محمد نبيل بنعبدالله يدعو إلى استثمار فصول الدستور لتعزيز المشاركة المواطنة

قال محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن 75 في المائة من المغاربة سيعيشون في المدن في أفق 2030 ، مضيفا أن تحديات كثيرة تواجه المغرب في ظل هذا المعطى الذي ينضاف له رقم آخر متعلق بنسبة 2٪ التي تحتلها المدن من المساحة العامة للبلد .
هذه التوقعات تقتضي، وفق ما جاء في كلمة افتتاحية للقاء الجامعة المواطنة التي نظمته مؤسسة HEM، يوم الثلاثاء الأخير، حول ”المدينة والمواطنة”، والذي احتضنه مسرح المعهد الفرنسي بمكناس، إيجاد مدن ملائمة لاحتضان الأعداد المتزايدة من السكان وتجهيزها بالبنيات التحتية والمرافق الأساسية كالمدارس والمستشفيات والأنشطة المنتجة للثروات كما أوضح ذلك وزير السكنى وسياسة المدينة السابق.
واستدل نبيل بعبدالله في هذا استحضار الحاجيات الملحة، بمضامين خطاب جلالة الملك إلى المشاركين في الملتقى الوطني حول الجماعات المحلية – بأكادير، والذي جاء فيه” لقد عرفت مدننا، نمواً ديمغرافياً ملحوظاً، وتوسعاً عمرانياً كبيراً، نتج عنه اختلاط ضواحي المدن بالمجال القروي، وتنامي حاجيات السكان، إلى التجهيزات التحتية والمرافق الضرورية. وذلك ما يتطلب اعتماد رؤية شمولية، تستهدف استباق أبعاد التوسع العمراني، والتحكم فيه، وفتح مناطق جديدة للتمدن، وخلق توازن بين المدينة والمراكز القروية المجاورة لها. غايتنا المثلى، ليس فقط تحقيق مدن بلا صفيح، ولا استبدالها بمساكن أشبه بعلب الإسمنت عديمة الروح الاجتماعية، وإنما بالأحرى، جعل مدننا ترتقي إلى فضاء للتساكن والعيش الكريم، ومجال للاستثمار والإنتاج، في حفاظ على طابعها الحضاري المتميز”.
وكشف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في خضم الحديث عن موضوع”المدينة و المواطنة”، الذي عرف حضور أطر وطلبة HEM وعدد من الفاعلين السياسيين والجمعويين والإعلاميين بمكناس، عن وجود مجموعة من المعيقات تقف أمام سياسة المدينة، أولها توفر إرادة سياسية حقيقية لأي حكومة، مذكرا في هذا الإطار بميزة حكومة 2012 التي سجلت سياسة المدينة في هرم الحكومة واشتغلت عليها، معتبرا ذلك غير كاف بالنظر لأن كثيرا من الوزارات المعنية لم تكن مستعدة للمضي في هذا الاتجاه.
وأوضح وزير السكنى وسياسة المدنية السابق أن هذه السياسة تحتاج إلى وقت من أجل أن تتجذر وتحتاج للإيمان بها من أجل النهوض بالسياسات العمومية وجعلها تنهض بأوضاع المدن، مستدلا في هذا السياق، بمرحلة تدبيره للقطاع الوزاري التي حاول خلالها على رأس الوزارة الاشتغال عليه، معتبرا أن المسؤولية السياسية تقتضي الفعل والعمل.
وبخصوص مدينة مكناس، قال بنعبدالله، إن تدبير هذه المدينة، التي تعرف مشاكل في عدة مجالات شأنها في ذلك شأن عدة مدن مغربية لم تأخذ بعين الاعتبار النمو الديمغرافي المتسارع بها، و ما يتطلبه من تعبئة موارد ضخمة وإمكانيات هامة لجعلها قادرة على مواجهة التحديات، ذاكرا في هذا الباب، ضرورة التجاوب واستثمار عدد من الفصول الدستورية، كالفصل 31 الذي يؤكد صراحة على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية، والحماية الاجتماعية، والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة، والحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة، والتنشئة على التشبث بالهوية المغربية، والثوابت الوطنية الراسخة، والتكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية، والسكن اللائق، والشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي، وولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق، والحصول على الماء والعيش في بيئة، والتنمية المستدامة.
كما دعا نبيل بنعبد الله، انطلاقا من الفصل 30 من الدستور، المواطنات والمواطنين إلى المشاركة من أجل التغيير، لأن عدم المشاركة وعدم ممارسة حقهم في التصويت، يوضح المتحدث، سيجعل الأساليب الدنيئة والفاسدة تستمر وكثير من الناس يستغلون هذا الوضع، بالإضافة إلى أحزاب معينة تسعى هي الأخرى لاستغلال الوضع.
وبعد أن أبرز الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نهج بعض الأحزاب أساليب جديدة كاستعمال المال في الممارسة اليومية وفي الفضاءات العمومية وفي أدوات التواصل الحديثة، عقب على ذلك بالقول إن “هناك من يمتلك الملايير من أجل خلق جيوش إلكترونية ويدفع مقابل ذلك”.
من جهة أخرى، قال بنعبد الله إن مدينة مثل مكناس وفاس لا يمكن أن تقلع بدون قرار مركزي وطني، ويجب على المنتخبين والأحزاب والجميع أن يضغط من أجل ذلك، لأنه غير معقول أن لا تستفيد مكناس وكثير من المدن الأخرى، مشددا على أن النهوض بمدينة مكناس يحتاج فعلا إلى قرار وتخطيط وعمل لمواكبة العدالة المجالية.
وعن المشاكل الاجتماعية، أقر بنعبد الله بوجود فوارق اجتماعية وانعدام التماسك الاجتماعي، مشيرا إلى أن المطلوب هو زرع الأمل من أجل العمل، مؤكدا على أن النهوض بأوضاع البلاد يحتاج، إلى جانب القرار السياسي والديمقراطية، إنتاج الثروة وذلك من أجل “أن نجد ما يمكن توزيعه”.
وأوضح المتحدث أن المغرب يحتاج إلى خلق الثروة في مستوى أرفع ويحتاج من 6 إلى 8 بالمائة كنسبة سنوية للنمو، داعيا إلى العمل من أجل ذلك، والمرور للسرعة القصوى من أجل تحقيق ذلك، ومن أجل صحة للجميع، ومن أجل سكن لائق للجميع حيث سجل بهذا الخصوص نسبة 13٪ من هذا النوع من السكن ، ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن ذلك رهين بقفزة كبيرة في النمو كما هو الشأن بالنسبة لكثير من الدول التي استثمرت الطاقات المتجددة في إطار الاقتصاد الأخضر.
وكان الرفيق محمد نبيل بنعبدالله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، قد فتح في بداية هذه الجلسة قوسا لطرح موضوع النقاش الدائر حول اللغة، الذي أكد أنه موضوع شبيه بذلك المسجل خلال الستينات، داعيا في الإطار إلى ضرورة الأخذ بالوسطية في هذا الباب، مستدلا في هذا الإطار بتجارب عدد من الدول كتركيا وأندونيسيا والصين، التي نجحت في مناهجها التدريسية بعيدا عن العصبية، ومشددا على ضرورة الاستفادة من تجارب الأمس وعدم تغليط الرأي العام بهذا الخصوص.

> مكناس: عزيز الفشان

Related posts

Top