غادرنا خلال الساعات الأولى من صباح السبت الماضي، واحدا من فرسان مونديال مكسيكو 1970، وأحد صناع المجد الكروي لسنة 1976، حميد الهزاز الذي حرس مرمى المنتخب الوطني بأمانة لعقدين من الزمن، ودافع عن ألوان المغرب الفاسي لثلاثين سنة كاملة كان خلالها الرمز والقدوة والتميز والأخلاق الحسنة، وهي صفات أصبحت للأسف عملة نادرة في يومنا هذا.
مات الهزاز الذي كان من الرياضيين القلائل السباقين إلى تحول إيجابي في مسار الإنسان الرياضي، فمن ممارس على أعلى مستوى، إلى مسير بنزاهة فكرية عالية، ورؤية ثاقبة وتجرد وترفع واستقلالية واضحة في المواقف، تحول الراحل من تسيير كرة القدم، إلى رياضة أحبها دون أن يمارسها، ألا وهي ألعاب القوى، إذ ظل رئيسا لفرع أم الألعاب، ورئيسا للمكتب المديري لـ «الماص» إلى أن وافته المنية رحمه الله.
قبل اربعة أيام فقط من وفاته، حضر الهزاز مهزلة أخرى من مهازل ما يسمى بالجموع العامة للمغرب الفاسي فرع كرة القدم، وكان شاهدا على العبث الذي يعصف بناديه الأم، ومات وفي العين دمعة وفي القلب غصة، على ما آلت إليه الأمور داخل النادي الأول بالعاصمة العلمية.
وفي وقت عجز فيه الفرقاء عن التوافق، طلب الجمع مرة أخرى من الهزاز تحمل مسؤولية رئاسة ناد يسيء له -ويا للأسف- أبناؤه مع سبق الإصرار والترصد، لكن وبما أن «اليد قصيرة والعين بصيرة»، فلم يقو الراحل على قول كلمة «نعم» فغادر قاعة الجمع، وهو يحمل في قلبه حسرة كبيرة، وبعد ثلاث أيام فقط غادرنا إلى أرض البقاء، بعدما توقف قلبه المكلوم عن النبضات وأسلم الروح لباريها.
صحيح أن الأعمار بيد الله، لكن غالبا ما تكون هناك أسباب، وكل من يعرف حميد عن قرب أكد أنه خرج من قاعة الاجتماع وهو كله حسرة وحزن على ما إل إليه النادي الأولى بالعاصمة العلمية، فقلب المسكين لم يتحمل كل هذا العبث والسلبية والانحطاط المحيط من كل جانب بعائلته الثانية.
رحل عنا سي حميد، ولن نصادف مرة أخرى -وكالعادة- في كل فرصة سانحة ذاك الوجه البشوش والابتسامة الدائمة، ولعل أفضل هدية يمكن أن يقدمها الفرقاء داخل الماص لروح فقيد الرياضة الوطنية، هي عودة التوافق لفريق المغرب الفاسي، والإجماع حول مصلحة هذا النادي التاريخي، الذي أهدى لكرة القدم الوطنية نتائج كبيرة ومنح المنتخبات المغربية نجوما كبارا، دافعوا بسخاء عن القميص الوطني، وفي مقدمتهم الفقيه الهزاز الذي سيبقى اسما موشوما في القلب والذاكرة …
محمد الروحلي