«الوصول إلى القمة سهل، ولكن البقاء هو الأصعب…»
قول يتردد كلما سجل إنجاز، أو تحققت نتائج متميزة، مع التنبيه إلى أهمية الحفاظ على نفس المستوى من العطاء.
إلا أن ما حققه الفريق الوطني المغربي لكرة القدم بمونديال قطر 2022، لا يقارن أبدا بالنتائج العادية، أو ضربة حظ، أو التقاء عوامل إيجابية، ساهمت في تقديم نتائج جد إيجابية.
فالقول المأثور، لا ينطبق تماما على مسار أسود الأطلس، لأن ما تحقق يفوق الخيال، بل غير مسبوق في التاريخ، ولم يكن من السهل الوصول إليه، وبالتالي فإنه يعد إنجازا استثنائيا، وأوجه التشابه هنا تكمن، في كيفية الحفاظ على نفس الإبهار، خلال القادم من الاستحقاقات.
قدمت العناصر الوطنية بالمونديال القطري، منجزا كتب بمداد الفخر والاعتزاز، ولم يكن بطريقة سهلة، ولا في المتناول، بل تطلب مجهودا خرافيا أبهر العالم، واجه خلاله أعتد المنتخبات، وأقوى المدارس على الصعيد العالمي، واستطاع تحقيق التفوق المطلق أداء ونتيجة ومستوى لافتا.
فالمسؤولية الملقاة على العناصر الوطنية، أصبحت جد ثقيلة، بعدما أصبحت تتكلم بلسان العرب، والأفارقة وكل الشعوب التواقة، إلى رفض الأحكام الجاهزة والنظرة الدونية.
والمؤكد أن الحفاظ على نفس المستوى المثير للإعجاب والتقدير، يتطلب مجهودا خرافيا، لأن عدم الوصول مرة أخرى لمرحلة متقدمة وتجاوزها، يعتبر إخفاقا ينضاف، إلى سجل المنتخبات والأندية التي سبق أن حققت نتائج باهرة، واختفت بسرعة عن الأنظار.
فهناك إصرار على أعلى مستوى، يحرص على ضرورة الاستمرار على نفس النهج الذي قاد إلى ما تحقق بقطر، مادام المسار الرائع لم يكن أبدا محض صدفة.
فاستراتيجية العمل التي طبقت خلال العشر سنوات الأخيرة، وتقوية البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية، والاهتمام بمجال التكوين، روافد قادت إلى إرساء بنيات أساسية لممارسة سليمة، على الأقل على مستوى المنتخبات الوطنية، بجل الفئات، ذكورا وإناثا.
وإذا كان هناك اتفاق عام، على أن التخطيط الذي اتبع خلال السنوات الأخيرة، قاد إلى ما تحقق من نتائج هزت عالم كرة القدم، فلابد من مواصلة، نفس الاهتمام، ونفس الحرص، ونفس اليقظة، فالممارسة تتطور باستمرار، وكذلك باقي المنتخبات بمختلف القارات، والمونديال الأخيرة أكد أنه لا كبير في كرة القدم؛ بقدر ما ترتبط النتيجة أساسا، بالتخطيط السليم والتهيىء الجدي وتوفير الإمكانيات الضرورية.
ولعل أكبر ضمانة للحفاظ على نفس المستوى، وجود رعاية سامية من أعلى سلطة، جلالة الملك محمد السادس الذي أظهر دائما اهتماما غير عادي بالمجال الرياضي عموما، وكرة القدم على وجه الخصوص، وهذا ما تأكد مرة أخرى، من خلال الاستقبال السامي الذي خصصه جلالته للوفد الرسمي، وتوشيح صدور المتألقين بأوسمة ملكية.
هناك أيضا وجود شخصية غير عادية على رأس الجهاز الجامعي، فوزي لقجع صاحب التفكير المتقدم، والكاريزما المؤثرة في الاتجاه الإيجابي، قيادي بكل ما للكلمة من معنى.
المغرب قادر إذن على مواصلة مسار التألق والإبهار، والاستمرار في النجاح يتطلب مواصلة العمل بـ «النية»، والنية هناك تعني حسن السلوك والإرادة الحقيقة من طرف باقي المتدخلين المفروض فيهم رفع الإيقاع وتجاوز صغائر الأمور…
>محمد الروحلي