أكدت بسيمة الحقاوي وزيرة الاتصال بالنيابة أن الصورة الصحفية بالمغرب لم تأخذ حقها، وظلت لزمن طويل تعتبر مكملة فقط للتحرير الصحفي، معتبرة أن التصوير الصحفي مجال قائم بذاته وأساسي بالنسبة لمهنة الصحافة.
وقالت بسيمة الحقاوي في مداخلتها، ضمن لقاء تواصلي نظمته وزارة الاتصال أول أمس الخميس حول «الصورة في الصحافة بالمغرب، واقع الممارسة ورهانات التطور»، «اعترف أننا لم ننصف المصور ولم نعطه حقه، ولم يكن له في حفل الجائزة الوطنية للصحافة المغربية، موقعه الذي يستحقه»، مستدركة «لكننا اليوم ومن خلال هذا اللقاء نطمح أن ننصف المصور ونرد الاعتبار للصورة حتى يفهم المصور أنه ليس أقل شأنا كما قد يعتقد وهذا يتطلب منا -تضيف الوزيرة- أن ندشن عهدا جديد يعطي للصورة والمصور الصحفي قيمة ويكون في نفس مرتبة زملائه الصحفيين باختلاف تخصصاتهم».
وأبرزت المسؤولة عن قطاع الاتصال أن الصورة الصحفية أضحت ذات تأثير أكبر، ليس على الصعيد المحلي فحسب وإنما على الصعيد العالمي، خصوصا مع التطورات التي عرفتها التكنولوجيا في العالم.
وقدمت الحقاوي، في هذا الإطار، العديد من نماذج الصور التي أثرت في العالم، كصورة الطفل السوري «إلين»، الذي لفضته أمواج البحر على اليابسة، حيث أصبحت محطة نقاش عالمي ودولي حول الأوضاع المزرية التي أدت إلى هذا الحدث المؤلم، مبينة أن الصحفي المصور استطاع من خلال صورة أن يثير الرأي العام الدولي ويستميل اهتمامهم لحدث معين.
إلى ذلك كشف عبد الله البقالي رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، في اللقاء الذي سيره بنعيسى عسلون أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، عن العديد من الإكراهات التي باتت تواجه مهنة الصحافة ككل، والتصوير الصحفي بشكل خاص، حيث أماط اللثام عن عديد خروقات يعرفها مجال التصوير الصحفي، لا سيما انكباب العديد المصورين غير المهنيين على الساحة واستغلالهم لفضاءات الندوات التي تعد مكانا خصبا لاشتغال المصورين الصحفيين لتصبح، في نظره، مكانا لسلوكيات لا تمت لأخلاقيات العمل الصحفي بصلة، كبيع الصور وما إلى ذلك، داعيا في هذا السياق إلى ضرورة التجند لمحاربة هذه السلوكيات التي تضر بالجسم الصحفي، مشيرا إلى أن هناك فرقا بين المصورين الصحفيين، ومصوري «الحفلات والأعراس»، موضحا أن كل فئة مختصة في مجالها، وعليها أن تحترمه بدل الترامي على مهنة الصحافة بشكل عشوائي.
البقالي وفي معرض حديثه عن الإشكالات قال إن مهنة الصحافة أضحت تعاني في ظل الظروف الراهنة من العديد من الإشكالات مما يستوجب معه فتح نقاش وطني ومباشرة الإصلاح بشكل مستعجل بما في ذلك النهوض بأوضاع الصحفيين المصورين إسوة بزملائهم المحررين، بالإضافة إلى دعوته لتطهير المهنة من المتطفلين، على حد وصفه، وذلك للحفاظ على هوية مهنة الصحافة وقدسيتها.
بدوره توقف نورالدين مفتاح رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف عند الإشكالات العويصة التي أضحت تهدد وتعصف بمستقبل الصحافة بالمغرب، خصوصا الصحافة المكتوبة، وأكد على ضرورة إعادة طرح المسألة للنقاش من أجل إيجاد المخرجات الضرورية للارتقاء بهذه المهنة وإعادة التوهج لها، لا سيما ودورها المجتمعي في التثقيف والإخبار وما إلى ذلك من الأهداف الرئيسية للصحافة.
