اندلعت معارك ضارية أول أمس الثلاثاء بأنحاء أم درمان في الجزء الغربي من العاصمة السودانية في الوقت الذي يسعى فيه الجيش لقطع طرق الإمداد، التي تحاول قوات الدعم السريع إدخال تعزيزات من خلالها للمدينة حيث تشير كل المعطيات ان قوات الدعم باتت تحقق تقدما هاما في اغلب المحاور.
وقال شهود إن الجيش شن ضربات جوية وقصفا بالمدفعية الثقيلة، فيما وقعت معارك برية في عدة أجزاء من أم درمان. وقالت قوات التدخل السريع إنها أسقطت طائرة مقاتلة، ونشر سكان محليون مقاطع مصورة تظهر طيارين يقفزان من طائرة. ولم يصدر تعليق من الجيش حتى الآن.
واندلع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل مما أدى لمعارك يومية بالعاصمة، وأجج عمليات القتل بدوافع عرقية في إقليم دارفور بغرب البلاد، وهدد بجر البلاد إلى حرب أهلية طويلة الأمد.
وسرعان ما سيطرت قوات الدعم على مساحات من العاصمة واستدعت مقاتلين إضافيين من دارفور وكردفان مع تصاعد الصراع ونقلتهم عبر الجسور من أم درمان إلى بحري والخرطوم، حيث تشكل هذه المناطق الثلاث معا العاصمة الأوسع عبر ملتقى نهر النيل.
وقال سكان محليون اليوم الثلاثاء إن الاشتباكات في أم درمان كانت الأعنف منذ أسابيع وإن الجيش حاول كسب مساحات من الأرض، كما حاول صد هجوم لقوات الدعم السريع على قاعدة للشرطة.
وقالت مناهل عباس (33 عاما) من حي الثورة في أم درمان “نحن في حي الثورة ضرب ثقيل جدا منذ ساعات طيران ومدافع ورصاص.. أول مرة بالنسبة لنا يكون الضرب بهذا المستوى بدون توقف ومن كل الاتجاهات”.
وأسقطت طائرة حربية الثلاثاء في الخرطوم حيث قال شاهد في شمال الخرطوم “رأينا طيارين يهبطون بالمظللات فيما كانت الطائرة تتهاوى قبل أن تسقط”.وأكد مصدر في قوات الدعم إسقاط طائرة للجيش.
كما أكدت قوات الدعم في بيان أنها “أوقفت الطيار بعد هبوطه” واتهمت كذلك الجيش الذي يقوده الفريق أول عبد الفتاح البرهان بارتكاب “مجازر بشعة” في الخرطوم.
وقال أحد سكان أم درمان (شمال الخرطوم) الثلاثاء إن “مواجهات عنيفة وقعت واستخدمت فيها كل أنواع الأسلحة”.
وأفاد شهود آخرون بأنهم رأوا “طائرات تغير على موقع بالقرب من مبنى التلفزيون” الذي شنت قوات الدعم السريع هجوما عليه هذا الاسبوع.
وفي شرق العاصمة، أفاد سكان كذلك بوقوع اشتباكات بأسلحة أوتوماتيكية.
وقال شاهد إن الجيش “أطلق مقذوفات وقذائف المدفعية” على قواعد لقوات الدعم السريع في وسط وشمال العاصمة.
وأضاف آخر أن منازل دمرت ونقل مدنيون الى واحد من المستشفيات القليلة التي ما زالت تعمل في الخرطوم.
ونشب الصراع بين الجانبين بسبب خلافات حول خطة مدعومة دوليا للانتقال إلى الحكم المدني بعد أربعة أعوام من الاطاحة بعمر البشير من السلطة خلال انتفاضة شعبية.
وتوسطت السعودية والولايات المتحدة في اتفاقات عدة لوقف إطلاق النار خلال محادثات في جدة تم تعليقها الشهر الماضي بعد أن انتهك كلا الطرفين اتفاقات الهدنة.
وأمس الاثنين، أعلن زعماء قبائل من جنوب دارفور تحالفهم مع قوات الدعم في خطوة من شأنها تصعيد الصراع في غرب السودان. وتشكلت قوات التدخل السريع في الأساس من عناصر مسلحة ذات أصول عربية ساعدت في سحق تمرد في دارفور بعد سنة 2003 قبل أن تتطور لتصبح قوات محلية معترفا بها رسميا.
وتشير أحدث إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن الصراع شرد 2.8 مليون تقريبا منذ أن بدأ في منتصف أبريل من بينهم نحو 650 ألفا عبروا الحدود إلى دول مجاورة.
وتخشى دوائر سودانية أن يصير تكرار دعوة الجيش السوداني لانضمام متطوعين مدنيين إليه بابا يسمح بتسلل المزيد من المتشددين إلى صفوفه، وتصبح الدعوة غطاء لدخول ميليشيات مسلحة تحت مسميات مختلفة جرى تشكيلها خلال عهد الرئيس السابق عمر البشير للدفاع عن نظامه، ولم يتم حلها بعد سقوطه.
وحذرت هذه الدوائر من أن يؤدي بحث قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان عن دعم أو سند شعبي لمواجهة السند السياسي الذي يحظى به قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى زيادة ملامح الفتنة والدخول في حرب أهلية باتت الظروف مهيأة لاندلاعها.
