تميز شواطئ الجديدة برمال ذهبية، ومواقعها التاريخية المتنوعة و المتميزة، بالإضافة إلى جوها الشعبي، الذي تتجسد في لطافة و لباقة سكانها، وما تشتهر به من مهرجانات متعددة، ومواسمها التراثية، التي تغري زوار هذه المدينة، وتجعل منها إحدى القبلات السياحية بالمغرب، ومنه مهرجان وموسم مولاي عبد الله أمغار، الذي سينطلق هذه السنة بتاريخ 4 غشت 2023إلى غاية 11 من نفس الشهر.
مع بداية كل فصل صيف جديد تتحول عاصمة دكالة، إلى وجهة مفضلة لعدد كبير من السياح المغاربة و الأجانب الذين يفضلون قضاء عطلتهم الصيفية بين شواطئها الجميلة المتميزة برمالها الذهبية المغرية، حيث تعرف هذه المدينة السياحية، خلال العطلة الصيفية، حركة غير عادية بسب كثرة الوافدين و الزوار الذين يأتون من مختلف المدن و المناطق الداخلية، كما تشهد رواجا ملحوظا على جميع المستويات، بل بدءا من حركة التنقل، حيث تمتلئ شوارعها بسيارات الزوار، بل تختنق حركة المرور، ويطول انتظار إشارة الضوء الأخضر، لأكثر من مرتين أو ثلاثة، ويجد العديد من الزوار والمحليين، على حد سواء، صعوبة في ركن سياراتهم، بالشوارع أو بمواقف السيارات، كما تتصبح المحطة الطرقية مكتظة بحافلات النقل والمسافرين القادمين من مدن مختلفة وخاصة من مدينة HYPERLINK “https://www.maghress.com/city/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%B4″مراكش، سطات، بني ملال، وخريبكة و غيرها .
وبسبب هذه الحركة الدؤوبة، ينتعش الرواج التجاري والاقتصادي، حيث تمتلئ الفنادق السياحية وتنشط حركة كراء المنازل والشقق المفروشة، وهي ظاهرة يعول عليها أغلب سكان المدينة، بل ينتظرونها بفارغ الصبر، لسد ديون السنة الماضية من جهة وادخار بعض النقود لمواجهة المصاريف القادمة مع بداية الدخول المدرسي وما يتطلبه من تكاليف باهظة .
تجهيز وكراء البيوت والشقق المفروشة
خلال مدة العطلة الصيفية، تعمل الأسر الجديدية على تجهيز البيوت و الشقق المخصصة للكراء، بكل الضروريات التي توفر الراحة للزوار، من أجل قضاء العطلة الصيفية، في أجواء مريحة و ممتعة ، و بالمناسبة نجد العديد من هذه الأسر من تحرم نفسها من مشاهدة التلفاز لتوفره للزبون من أجل إرضائه، حتى وان كان هذا الزبون يريد قضاء ليلة واحدة فقط، بل أكثر من ذلك فبعض الأسر تضطر للسكن في بيت واحد أو في سطح المنزل لتوفر شقة مجهزة للكراء ، تدرعليها مداخيل ماديةتسد حاجيات هذه الأسر و تخفف عليها بعض التكاليف والأعباء.
وفي هذا الصدد تجتهد الأسر الجديدية ، من أجل توفير جميع أدوات الراحة للزوار، وتعمل على تنويع عروض الكراء ، مراعية ظروف وحاجيات الزبائن المختلفين، وحسب إمكانياتهم المادية ، حيث توفر غرفة واحدة لمن يرغب في كرائها لوحده، و في نفس الوقت توفرشقة مجهزة بكل متطلبات الحياة.كما تتنوع اثمنة الكراء ، بحسب المناطق و الأحياء السكنية الشعبية والراقية، القريبة من الشواطئ أو البعيدة عنها، ثم المجاورة للأسواق الشعبية و المحلات التجارية و المقاهي التي تعد مختلف المأكولات، و قد يتراوح كراء الغرفة الواحدة ما بين 200و300 درهم لليلة واحدة، وحسب التجهيزات المتوفرة و الموقع، في حين أن المنازل المجهزة والتي تتوفر على كل الضروريات، فثمن كرائها قد يصل إلى 500 درهم لليلة واحدة، دائما حسب موقعها وقربها من الشاطئ . أما ثمن كراء الشقة المجهزة و المفروشة ،فقد يتراوح ما بين 600 إلى 800 درهم لليلة والواحدة. وتبقى هذه أهم أساليب الكراء المتعارف عليها في المدينة لكون أغلب الزبائنيفضلون قضاء حوالي أسبوع أو عشرة أيام، وقليل منهم من يفضلن كراء شقة مفروشة لأسبوعين أو ثلاثة أسابيع.
