مجهودات جبارة بذلتها الحكومة في المجال الصحي والنواقص لازالت قائمة تتطلب عملا مضنيا

دافع الحسين الوردي، وزير الصحة، وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أول أمس الخميس، بالدار البيضاء، عن حصيلة حكومة عبد الإله بنكيران في قطاع الصحة، معتبرا إياها إيجابية على العموم.
وأكد الحسين الوردي، في اللقاء الذي نظمه قطاع الصحة بحزب التقدم والاشتراكية، بفندق “غولدن توليب فرح”، بالدار البيضاء، حول موضوع “أية رافعة من أجل إصلاح قطاع الصحة”، أن سياسة الحكومة مكنت، على الخصوص، من تعميم نظام المساعدة الصحية، ومن تخفيض أثمنة الأدوية، فضلا عن وضع المخطط الوطني للصحة العقلية والنفسية.
وقال الوردي، في هذا اللقاء الذي أداره أحمد زكي عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إن سنة 2016 تعتبر سنة النهوض بالموارد البشرية بالقطاع الصحي، وسنة تحسين الوضعية المادية لكافة العاملين بالقطاع، وكذا لظروف اشتغالهم.
وقال وزير الصحة، في هذا اللقاء الذي عرف مداخلات وتساؤلات كثيرة همت جوانب تعدت قطاع الصحة، إن جهود الوزارة ستنكب على الموارد البشرية من حيث التكوين والتكوين المستمر، وعلى مزيد من  الاهتمام بالشق الاجتماعي للعاملين بالقطاع، خاصة ما يتعلق بتسهيل الولوج للسكن، وتحسين ظروف العمل عبر تخصيص مليار درهم سنويا لاقتناء التجهيزات البيوطبية، وإعادة هيكلة المستشفيات الجهوية والإقليمية للرفع من جاذبية هذه المستشفيات والمساهمة في احترام مسالك العلاجات.
واستعرض الوزير خلال هذا اللقاء الإجراءات المتخذة لتمكين مسؤولي الأقاليم والعمالات من ممارسة مهامهم التدبيرية للقطاع الصحي الجهوي، المتمثلة في الهيكلة التنظيمية الجهوية للمصالح اللاممركزة، والصلاحيات الجديدة للمسؤولين الجهويين، ودور المديريات الجهوية للصحة في اللجان التي أسسها قانون 111-14 الذي يحدد آليات الحكامة الجهوية، والمهام المخولة للجماعات الترابية لتعزيز وحماية الصحة العامة، والتخطيط الجهوي لعرض العلاجات.
ولضمان تنزيل هذه الإجراءات على الصعيد الجهوي والإقليمي، أعلن وزير الصحة عن ثلاثة تدابير مواكبة، تهم إحداث المفتشيات الجهوية للصحة، وإطلاق برنامج لتنمية القدرات لفائدة المديريات الجهوية للصحة، وتنظيم زيارات تفقدية ميدانية، ستمكن من الاطلاع مباشرة على جودة تقديم الخدمات واستقبال المواطنين.
كما تطرق الوزير إلى البرنامج الخدماتي الجديد الذي أعلن عنه سابقا، ويشمل خدمات جديدة لتسهيل ولوج المواطنات والمواطنين للخدمات الصحية، من بينها خدمة “ألو 141- المساعدة الطبية المستعجلة” لطلب النقل الطبي للحالات المستعجلة، وخدمة “ألو موعدي” لأخذ مواعيد الفحص الطبي المتخصص بالمستشفيات العمومية، وخدمة “ألو شكاية” للتبليغ عن حرمان من خدمة مستحقة.
وقال الحسين الوردي إن “المنظومة الصحية توجد أمام رهان حقيقي، قوامه الإبداع والجرأة في التنزيل السليم للجهوية المتقدمة”، موضحا أن هذا الأمر لن يـتأتى دون تعزيز روح المبادرة والتضحية وتحرير الطاقات الخلاقة لدى المهنيين والعاملين بالقطاع، وكذا الحد من المثبطات والعراقيل ومعالجتها من خلال التدبير الجيد لأوراش الإصلاح الكبرى التي يعرفها قطاع الصحة.
واعتبر الوردي أن الجهوية المتقدمة تعتبر “إحدى الركائز الأساسية لتفعيل الحق في الصحة كما هو متعارف عليه دوليا وكما تم تكريسه دستوريا”، وأن تنزيل الجهوية على مستوى المنظومة الصحية سيحقق العدالة في الولوج للخدمات الصحية، والتخفيف من بعض الاختلالات المسجلة في الولوج إلى هذه الخدمات بين الجهات، وبين المناطق القروية والمناطق الحضرية.
وفي رده على العديد من تساؤلات الحضور حول مدى استجابة قطاع الصحة للحاجيات المتزايدة للمواطنات والمواطنين، استعرض الوزير أهم المنجزات التي انبثقت عن تفعيل خطط وبرامج العمل المتضمنة في الاستراتيجية الصحية 2012- 2016، مشيرا إلى أن المغرب أحرز تقدما ملحوظا في مجال بسط التغطية الصحية.