ويلقى خطاب حميدتي قبولا غير معلن لدى قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي التي ترفض حكم العسكر وتطالب بحكومة مدنية.
ودعت القوات المسلحة السودانية الاثنين الشباب للانضمام إلى الجيش مع استمرار القتال ضد قوات الدعم السريع، وتم توجيه قياديّي الفرق والمناطق العسكرية باستقبال وتجهيز المقاتلين، وبعثهم إلى أقرب قيادة أو وحدة عسكرية.
واندلعت معارك ضارية الثلاثاء في أنحاء أم درمان في الجزء الغربي من العاصمة السودانية، في وقت يحاول فيه الجيش قطع الطريق على تعزيزات عسكرية قادمة لمساندة قوات الدعم السريع في المدينة، والتي قالت قيادتها إنها أسقطت طائرة مقاتلة، ونشر سكان محليون مقاطع مصورة تظهر طيارين يقفزان من طائرة.
وفي منتصف أبريل الماضي عقب اندلاع القتال مع قوات الدعم السريع دعا الجيش المواطنين إلى التطوّع في صفوفه، ولم تلق دعوته آذاناً صاغية من جانب المدنيين.
وذكر الجنرال البرهان، عشية الاحتفال بعيد الأضحى، أن “حجم المؤامرة يتطلب من الجميع اليقظة والاستعداد للتصدي للمهددات الوجودية لدولتنا، أطلب من جميع الشباب وكل من يستطيع الدفاع ألا يتردد أو يتأخر في أن يقوم بهذا الدور الوطني في مكان سكنه أو بالانضمام إلى الوحدات العسكرية لنيل شرف الدفاع عن بقاء الدولة السودانية”.
ويؤشّر تكرار الدعوة لانضمام متطوعين إلى الجيش على أنه تكبد خسائر بشرية فادحة خلال الفترة الماضية، وما تبقى منه خارت معنوياته وغير قادر على مواجهة قوات الدعم السريع التي تقاتل بشراسة.
وقد يكون البرهان ارتكب خطأ تكتيكيا بهذه الدعوة التي تشرع الباب رسميا لانضمام عناصر إرهابية إلى الجيش، من بينها فئة محسوبة على الحركة الإسلامية، ما يؤكد معلومات تواترت منذ اندلاع الحرب حول علاقته بفلول البشير، واستعداد قيادات كبيرة معه لترتيب انقلاب عسكري يمنع الجيش من تسليم الحكم إلى سلطة مدنية.
ويمكن أن يفسح هذا النوع من الدعوات المجال لتشكيلات قبلية وجهوية متباينة تعلن انضمامها إلى أحد طرفي النزاع للدفاع عن مصالحها، ما يزيد الوضع الميداني اشتعالا.
وأعلن تحالف قبائل عربية في دارفور ولاءه لقوات الدعم السريع أخيرا وحضّ أبناء القبائل المنخرطين في الجيش على الانشقاق والانضمام إلى قوات الدعم السريع.
وقال المحلل السياسي السوداني حاتم إلياس إن الدعوة لاستقبال المتطوعين تعبر عن أزمة هيكلية داخل الجيش، وتشي بأن العمليات العسكرية ليست في صالحه، وسط تواتر تقارير تفيد بأن البرهان يقبع في مكان محدود بالقيادة العامة يسمى “البدروم”.
وأوضح في تصريح صحفي أن “الدعوة تجذب المتشددين العنصريين وجماعات الإسلام السياسي وفلول البشير، وهؤلاء يرون أن الحرب تعبر عن صراع جهوي يعتمد على مخاوف تاريخية متوهمة تستند إلى صراع قديم يتردد من حين إلى آخر بين أبناء البحر (أي النيل) من جهة وأبناء الغرب (أي كردفان ودارفور) من جهة أخرى”.
ولا توجد معلومات تبين مَن تجاوب مع الدعوة وهويته السياسية، حيث جاءت فضفاضة بما يظهرها كأنها موجهة إلى جهة معينة ظلت في الظل خلال الفترة الماضية، وحان وقت مشاركتها علنا في المعارك بعد أن عبّد البرهان لها الطريق ليفوّت فرصة المتاجرة بها سياسيا إذا سقط ضحايا منها في الحرب كي يتم التعامل معهم كعناصر من المتطوعين وليسوا كناشطين ومسلحين وذراع للحركة الإسلامية.
وأكد المحامي ورئيس لجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة العامة نبيل أديب أن “دعوة البرهان للمتطوعين تفهم على أنها جزء من العمل السياسي للحرب لمساندة طرف مقاتل، وفي هذه الحالة يتم تدعيم الجيش عبر إيجاد سند أو رافعة شعبية له”، لافتا إلى أن “الدعوة قد تكون أيضا بابًا لتسلل المزيد من المتشددين داخل الجيش في ظل صعوبة إحداث عملية مراجعة أو مصفاة للتعرف على أيديولوجيات المنضمين الجدد إليه”.
معارك ضارية بالسودان والبرهان يبحث عن سند شعبي لمواجهة سند سياسي يحظى به حميدتي
الوسوم