مسرحيون مغاربة يحتفون بعميدهم الراحل الطيب الصديقي في أيام الشارقة المسرحية

عاش جمهور ومتتبعو الدورة السادسة والعشرين ل(أيام  الشارقة المسرحية) مؤخرا، مع جلسة تكريم حميمية، استحضروا فيها  ذكرى  المسرحي المغربي الراحل الطيب الصديقي، من خلال شذرات من أروع ما أبدع من أعمال  مسرحية وفنية، رفعت اسمه عاليا في سماء المسرح المغربي والعربي، والعالمي.
وإذا كان القاصي والداني يعلمون مكانة الطيب الصديقي، وقدراته الإبداعية التي  شملت مجالات فنية وثقافية متعددة، جعلته يرتقي عن حق إلى مرتبة “رائد المسرح  المغربي”، فإن متتبعي جلسة (لمسة وفاء)، وقفوا بشكل جلي ومباشر، على قدرة المبدعين  والمسرحيين المغاربة على التعبير عن وفائهم واعترافهم وتكريمهم لفقيدهم الكبير.
فعلى مدى نحو أربعين دقيقة، قدم الفنانون المتميزون عبد الحق الزروالي وفاطمة  الزهراء بناصر وأمين ناسور، في عمل مختوم برؤية فنية وإبداعية للمخرج مسعود  بوحسين، توليفة مسرحية استعادية تضمنت مقتطفات من الأعمال المسرحية الخالدة للراحل  الطيب الصديقي، مثل “مقامات بديع الزمان الهمذاني”، و”أبو حيان التوحيدي”، و”الفيل  السراويل”، ونتفا من نصوصه وكتاباته ومقابلاته الصحفية.
وإذا كان عبد الحق الزورالي، الفنان والمسرحي الكبير، قد تعملق في تمقص شخصية  الطيب الصديقي، في هذا العمل الفني، حيث قدم جانبا من مكونات شخصية الطيب الصديقي  ومكنوناتها في مختلف تجلياتها النفسية والإبداعية، من خلال تقديم بعض تصوراته  وأفكاره ورؤيته للمسرح وهوسه به، فإن الحضور الطاغي والقوي للفنانين فاطمة الزهراء  بناصر وأمين ناسور شكل مفاجأة فنية سارة للحضور.
فمن خلال تجسيدهما للوحات متنوعة من مختلف الأعمال المسرحية للراحل الطيب  الصديقي، أبهر ناسور وبناصر جمهور (لمسة وفاء)، بحضور فني وأداء تعبيري وجمالي  وغنائي راق ومتميز، أكد للجميع أن معين الفن والثقافة لا ينضب في المغرب، وإنما  يتجدد ويستمر متألقا.
وأبرز المخرج والأكاديمي مسعود بوحسين، في تصريح للصحافة، على هامش عرض (لمسة  وفاء)، أنه اعتبر لدى إعداده لهذا العمل الفني، أن أفضل تكريم للراحل الصديقي،  يكمن في تقديمه للجمهور، كما هو، خاصة وأنه عاش المسرح في الحياة والحياة في  المسرح.
وأوضح أن العمل الذي قدمه رفقة الفنانين المغاربة، هو توليفة من أعمال وأفكار  الطيب الصديقي، وفق أسلوب اشتغل عليه من خلال الجمع بين شذرات مختلفة، منوها  بتفاعل الحاضرين مع هذا العمل، باعتباره وسيلة لاستعادة صفحات مضيئة من تاريخ  الراحل الذي يعد من أباء المسرح المغربي.
ومن جانبه، أكد الفنان عبد الحق الزروالي، أن الهاجس الذي تحكم في فريق العمل  أثناء الإعداد للعرض، كان “الحرص على إحياء ثقافة الاعتراف والإنصاف، فالطيب  الصديقي كرمز في فضاء المسرح العربي والمغربي، ظل اسما وازنا عالميا ووفق المعايير  الدولية”.
وأضاف أن الطيب الصديقي كان فنانا شاملا اجتمعت فيه صفات الحكمة والإبداع  والجرأة والسخرية والنباهة، وهي الصفات نفسها التي يتحلى بها كبار المسرحيين في  العالم.
وأكد أن الراحل كان “مبدعا كبيرا وقدوة لنا جميعا”، مشددا على أن (لمسة وفاء)،  التي تم إعدادها في وقت قصير جدا وبإمكانيات محدودة، كان محاولة لرد الاعتبار  لصورة المسرح على الصعيد العربي وتكريم أحد كبار رجالات المسرح بالمغرب.
وشدد على أن المسرح المغربي الذي أنجب الطيب الصديقي وأحمد الطيب العلج ومحمد  سعيد عفيفي، قادر على إنجاب رموز وطاقات وكفاءات جديدة، وأنه قادر على الاستمرار  في الريادة.
وتتميز تظاهرة (أيام الشارقة المسرحية)، التي تحتضنها الإمارة خلال الفترة ما  بين 17 و27 مارس الجاري، بحضور وازن للفنانين والباحثين والأكاديميين المتخصصين في  مجال المسرح.
وتحظى المشاركة المغربية في مختلف الندوات والحلقات النقاشية التي تنظم في إطار  هذه التظاهرة الثقافية الهامة، التي يحضرها أكثر من 100 شخصية فنية من ممثلين  ومخرجين ونقاد وأكاديميين من عالم المسرح والثقافة يمثلون عدة بلدان عربية، بتقدير  كبير واهتمام خاص سواء من لدن الحضور أو وسائل الإعلام الإماراتية.
وكشفت جودة مداخلات النقاد والباحثين والأكاديميين المغاربة في مختلف محطات  (أيام الشارقة المسرحية)، عن مدى التقدم الهام الذي راكمه المسرح المغربي، تنظيرا  وكتابة ونقدا وإخراجا وأداءا.
ويتضمن برنامج الأيام، التي تنظمها دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة، تحت  رعاية سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تقديم  عروض مسرحية لفرق إماراتية محلية، وعدد من الندوات والحلقات الحوارية والورشات  التكوينية.
وتعد أيام الشارقة المسرحية من أعرق التظاهرات المسرحية العربية، حيث أسهمت على  مدار دوراتها في تعريف وتقديم وتطوير المسرح الإماراتي والعربي على جميع  المستويات.
ومن بين ندوات التظاهرة، “المسرح بين النخبة والجمهور”، و”مهرجانات المسرح  العربي في أفق عقدها الخامس.. أي دور وأي حضور¿”، و”أرشفة العرض المسرحي”. كما  تناقش الندوات كيفية “إدارة الفرق المسرحية العربية”، إلى جانب عدد من الجلسات  النقاشية التي تبحث بالخصوص “مسرح القراءة: نصوص وأصوات” و”النص المسرحي، الصحف،  والقراءة”.

Related posts

Top