انتعاش ظاهرة السماسرة الموسميين
علاقة بموسم الصيف وكراء المنازل والغرف أو الشقق المفروشة، تنتعش ظاهرة السماسرة الموسميين، أو يعرف بأصحاب ” تحريك المفاتيح ” و يصبح كل عاطل عن العمل سمسارا، منهم التلاميذ، الطلبة، والرجال ثم النساء ربات البيوت، والبعض من أصحاب المهن الحرة مثل بائع متجول للفواكه أو ماسح للأحدية أو خراز…، حيث ن يفضلون تغيير حرفهم بشكل مؤقت، و يجدون في عملية السمسرة، أسلوبا مربحا لهم، لا يتطلب سوى معرفة عناوين بيوت وشقق الكراء. وينتشر هؤلاء السماسرة الموسميين في الأماكن الحساسة جدة، منها على الخصوص جنبات المحطة الطرقية والشوارع الرئيسية المؤدية إلى وسط المدينة، حيث نجدهم مصطفين على قارعة الأرصفة ،وهو يتسابقون فيما بينهم ، ويحاول كل واحد أن يفوز بأكبر عدد من الزبائن، مستعملا أساليب الإغراء منها توفير الراحة و الأمن ثم السلام. ويتميز هؤلاء السماسرة الموسميين بخاصية تحريكالمفاتيح بأيديهم، وجعلها تطلق أصوات رنانة يصيب أذن الزوار و الراغبين في الكراء، و نجدهم يتوجهون بسرعة صوب كل سيارة بدت لهم أجنبية من خلال ترقيم لوحتها، أم لكل راغب في كراء ، يعرفونه من خلال عينيه أو عيون أفراد اسرته، و هم يبحتون و يفتشون بأعينهم في أسماء الشوارع أو الأزقة و الأحياء، ولعل المحترفين من هؤلاء السماسرة المؤقتين، قد اكتسبوا تجربة على مر السنين ،وأصبحت لديهم الحاسة السادسة، في معرفة من يريد كراء غرفة أو شقة.
و الملاحظ أن العديد من الزوار يفضلون الكراء عبر وساطة هؤلاء السماسرة المؤقتين، لأن أتعابهم المادية تكون جد مناسبة، مقارنة مع السماسرة المهنيين المعترف بهم من طرف السلطات المحلية. غير أن هذه الظاهرة غيرالمنظمة تعرف ، من حين لآخر، بعض السلوك والممارسات غير المقبولة بل تشوهسمعة الحرفة المؤقتة، و تسيئ للميدة برمتها، خصوصا عندما نجد هؤلاء السماسرة يتسابقون ويتزاحمون للظفر بالزبون، وغالبا ما ينتج عن هذا السلوك، شنآن و خصام قد يتطور إلى مشادات كلامية، لا سيما بين النساء، تتطور إلى سب وشتم تنتهي فصولها في مخافر الشرطة.
و تحاول السلطات الأمنية محاربة هذه الظاهر غير المنظمة، غير أنها تجد صعوبة كبيرة، وهي تطاردهم بشكل يومي، من شارع إلى أخر، ومن حي لآخر، لكن دون جدوى، لتحايل هؤلاء السماسرة الموسميين على القانون. مع العلم أن هؤلاء السماسرة المؤقتين عندما يتوسطون في عملية الكراء، يؤكدون لصاحب المنزل أو الشقة، أنهم لا يتحملون أية مسؤولية هوية الزبون ، و هو ما يفرض على صاحب المنزل مطالبة الزبون بنسخة من بطاقة هوية، تحسبا لأي مشكل ،وإذا كان الزبون رجل رفقة امرأة فإنهم يطلبون قعد الزواج. وهي الشروط التي تنصح بها مصالح الأمن الوطنية، حماية لصاحب المنزل من أية مساءلة.
عادات سكان وزاور المدينة
تتغير عادات سكان مدينة الجديدة وزوارها، خلال موسم الصيف، بدءا من وقت استيقاظهم و موعد غذائهم ووقت نومهم بالليل، حيث يصبح نهارهم كليلهم، فأغلب الأسر لا يستيقظون إلى في حدود الساعة الحادية عشر، باستثناء من يشتغلون، و تصبح وجبة الفطور ،هي وجبة الغداء، الذي يتغير وقته من منتصف النهار إلى حدود الساعة الرابعة مساء، بعد عودة أغلب أفراد الأسرة من البحر.
