مركب البيضاء نموذج صارخ للفساد

وسط بحر آخر أسبوع من سنة 2022، السنة التي تميزت بإنجازات باهرة لكرة القدم الوطنية، جاءنا خبر لا يتماشى، مع ما تحقق، ومع ما يتم التخطيط له من مشاريع، تهدف إلى ضمان الاستمرارية بنفس متجدد.

يهم الخبر مركب محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء، واحد من المرافق الرياضية التاريخية، خصصت لها ميزانيات مهمة، على أمل إصلاحه وتجديد مرافقه.

أغلق أكثر من مرة، وفي كل مناسبة ننتظر ظهوره بحلة جديدة، تتطابق مع المعايير الدولية، لكن في كل مرة أيضا يصدم الرأي العام، بعدم الوصول هذه الإصلاحات والأشغال المستمرة منذ سنوات، إلى المستوى الذي يجعل هذا المركب/المعلمة، يصل إلى التكامل المطلوب على مستوى مرافقه وبنياته وتجهيزاته.

هذا المركب منح الأسبقية في كل الترشيحات التي تقدم بها المغرب لاحتضان كأس العالم لكرة القدم، ودائما ما كنا نسمح من المختصين، أن هناك عيوبا، وغياب مرافق أساسية، وصعوبة المسالك، وغيرها من الملاحظات الجوهرية، كما أن عشبه تحول إلى لغز محير، بالنظر إلى السوء الذي تعاني منه أرضيته على طول الموسم، أضف إلى ذلك افتقاده إلى التجهيزات الأساسية كمواقف للسيارات وغيرها.

آخر الأخبار الصادمة، جاء من الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) الذي رفض تقنيوه قبول مركب “دونور”، ضمن دفتر التحملات الخاص باحتضان مونديال الأندية بالمغرب الشهر القادم.

لم يكن هذا الرفض غريبا أو غير منتظر، فالواقع يقول إن المسألة منطقية وعادية، مادام هذا المركب يعاني أصلا من مشاكل بنيوية؛ رغم خضوعه لإصلاحات، تؤكد التجربة أنها كانت عشوائية، وتفتقد للدقة والحرفية المطلوبة، رغم ما كلف من ميزانية تصل حسب ما جاء على لسان مسؤولين بمجلس مدينة الدار البيضاء إلى 22 مليار سنتيم على دفعتين.

حالة هذا المركب الذي ارتبطت به أمجاد كرة القدم الوطنية،  منذ عدة عقود، تسائل مجموعة من الأطراف، منها مجلس المدينة، وشركتي التهيئة والتنشيط، ومن ورائهم وزارة الداخلية، الجهة المفروض أن تتبع وتراقب، وتتخذ قرارات حازمة في الوقت المناسب.

تم صرف ميزانيات مهمة، والنتيجة لا الشيء، وكأنها رميت في البحر، مبلغ كان كافيا لتشييد مركب جديد بمواصفات حديثة، تقوي البنيات التحتية للرياضة الوطنية عموما.

فهل تم الوقوف على كيفية صرف المبالغ؟ أو تتبع طرق الإنجاز أو مراقبة الجودة؟ وكيف تمت الموافقة على تصاميم التغييرات التي تضمنها دفتر التحملات؟ هذا إذا كان بالفعل هناك كناش تحملات بالطريقة المثلى، قبل تفويت المشروع، لجهة معينة بالذات دون غيرها.

واقع مركب محمد الخامس نموذج لحالة الفساد المستشري، والجاثم بقوة على مختلف مفاصل مدينة كبيرة كالدار البيضاء، مشاريع مفتوحة منذ سنوات في كل الربوع والأرجاء، تبدأ دون أن تصل إلى ختام الأشغال، كحالة شاذة نتج عنها واقع من الضياع تعيشه العاصمة الاقتصادية للمملكة، دون أن تتفضل جهة من الجهات، لوضع حد لكل هذا التسيب والفوضى، والعشوائية التي تخيم بظلالها على مدينة تصنف ظلما بـ “المدينة الذكية”.

فما هو الحل إذن؟

أولا: لابد من افتحاص الطريقة التي تمت بها عمليات إصلاح المركب، والوقوف على حقيقة التكلفة المالية، ومستوى التغييرات المنجزة.

ثانيا: اتخاذ قرار حازم، أما بإزالة المركب نهائيا من وسط المدينة، أو إغلاقه كليا إلى حين إصلاحه وفق معايير دولية، وتحويل مباريات فريقي الوداد والرجاء البيضاويين مؤقتا، إلى ملعب العربي الزاولي بحي عين السبع.

ثالثا: تكليف جهة أخرى، بتتبع المركب ومراقبته وصيانته، عوض مجلس المدينة الغارق أصلا في البيروقراطية وتهافت أعضائه على الامتيازات، وغياب الكفاءة وضعف التكوين.

رابعا: إعادة النظر في الطريقة التي تتم بها عملية الإصلاح، وفتح المجال أمام كل المؤسسات، الراغبة في كسب المشروع، وفق فتح للأظرفة بطريقة شفافة وواضحة، تطوي وتضع حدا للكولسة وعمليات التفويت بطرق غير مشروعة…

محمد الروحلي

Related posts

Top