أدرج مشروع القانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث، ضمن مقتضياته، التراث الثقافي المغمور بالمياه والتي يتعين صيانته وحمايته، وذلك لما يفرضه توفر المغرب على طول ساحلي متوسطي وأطلسي يصله بعمقه الإفريقي والمتوسطي وازدهار الحركة الملاحية المهمة التي عرفتها السواحل والطرق البحرية المارة بالمياه الإقليمية للبلاد.
ويقصد بهذا النوع من التراث، وفق ما أورده المهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل، أثناء عرضه لمستجدات هذا المشروع أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال، أول أمس الاثنين بمجلس النواب، آثار الوجود الإنساني التي تتسم بطابع ثقافي أو تاريخي أو أثري أو علمي أو فني، التي ظلت مغمورة بالمياه جزئيا أو كليا، والموجودة تحت المياه الوطنية. ولاسيما المواقع، والبنايات والمواد والبقايا الآدمية أو الحيوانية وحطام السفن أو الطائرات أو أية مركبات أو آلات أخرى، مشيرا إلى أن وزارة الشباب والثقافة والتواصل أنشأت المركز الوطني للدراسات والأبحاث في التراث المغمور بالمياه.
ويتطرق مشروع القانون، يقول المهدي بنسيعد ” إلى أنواع أخرى من التراث المغربي كالتراث الطبيعي الذي يشمل المواقع الطبيعية والبيئات والفضاءات والمناظر الطبيعية وبصفة عامة كل المعالم الطبيعية التي لها قيمة علمية، أو بيئية، أو جمالية، والتراث الجيولوجي الذي يشمل التشكيلات الجيولوجية والمواقع الجيولوجية والعينات المعدنية والمستحثات والأحجار النيزكية والوثائق الجيولوجية ذات الأهمية التراثية بالنسبة للتاريخ الطبيعي وعلوم الأرض والحياة عامة والتي تنتمي لأزمنة الجيولوجية لحقبة ما قبل العصر الجيولوجي الرابع خاصة هياكل الفقريات والأحافير الحيوانية وكذا الرواسب المعدنية والأنماط الطبقية الموصوفة بالمغرب”.
ومن أبرز المستجدات التي جاء بها مشروع هذا القانون، حسب الوزير المهدي بنسعيد، صون وحماية التراث غير المادي الوطني الذي أصبح مستهدفا، بشكل غير مسبوق، لمحاولات الاستيلاء على بعض عناصره التراثية والتي تشكل رموزا للهوية الثقافية المغربية المتجدرة في التاريخ والتي تشهد على حضارته المتفردة.
وأضاف الوزير أن محاولة إدراج عنصر القفطان المغربي باسم دولة أخرى لدى اليونيسكو يعتبر نموذجا معبرا عن هذه الاستهدافات، شأنه شأن الزليج المغربي، وهو ما بات يرفض في نظره إدراج مقتضيات تتعلق بحماية هذا النوع من التراث الثقافي المغربي والمحافظة عليه وتثمينه لتغطية الفراغ القانوني في النصوص الجاري بها العمل حاليا في هذا المجال ولتطبيق التزامات الدولة المغربية إزاء الاتفاقيات الدولية المصادق عليها خاصة اتفاقية 2003 المتعلقة بصون التراث غير المادي.
وتضمن مشروع القانون تعريفا جديدا للتراث الثقافي الوطني وتحديد أصنافه، والتي أصبحت تتلاءم مع المفاهيم الواردة في الاتفاقيات الدولية التي صادقت المملكة المغربية ومع التعريفات الواردة بأهم التشريعات العالمية في مجال التراث الثقافي مع الأخذ بعين الاعتبار صلاحيات كل القطاعات الوزارية، فبالإضافة إلى التراث الثقافي الغير مادي، أصبح يندرج ضمن التراث الثقافي المادي التراث الثقافي المغمور بالمياه، والتراث الثقافي غير المنقول، والتراث الثقافي المنقول بالإضافة إلى المجموعات التاريخية والتراثية، ثم التراث الجيولوجي والتراث الطبيعي.
ويهدف مشروع القانون، يضيف الوزير، إلى ملائمة الإطار القانوني الوطني المتعلق بحماية وتثمين ونقل التراث الثقافي الوطني مع المعايير الدولية بتوافق مع الالتزامات الدولية المصادق عليها من قبل المملكة المغربية، وتعزيز المقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات، بالإضافة إلى دمج المفاهيم الجديدة المعترف بها دوليا فيما يتعلق بالتراث الثقافي.
ومن مستجدات المشروع التي ساقها وزير الشباب والثقافة والتواصل، المجموعات التاريخية، التي يحدد مفهومها في المشروع، في الممتلكات العقارية المجتمعة، المبنية أو غير المبنية والتي تكتسي أهمية بحكم طابعها المعماري أو حمولتها التاريخية أو تفردها أو انسجامها أو اندماجها مع محيطها مثل المدن العتيقة أو المدن المندثرة أو القرى أو القصور أو القصبات.
كما أدرج المشروع، ضمن مكونات التراث الثقافي، منظومة الكنوز الإنسانية الحية، التي تمكن من نقل المعارف والمهارات عبر الأجيال ضمانا لاستمرار التراث الثقافي غير المادي ولاسيما الممارسات والتمثلات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وكذا الأدوات والقطع والمصنوعات والفضاءات الثقافية المرتبطة بها التي تعتبرها الجماعات والمجموعات والأفراد، جزءا من تراثهم الثقافي، بالإضافة إلى حماية اللوحات التشكيلية الفنية التي تشكل قيمة تراثية، حيث تطرق المشروع إلى موضوع تنظيم تصدير اللوحات التشكيلية والرسومات الفنية والمنحوتات والمجسمات الفنية والإبداعات المستوحاة من الصناعة التقليدية المغربية المنجزة من قبل الفنانين المغاربة وذلك بهدف حماية اللوحات والأعمال التي تشكل قيمة تراثية والمحافظة عليها والحلول دون تصديرها بطرق غير مشروعة إلى الخارج، مع تيسير عملية البيع والتصدير بالنسبة لباقي اللوحات والأعمال الفنية العادية. والسماح بتصديرها خارج التراب الوطني عن طريق تصريح بالشرف يقدم لمصالح الجمارك من قبل المصدر.
< محمد حجيوي