كما تستمر الحركة و التجول بجانب الشواطئ و فضاءات السهرات الفنية و الترفيهية،إلى ما بعد منتصف الليل بساعتين أوأكثر.
وفي النهار تبدأ الحركة في النشاط حوالي الساعةالعاشرة صباحا، حيث يخرج السكان المحليون والزوار ، من أجل التبضع و آخرون يفضلون التوجه إلى شاطئ سيدي بوزيد، محملين بلوازم البحر الذي يكاد شاطئه يضيق بهم أحيانا، حيث يمتلئ عن آخره، خصوصا مع ارتفاع درجة الحرارة. وتتوزع أنشطة المصطافين، المحليين و الزوار ، على حد سواء، بين ركوب أمواج البحر وممارسة الرياضة أو أنشطة ترفيهية أخرى. ويفضل أغلب المصطافين العودة إلى منازلهم بعد منتصف النهار على الساعة الثالثة أو الرابعة، بعد أن يشتد جوعهم و تنخفض درجة الحرارة بعض الشيء.
وفي الليل تمتلئ الشوارع بالمارة التي تفضل المشي على جنبات شاطئ البحر، الذي يعتبر المتنفس الوحيد، وذلك في انتظارموعد انطلاق الحفلات الموسيقية التي تنظم إما بحديقة محمد الخامس أو بملعب أحمد الأشهب، أو بفضاءات عمومية أخرى، كما يشهد شاطئ سيدي بوزيدفي بداية فترة الليل حركة نشيطة جدا، إذ يغري نسيمه العليل، وأضواؤه الساطعة الزائر فتجعله يفضل ذلك على ما سواه من أماكن أخرى، وما زاد من إغراء الزوار و سكان المدينة أيضا ، هو ظاهرة المقاهي المتنقلة ، التي أصبحت منتشرة على طول جنبات شاطئ الجديدة في اتجاه منتجع سيدي بوزيد، الذي يعرف أعدادا كبيرة من المقاهي المتنقلة، و التي أصبحت قيمة مضافة يفضلها الجميع، بدليل أن أغلب الناس تختار احتساء فنجان قوة على جنبات الشاطئ و تحت النجوم الساطعة من السماء و أضواء المدينة ، التي تحول الليل إلى ما يشبه النهار،هذا إضافة إلى فضاءات تهتم بالأطفال وتوفر للصغار وسائل الترفيه والراحة.
شواء السمك على قارعة الطريق
يتميز فصل الصيف بمدينة الجديدة ، بانتشار ظاهرة شواء السمك على قارعة الطرقات و جنبات الأزقة و الأحياء الشعبية، حيث تتحول أغلب الأزقة في الأحياء الشعبية إلى مقاه مؤقتة يتصاعد منها الدخان و تنبعث منها رائحة شواء السمك، وبداخلها نجد زبائن من مختلف الشرائح الاجتماعية، يجلسون إلى موائد عليها أطباق السمك المشوي، الذي يصبح الأكلة المفضلة عند الزوار والسكان المحليين.
هذه الظاهرة تشتهر بالجديدة، أمام أعين السلطات المحلية، التي تغض الطرف، لكونها تعرف أنها مقاهي مؤقتة، وأنها تحل إشكالية الاكتظاظ ببقية المقاهي ، كما أنها تساهم في جلب الزوار الذين يفضلون المدن المتميز بالمستوى المعيشي البسيط.
وهي مناسبة أيضا لعدد من العاطلين عن العمل، والذين يختارون هذه الحرفة الموسمية لسد حاجياته اليومية، حيث يختارون أمكان فارغة وسط الحي أو عند مدخله، ويقومون بنصب خيمة من البلاستيك و يعملون على توفير بعض الموائد والكراسي، ثم مشواة وبجانبها كيس أو اثنين من الفحم، وطبعا كمية كبيرة من السمك المخصص للشواء، وفي منظر جميل يشاهد الزوار دخانا خفيفا متصاعدا وخيمة شعبية من البلاستيك، وأناس يجلسون في فضاء عمومي حر طليق، وهو يستمتعون بأكلة السمك المشوي، وينظرون على الشارع حيث المارة ذهابا و إيابا، أغلبهم بلباس صيفي متميز عن بقية المارة، ولا حرج في ذلك بدعوى أن الجميع في عطلة صيفية.
< محمد الغوات