مؤتمر حزب التقدم والاشتراكية: سؤال في العمق…

ينكب حزب التقدم والاشتراكية على الإعداد التنظيمي والسياسي والميداني لمؤتمره الوطني الحادي عشر، المرتقب أيام: 11-12-13 نونبر الجاري ببوزنيقة، وذلك تحت شعار: « البديل التقدمي الديموقراطي»، وتتواصل، بهذا الشأن، اللقاءات في الجهات، وأيضا المناقشات المتعددة بين المناضلين ومع فعاليات مختلفة من خارج صفوف الحزب.
علاوة على المؤتمرات الإقليمية والجموع العامة للفروع المحلية في المناطق، وانتخابات المندوبات والمندوبين، وباقي المهمات التنظيمية الاعتيادية، فقد عمد الحزب إلى تنظيم مناقشات مفتوحة، إما بشكل حضوري أو عبر الانترنيت، من خلال: «أستوديو الكتاب» والتعاون مع منابر إعلامية مختلفة، لتدارس مشاريع الوثائق المعروضة على المؤتمر، والإنصات لقراءات محللين وباحثين وفاعلين في مجالات متنوعة.
وبهذا، يبقى حزب التقدم والاشتراكية وفيا لأسلوبه المألوف، والذي يقوم على صياغة أطروحات محكمة، وعرضها على نقاش تفاعلي مفتوح في الساحة الوطنية لإغنائها، قبل أن يجري إقرارها من لدن المؤتمر الوطني.
من المؤكد أن مؤتمر حزب التقدم والاشتراكية ينعقد هذا العام ضمن سياقات مغايرة، وهو ما يفرض أن يستحضره الحزب ويحلل تداعيات ذلك.
وطنيا، هناك ضعف واضح في ممارسة السياسة بشكل عام، وتراجع في النقاش العمومي، فضلا عن التباسات وتجليات قلق في أكثر من مجال، وتكاد السياسة عندنا تتحول إلى مجرد تسابق انتخابي لا غير، كما أن العالم، بشكل عام، شهد تحولات وتغيرات مهولة مست التمثلات والقيم والسلوكات والمواقف والمواقع والرهانات، وكل هذا يفرض اعتماد مقاربات مختلفة، أي التعاطي مع الأحداث والوقائع والتحولات بشكل شمولي، واستنادا لعمق فكري وبعد نظر سياسي.
المؤتمر الوطني الحادي عشر لحزب التقدم والاشتراكية أدرك، منذ البداية، حجم التحدي، واستحضر جسامة مسؤوليته الوطنية والسياسية والأخلاقية، ولهذا عمم أولا وثيقة مرجعية بشأن مداخل للتفكير، وجرى حول محاورها نقاش حزبي واسع، ثم أعد مشروع وثيقة سياسية هي المطروحة اليوم للنقاش العمومي، وسيجري إقرارها في المؤتمر، كما طرح إدخال تعديلات على قوانينه وأنظمته، أي أنه يطرح على نفسه سؤال إعادة تأسيس وتطوير كامل منظومته، ويشمل ذلك مختلف المستويات والبنيات الفكرية والسياسية والتنظيمية والبرنامجية وسواها، مع استحضار ما تشهده البلاد والعالم اليوم من متغيرات وتحولات، والسعي، بالتالي، إلى صياغة جواب متكامل على سؤال وجودي: «أي حزب نريد لمغرب اليوم؟».
السؤال اليوم لا يعني حزب التقدم والاشتراكية وحده، ولكنه يعني كامل اليسار والقوى السياسية التقدمية والديموقراطية، ويعني بلادنا ومستقبلها في عالم كثير الاضطرابات والأزمات، وهو يتعلق بالسياسة التي نريد، والأحزاب التي نريد، والديموقراطية التي نريد، والمجتمع الذي نريد….
وتبعا لما سبق، الأمر ليس مجرد معادلات تنظيمية بسيطة أو من مقومات شأن حزبي داخلي معزول أو سباق بين الذوات والأنانيات الفردية أو بحث عن مادة صحفية مشتهاة لسبق أو إثارة إعلامية محدودة الدلالة، ولكن الأمر، في عمقه، هو سؤال وجود، ورهان يطرح على بلادنا، وعلى حقلنا الحزبي الوطني، والجاد منه خصوصا.
بعد الأيام الثلاثة التي سيستغرقها المؤتمر الوطني ببوزنيقة، ستنتهي كل السطحيات، لكن سيبقى العمق المتصل بإعادة بناء المقاربة الحزبية مطروحا، وسيبقى التحدي هو إعمال هذه المقاربة الجديدة على أرض الواقع، والسير نحو تطوير الأداء والأفكار والسلوك والأثر والامتداد، أي صياغة ممارسة سياسية وحزبية مختلفة.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top