مسؤولية وحيد زمانه

لم يمتلك المدرب وحيد خاليلوزيتش الشجاعة لمواجهة أسئلة الصحفيين، ومن خلالهم مخاطبة الرأي العام الوطني، بعد الإقصاء المر الذي حصده الفريق الوطني المغربي لكرة القدم في ربع نهاية كأس الأمم الأفريقية بالكاميرون، بعد هزيمته أمام منتخب مصر بهدفين لواحد.
وحيد توارى عن الأنظار، مباشرة بعد الإعلان عن نهاية المباراة، فبعد أن رفض الإدلاء بأي تصريح بالمنطقة المختلطة، تخلف عن الندوة الصحافية التي تعقد تحت إشراف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وهو سلوك غير مقبول من طرف مدرب يصنف نفسه ضمن خانة المحترفين، مما سيعرض الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لعقوبات مالية، من طرف (الكاف).
وحيد زمانه تعود على حضور الندوات الصحفية قبل وبعد المباريات، وكثيرا ما تباهى بالجرأة في الدفاع عن طريقة عمله، وتقديم تفسيرات لأسباب اختياراته الهجينة، وخلال مباراة ثمن النهاية أمام منتخب المالاوي، قال للصحفيين أنه ينام مرتاحا عندما يتعرض للشتم والسب.
الواقع أن مسار المنتخب المغربي تحت قيادة وحيد، والذي وصف بالإيجابي غلط كثيرا الرأي العام، كما أن النتائج المحققة لعبت دور الشجرة التي تخفي الغابة، انضاف إلى ذلك تحسن ترتيب المنتخب على المستويين القاري والدولي، إلى درجة اعتقد الكثيرون، أن “أسود الأطلس” قادرون على التتويج.
هذه الوضعية جعلت وحيد يعتقد أنه مالك الحقيقة، مع أن أسلوب اللعب، وطريقة الأداء، ومنهجية الاختيار، معطيات كانت تفيد بأن الأمور ليست على ما يرام، وغير مطمئنة تماما، مادامت أغلب النتائج تتحقق في غياب الإقناع.
وهناك معطى آخر تجاهله هذا المدرب البوسني الأصل والفرنسي الجنسية، يتجلى في كون المنتخب لعب أغلب المباريات الإقصائية ذهابا وإيابا بالمغرب، كما واجه منتخبات ضعيفة، تعتبر من الصف الثاني، وبالتالي، فإن التبجح بما تحقق، يعتبر تغليطا مع سبق الإصرار والترصد.
وجاءت مباريات كأس إفريقيا في نسختها الـ (33)، لتكشف بوضوح أن المنتخب المغربي يعاني من ضبابية الصورة، زادتها غرابة الاختيارات وكثرة التغييرات قتامة، انتصار صغير على حساب منتخب غاني فقد الكثير من مناعته منذ سنوات، ثم انتصار بشق الأنفس على حساب جزر القمر التي تشارك لأول مرة في النهائيات، تعادل ضد الغابون بهدفين لمثلهما، من ضربة جزاء وضربة خطأ مباشرة، أمام خصم قدم أداء جيدا رغم افتقاده للكثير من الركائز الأساسية.
في دور الثمن ضد مالاوي، كان المنتخب الوطني منهزما بهدف لصفر، ليتمكن من الفوز بهدفين، هدف التعادل وقعه يوسف النصيري في نهاية الشوط الأول، أما إصابة الفوز فجاءت مرة أخرى، من ضربة خطأ مباشرة نفذها مرة أخرى المنقذ أشرف حكيمي.
هذا المسار غلط كثيرا وحيد، وغلط معه الجمهور العادي العاشق للفريق الوطني، إلا أن المختصين كانوا على يقين بأن الأداء، معرض في أية لحظة للهزات لنظرا لغياب الإقناع، وعدم إعطاء أية إشارة اطمئنان.
وهذا ما تأكد بالفعل أمام منتخب مصري مقاتل، فالبرغم من تسجيل السبق في الدقيقة السابعة بواسطة سفيان بوفال، ومرة أخرى من نقطة الجزاء، إلا أنه لم يعرف نهائيا كيف يستغل هذا العامل المفاجىء، فعوض تغيير طريقة اللعب، والاعتماد على الحملات المضادة الخاطفة، قصد تعزيز السبق، ظل يتفرج على تراجع مهول للاعبين، والدفاع بطريقة بدائية، وتحمل ضغط المصريين، وامتلاك كلي للكرة، وتسيد مجريات المباراة في جل الفترات.
وقع المصريون هدف التعادل، ومع اقتراب المباراة من نهاية الوقت القانوني، سارع صاحبنا إلى إدخال كوكبة من المهاجمين، كان يحتفظ بهم بثلاجة الاحتياط أو يبقيهم بالمدرجات.
في الشوط الإضافي الأول، أضاف المنتخب المصري الهدف الثاني، محققين فوزا مستحقا قادهم إلى نصف النهاية لمواجهة الكامرون، ومناقشة حظوظ التتويج.
وبعد انتهاء الحكاية، شرعنا مرة أخرى في استعادة شريط الإخفاقات، وترديد حكايات الهزائم والنكسات المرة، والتي تخلف في كل مناسبة، تذمرا كبيرا وسخطا عارما يعم مختلف الفئات.
ما هي الأسباب المباشرة، وغير المباشرة؟ من يتحمل المسؤولية كاملة؟ كيف يمكن الخروج من عنق الزجاجة؟ وما هي الوصفات والحلول الكفيلة بتغيير واقع الهزائم؟ كيف يمكن فتح عهد جديد يقود إلى تحقيق آمال الجمهور الرياضي الوطني التواق، إلى مشاهدة إنجازات وتتويجات تلبي طموحه.
المؤكد أن كل هذه الأسئلة وغيرها، ستبقى معلقة، وبدون إجابة شافية، مادام واقع الحال لم يتغير، رغم المجهود المبذول على أكثر صعيد، ورغم توفر الإمكانيات المطلوبة…

محمد الروحلي

Related posts

Top