نور الدين مفتاح ومن خلال مداخلته دق ناقوس الخطر وحذر من تداعيات الأزمات المتتالية التي تهدد عرش السلطة الرابعة بالمغرب، خصوصا بعد إغلاق العديد من المؤسسات الصحفية مؤخرا، مشددا على ضرورة فتح ورش وطني للتفكير بطريقة جديدة ومتطورة في حلول قادرة على النهوض بالصحافة بالمغرب والارتقاء بها، والإصلاح بشكل مستمر ودائم.
وفي سياق متصل تميز اليوم الدراسي الذي احتضنه المدرج الكبير بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط بتقديم عروض موازية لفائدة المصورين الصحفيين، حول «الفتوغرافيا الصحفية، الإمكانيات وآليات تطويرها»، و»التصوير الصحفي في المغرب ودوره في الارتقاء بمحتوى الصحيفة» و»شروط نجاح الصورة الصحفية المهنية»، قدمها على التولي كل من جعفر عقيل وعبد الوهاب الرامي أستاذين بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، وموليم العروسي أستاذ بمدرسة الفنون الجميلة.
وتميزت العروض الثلاثة التي ألقاها الأساتذة المختصون في المجال بتقديم توضيحات مهمة بالنسبة للمصورين الصحفيين، حيث تناول بداية جعفر عقيل الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال في عرضه «الفتوغرافيا الصحفية، الإمكانيات وآليات تطويرها»، الصورة الصحفية كمادة في حد ذاتها، مقدما كيفية النهوض بها وبالعمل الصحفي، حيث دعا في هذا الصدد إلى مراجعة الأليات المعمول بها وتطويرها من خلال إعادة النظر في الجائزة الوطنية للصحافة المخصصة للصورة وتطويرها في اتجاه المشاركة بسلسلة موحدة بدل الصورة الواحدة، كما هو معمول به في العديد من دول العالم التي نجحت في هذا المسار بالإضافة إلى تشجيع المصورين الصحفيين على تنظيم معارض فردية وجماعية.
الأستاذ المختص أكد في مداخلته أن هناك عدة أفكار للنهوض بالتصوير الصحفي على غرار الأفكار السابقة، مستحضرا تجارب بلدان العالم التي استطاعت أن تمضي قدما في هذا المجال.
الأستاذ عبد الوهاب الرامي من جانبه لم يبخل على المصورين الصحفيين بمعارفه وتنبيهاته، حيث قدم في عرضه «التصوير الصحفي في المغرب ودوره في الارتقاء بمحتوى الصحيفة»، الدور الجلي الذي تؤديه الصورة والتي تلخص في أحيان عديدة ما يريد أن يكتبه الصحفي المحرر بحيث تؤثر بشكل كبير في المتلقي، لكن هذا في حالة ما إذا كانت الصورة حقا صحفية، يشير الرامي، معتبرا أن المصور الصحفي يتطلب منه أن يكون ملما بأكبر قدر ممكن من الثقافات وأن يكون شديد للإطلاع لكي يعطي صورته حمولة ودلالة، تتيح للمتلقي الغوص في أعماق هذه الصورة. داعيا إلى رفع الابتذال عن الصورة وجعلها ترقى لمستوى القراءة.
من جهة أخرى ربط الأستاذ بمدرسة الفنون الجميلة موليم العروسي في عرضه «شروط نجاح الصورة الصحفية المهنية» الصورة بالفن، معتبرا أن قوة هذه الصورة تكمن في جماليتها وفنيتها التي تتمتع بها. لأن الصورة، حسب العروسي، ليست مجرد تصوير لأجسام وأجساد فقط، بل هي بالضرورة نفاذ إلى قلب الأشياء وكشف الخبايا، وإعطاء قراءة معينة للمتلقي، فالصورة الصحفية هي صورة فنية بالأساس.
إلى ذلك تميز هذا اللقاء التواصلي الذي نظمته وزارة الاتصال بتقديم شهادات حية لمصورين صحفيين بالإضافة إلى تفاعلهم مع مداخلات الأساتذة والقائمين على تدبير شؤون قطاع الصحافة بالمغرب سواء في الجلسة الأولى أو الثانية، حيث عبر المصورون الصحفيون بدورهم، عن آمالهم وانتظاراتهم، وكذا رؤيتهم للنهوض بالتصوير الصحفي والصحافة بشكل عام بالمغرب.
محمد توفيق أمزيان تصوير: رضوان موسى