مسرحية “المرشومة” أو حين تضيع الأحلام أمام جبروت الواقع

 عندما تتاح ل فرصة مشاهدة مسرحية “المرشومة”، فإن أيد ستمتع بفرجة رحية غاية في الجمال، في تناسق مذهل بين النص والإخراج والأداء المتميز لتوّن في النهاية لوحة فنية غاية في الروعة .. مسرحية المرشومة  مونودراما  نسائية متميزة، قاربت من عرضها الأربعين، عرضت في مختلف المسارح وطنيا وعربيا، وحصدت جوائز مختلفة ان آخرها بالقصر الثقافي لبلدية تونس القصبة أبريل الماضي. المسرحية من إبداع فرقة القناع الأزرق بالجديدة وتأليف الأستاذ عبد الإله الرابحي ومن إخراج متميز للفنان المسرحي عبد الرحيم النسناسي وتشخيص الفنانة الواعدة خديجة نقاط.
 صاحت المرشومة وقالت: “…ياه شحال قديمة هاذ لبلاد… ياه شحال سيرتها طويلة، وعامرة بشلّ حايات… تحي حاية المرشومات ..”
 المسرحية تجرنا إلى ما جاء في حايات الموروث الشعبي، خاصة من بادية الشاوية، وبين الواقع المعاش اليوم ترسمه لوحات النص بفنية في مقاربة أريد لها أن تشف عن ظروف حياة قاسية ومعاناة يومية من أجل لقمة العيش وبين عمق إنساني له شغف  للتغيير والحرية والعيش برامة. مقارنة تحيلنا على أن المرأة لم تن أبدا مستسلمة للظروف، بل دائما انت في الصفوف الأولى لمواجهة ل التحديات..
 المسرحية تشف أن الصراع من أجل الحياة هو صراع بين فقر وحياة ريمة، بين الظلم والحرية.. ل هذا ان في انتقال جميل بين لوحات المسرحية التي  تحي حاية ” فتاة من ريف الشاوية انتظرت خطيبها سبع سنوات وتحي بحرقة عن..” صبيان الدواور، دو للي نت بيناتهم نلعب لعبي ثقال، حاضية لهلال، قلت نصوم رمضاني الأول، ورجعت أحمان من دروب المدينة… شي قال خطفات الضواو شي گال: أوه لا هو حمان فارغ؟ … يا حمان مقابل شغلو في المدينة يتحرق ما يتم.. وشي قال.. جيتو في العشوية قرايتو الفاتحة قالو لي رشم حمان وعقب للمدينة رشمتيني أحمان ي خروف العيد وسماوني المرشومة…”.
 بعد 7 سنوات من الانتظار عاد حمان، وانتقلت المرشومة معه للعيش في المدينة ان حمان يشتغل حارس لعمارة من 3 طوابق  وان السن هو قبو العمارة المظلم ،وهنا تعيش المرشومة ظروفا لا تشبه  ما رسمته في مخيلتها و تقتل تل فرحتها.. “عمري احمان ما شت معا النهار لبيض… جيتي مع لغبشية… قصدتي مّي حنا، مولات الري والشوار…. والمرشومة من فرحتها نقزات لمطمورة… لهلا يخيرنا فهم… جيتي مخطوف گلت لفجر يودن علي فلمدينة… نعرسو أحمان؟ … لا … لا… ما نصيبش.. وتخطفات المرشومة…. زگلات بير الدوار وطاحت فبير البران… مجاورة لفيران… الظلمة بالنهار الگهار… “
لتتعمق المأساة الاجتماعية للمرشومة بعد وفاة زوجها مدهوسا بقطار.. لتواجه  ظروف اجتماعية يغطيها العوز وضيق ذات اليد وهنا تقف امام الواقع الذي لا يرتفع لتنتصب امامها حايات امها عن نساء صنعن تاريخا بنضالهن ضد الظلم و ضد الاستعمار و ان مصيرهن النسيان والتجاهل في مجتمع ذوري متجبر.. “وان حمان قبل ما يضربو تران، شاهد على طب الغوت من يام الشاوش داماد والاشوش باحماد، وشاهد على حاية لفحلات.. دو للي طاحو سهوة من جغمات لقلام… دو لمات للي رماو لعار وتسوخرو اللور، وقلدو دو اللي دونو ونساو. ياه… نتوما مالم نسيتو… يا هما لفحلات اللي عاشو سيرة ليام، وهما للي رجمو الشيطان… والرجال فينا انو غير رجال النهار، يف قصة بحر الظلمة، الليل فيه يحم ضو النهار..”
فأرادت المرشومة ان تسير على خطى تل النساء وأن تواجه ل الصعاب من أجل تحقيق الذات واثبات ان المرأة قادرة ما انت أن تافح من أجل ذل الحلم الذي يعتري ل انسان بالحرية و الرامة..
فالمسرحية ليست حاية فتاة من الريف ضاعت أحلامها بعد سنوات من الانتظار، انت تعتقد أن غدها سيون أفضل من واقعها المعاش، فتسرت أحلامها على صخرة واقع بئيس تتحطم فوقه ل الأماني الممنة  لتنتفض على هذا الواقع ومواجهة  الحياة والخروج من قبو تحت عمارة والتطلع الى رؤية الشمس .. تماما ما فعلت نساء حين واجهن الظلم والمستعمر بشجاعة بيرة دونها الموروث الشفاهي الشعبي عبر عدة قصائد مازالت لحد الساعة شاهدة على  ما قدمته النساء في وقت ان القمع هو سيد الموقف: “( ويلا نسيتو نعقلم…) انت الردة وگبلها خربوشة، وگبلها يطو وگبلها انت البانية الجامع لبير… وبلها انت زهرة اغمات… وگبلها انت نزة الحامة لبلاد ما بين السلطان والسلطان… وگبلها انت زهرة بنت منصور ما بين بني مرين وبني وطاس… وبلهم اع انت الزاهية مولات لرض المحروة (نتوما دونو ولا تنساو).. وشحال گدي ما نعد… تاريخ لمرا فبحر الظلما تاريخ مغيار..”.
 انتقال المسرحية بين لوحات مختلفة تظهر بين الحاضر بل صور البؤس وبين عمق تاريخي لصمود المرأة، هي رسالة أن لا شيء يمن تحقيقه دون إرادة  ..” أتوما لاش عايشين گاع…. اتا هز راس فيا.. أتوما مالم ولفتو حدير الراس… اتا حنزز وخرج عيني…”.
 إنها “المرشومة” أو احتفالية بالمرأة في مونودراما،  لما أعدت مشاهدتها ستتشف أن عدد “المرشومين” يزداد  مادام هنا تطلع إلى الحرية وحياة أفضل.. ”  (انتوما مالم نسيتو أملين لقلم… ولا صحاب الشطّار… احمان… طامعين فلي شاط من نص العود… وراه ما بغاينا ورث… بغينا غ لوزة لبلاد تقسم بالمنشار)…

 سعيدة بنت العياشي

Related posts

Top