقد تناولت ديوان المبدعة “ترانيم”، وقف فيه عند المقدمة التي اعتبرها مقدمة نقدية ذاتية استطاعت الشاعرة أن تضع من خلالها القوانين التي آمنت بها، لينتقل بعد ذلك إلى تحليل قصيدة “تين الصحراء” واقفا عند أهم الدلالات والمعاني، كاشفا على الخصيصات الفنية والجمالية التي تمتلكها المبدعة داعيا إياها إلى الكتابة في مجال الشعر، لأنها قادرة على خلق المفاجأة في هذا الجنس الأدبي الذي اقترن بالثقافة العربية، فيما أسس الدكتور إدريس الخضراوي مداخلته المعنونة بـ ( الغول يلتهم نفسه) على أهم الآليات والميكانزمات التي امتلكتها الروائية للانخراط فعليا في الفعل الروائي، مشيرا إلى أهمية العنوان في تحديد مسار وتوجه العمل الروائي من خلال ما يقدمه من إمكانية مقاربة أعمالها والسماح بتأويلها تأويلا علميا. كما اعتبر احترام الجمهور القارئ لأعمال المبدعة ثمرة اجتهاد ومراس ودربة من جهة واحتفاء بأعمالها البالغة الأهمية من حيث الرؤيا من جهة ثانية.  في هذا الإطار ذكر الدكتور الخضراوي كيف تستثمر الذاتي خدمة للتخييل، على اعتبار أن كل عمل إبداعي لا يخلو من سيرذاتي، وفي الاتجاه الذي لا يعيب الكتابة السردية بل يقويها فنيا ويعمقها على مستوى التجربة الإنسانية بقيم كونية، مركزا في تحليله على رواية “عزوزة” التي انتشرت كثيرا بين القراء وسجلت حضورا قويا مسجلا تفاعلها مع شخصيتها الأساس ورأى الناقد أن ذلك ناتج عن خبرة المبدعة بعوالم المرأة المتنوعة والمختلفة التي تشغلها سواء في العلاقة المختلة بين الزوجة والزوج والحماة، وما يستدعيه الموقف من خلال بنية تفكير هشة تفتح مجالا للشعوذة والسحر، وهي القضايا التي تؤثث المخيال الشعبي عموما. معتبرا القصة وحدة كبرى تفرعت إلى محكيات صغرى، ومن خلال تركيب المبدعة لتلك الهموم، تحاول القبض على القضايا الشديدة التعقيد. وهكذا أنهى المتدخل مداخلته النقدية القيمة بأهم الخلاصات، بدء بتجربة الكاتبة كتجربة ذاتية وهذا لا ضير فيه، على اعتبار أنه من الذاتي والخاص يتم ملامسة العام والعالم.
 أما مداخلة الناقد إبراهيم الكراوي، فقد حاولت أن ترسم صورة المبدعة في المشهد الإبداعي، مشيدا بأهم ما يميز الزهرة رميج كشاعرة وقاصة وروائية، مشيرا إلى ان المداخلات السابقة قد قالت كل شيء وتناولت كل النقط المضيئة في مسار الكاتبة، وهي كثيرة جدا، وتميزها وطنيا وعربيا. هذا وحاول أن يقف عند بعض ما يميز المجموعة القصصية “صخرة سيزيف”.
 بعد ذلك أعطيت الكلمة للمبدعة للحديث عن تجربتها الإبداعية مستمدة مواضيعها من واقع متبدل باستمرار، مركزة على اختيارها الكتابة السردية كاختيار لا محيد عنها، باعتبارها الفضاء الذي يتيح لها معانقة العالم، وأنه السبيل الوحيد الذي يجعلها تحيا حياة طبيعية حافلة بالمحبة والسعادة. شاكرة في نهاية الكلمة نادي القلم المغربي على إتاحته لها الفرصة للقاء مثقفي أسفي ومحاورته لها في قضايا كثيرة، همت في معظمها عوالم الكتابة والتخييل والمرأة والسجن.

Related posts

Top