وتوقف المتحدث عند مشاريع الإصلاح القطاعي الذي شمل تنظيم عرض العلاجات وتشجيع الاستثمار في الميدان الصحي، وتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال صياغة ونشر النصوص القانونية المتعلقة بالخريطة الصحية، والقانون131-13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب وفتح رأس المال لغير الأطباء، والقانون 86-12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وبخصوص المداخلات المتعلقة بالحراك الجاري على بعد أشهر قليلة من الانتخابات وحظوظ حزب الكتاب فيها وتحالفاته المستقبلية، استهل الحسين الوردي ردوده بالدفاع عن مشاركة وزراء حزب التقدم والاشتراكية في حكومة بنكيران، معتبرا قرار الدخول إلى الحكومة صائبا هدفه “تعزيز الديمقراطية والحفاظ على استقرار البلاد، نظرا للظروف التي مرت بها المناطق العربية وما جرى في عدد من البلدان”، وتفعيل مضامين الدستور الجديد وتنزيلها تنزيلا سليما، مضيفا أن جل مشاريع قوانين هذه الحكومة خرجت إلى حيز الوجود والباقي يتم مناقشته على مستوى البرلمان أو على مستوى الأمانة العامة للحكومة.
وبعد ذلك شدد المتحدث على أن تحالف حزب الكتاب مع العدالة والتنمية والانخراط معه في الحكومة جاء لـ “النهوض بالاقتصاد المغربي”، ولا يمكن اعتباره مطلقا “تحالفا إيديولوجيا أو استراتيجيا”.
وعكس ما تروج له بعض الجهات، أكد الحسين الوردي على أن حزب التقدم والاشتراكية لا يحتاج لمن يدافع عنه، فتاريخه النضالي ومواقف رجالاته الثابتة التي استمرت لأزيد من 70 سنة، يقول المتحدث، “كفيلة بتمكينه من تبوأ مكانة متميزة في المشهدين الحزبي والسياسي في البلاد”.
وفي ردة فعل على سؤال أحد الحضور، قال الوردي في حديثه عن علاقته بحزب التقدم والاشتراكية “أنا  يساري تقدمي حداثي أعتز بالانتماء لحزب دافع، ولعقود من الزمن، على ثوابت المملكة، وعلى الأهداف التي أسس من أجلها، وهي الدفاع عن المكتسبات وعن الحقوق والحريات، وعن ترسيخ مكانة المرأة في المجتمع وصون كرامتها، وكذا تثبيت العدالة الاجتماعية، ووضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار”.
وأضاف الحسين الوردي بأن حزب التقدم والاشتراكية “حزب يولد الأفكار ويصرفها إلى أفعال على أرض الواقع الشيء الذي يترجمه عمل وزراء حزبه الذين تحملوا مسؤوليات قطاعية ونجحوا فيها إلى أبعد الحدود بمشاركة باقي زملائهم بالطبع في الحكومة وبتضافر جهود كل المتدخلين في إطار تنفيذ برنامج حكومي، صيغ وبتنسيق تام مع باقي مكونات التحالف الحكومي وبمصادقتها عليه”.
وتحت ضغط أسئلة الحضور، انتقل البروفيسور إلى الشق المتعلق بالسياسة الصحية التي يتحمل مسؤولية تدبيرها في البلاد، وقال في هذا الصدد بأن قطاع الصحة في المغرب ومنذ الاستقلال شهد تطورات كبيرة، وبدلت في شأنه مجهودات جبارة من طرف كل الحكومات المتعاقبة، إلا أن المجال الصحي في بلادنا، يقول المتحدث، لازال يعاني من نواقص وإكراهات بالجملة تتطلب نفسا طويلا وعملا شاقا مضنيا وتضافرا لجهود الجميع من أجل إصلاحه ووضعه على السكة الصحيحة عبر مراحل، ومن خلال استراتيجيات تم تسطيرها على آماد قريبة ومتوسطة وطويلة وبرؤية إصلاحية شمولية دقيقة.
وعرج الوزير الوصي على مشاكل القرى المغربية التي تعرف غياب البنيات التحتية، معتبرا ذلك وضعا غير طبيعي البتة وغير مقبول إطلاقا، مقدما إحصائيات خاصة بالتجهيزات البيو طبية والتي “لا تكفي لسد حاجيات مدينة كبيرة واحدة فما بالك بقرى  مترامية الأطراف وآهلة بكثافة سكانية كبيرة”.
يشار إلى أن أحمد زكي، عضو المكتب السياسي ومنسق قطاع الصحة بحزب التقدم والاشتراكية، شدد في بداية هذا اللقاء على أن حزب التقدم والاشتراكية سيصدر في وقت لاحق توصيات واقتراحات، مساهمة منه في جهود تحسين الولوج إلى خدمات هذا القطاع الحيوي.

مصطفى السالكي

Related posts

Top