أجلت غرفة الجنايات الاستئنافية بملحقة محكمة الاستئناف بمدينة سلا، أول أمس الاثنين، النظر في ملف المتهمين في “مخيم اكديم إيزيك” إلى غاية 23 يناير المقبل، استجابة لطلب دفاع المتهمين من أجل إعداد الدفاع، وإعادة استدعاء أحد المتهمين في حالة سراح لتخلفه عن الحضور، والبت في الطلب المتعلق بأحقية عائلات الضحايا في التنصيب كمطالب بالحق المدني. وبعد المداولة، قررت المحكمة رفض السراح المؤقت للمتهمين، بعد أن تقدم دفاعهم بطلبات السراح.
وعقب انتهاء أطوار الجلسة الأولى من هذه المحاكمة، قال الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط الحسن الداكي، إن مجموعة من المحامين تقدموا لمؤازرة المتهمين ومن بينهم بعض المحامين الأجانب بعد حصولهم على الإذن بالترافع أمام المحكمة من قبل وزير العدل والحريات،ـ وفقا لما ينص عليه قانون مهنة المحاماة والاتفاقيات الثنائية بين بلدانهم والمملكة المغربية، إلى جانب تنصيب مجموعة من المحامين للنيابة عن ذوي حقوق الضحايا كمطالبين بالحق المدني ، من بينهم محامين أجانب بعد أن حصلوا بدورهم على نفس الإذن. كما عرفت المحاكمة حضور ملاحظين مغاربة وأجانب وعدة منابر إعلامية وطنية ودولية لتكريس شفافية المحاكمة وضمان شروط المحاكمة العادلة .
و ذكر الوكيل العام للملك، بأن إحالة ملف هؤلاء المتهمين على غرفة الجنايات الاستئنافية بملحقة محكمة الاستئناف بسلا للبت فيه من جديد طبقا للقانون ، تمت بعدما تم نقض الحكم الصادر في القضية عن المحكمة العسكرية.
وأشار الوكيل العام للملك، إلى أن مناقشات قانونية أثيرت خلال الجلسة الأولى، تناولت مختلف الجوانب القانونية والحقوقية، بعدما تقدم دفاع ذوي حقوق الضحايا بطلب التنصب كمطالبين بالحق المدني، حيث ركز الدفاع على أنه لم ينتصب في مرحلة ما قبل النقض والإحالة لوجود مانع قانوني يمنعه أمام المحكمة العسكرية قبل تعديل قانون القضاء العسكري، وأن محكمة النقض أعادت الأمور إلى ما بعد صدور قرار الإحالة الذي اتخذه قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية ولا وجود لمرحلة محاكمة سابقة، وأنه طبقا للقواعد العامة، يحق الانتصاب كمطالب بالحق المدني في كافة مراحل المسطرة ما لم تنته المناقشات، وأن المحكمة تبت في القضية الان ابتدائيا بعد النقض والإحالة مما يخول لذوي الحقوق الانتصاب كطرف مدني .
من جهة أخرى، أشار الوكيل العام للملك إلى أن النيابة العامة سجلت اعتراضها على المرافعة باللغة الفرنسية خلافا لمقتضيات المادة الرابعة من الاتفاقية الثنائية المؤرخة سنة 1957 بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية.
وعلى مستوى آخر، أكد ملاحظون دوليون تابعوا أطوار محاكمة المتهمين في أحداث مخيم “اكديم إزيك”، أن شروط المحاكمة العادلة متوفرة في هذا الملف.
وقالت صوفي ميشيز، محامية ملاحظة بلجيكية في تصريح للصحافة، “إن جميع شروط المحاكمة العادلة متوفرة في هذا الملف”، مشيرة إلى أن حضور وسائل إعلام وملاحظين دوليين، وممثلين عن المنظمات غير حكومية، دليل قاطع على “شفافية” الإجراءات المتبعة في هذا الملف.
وسجلت الملاحظة البلجيكية أن قرار محكمة النقض إحالة هذا الملف على محكمة مدنية وإلغاء الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية، “يمنح عائلات الضحايا والطرف المدني فرصة الحديث والتعبير عن الانتهاكات التي لحقتهم”.
من جهته، أكد جون كلود مارتينيز، ملاحظ فرنسي، أن “المحاكمة تجري في ظروف جد عادية، وأن جميع الشروط متوفرة من أجل ضمان حقوق المتهمين وعائلات الضحايا وذوي الحقوق”. وقال السيد مارتينيز، أستاذ مبرز بجامعة بونتيون بباريس، في تصريح مماثل، إن العديد من الدول، خصوصا فرنسا وسويسرا وإسبانيا وإيطاليا، يتابعون أطوار هذه المحاكمة التي “تحترم حقوق الدفاع المتعارف عليها دوليا”، مبرزا أن هذا الملف “يحترم معايير الديمقراطية القضائية”.
وعرف انطلاق هذه المحاكمة حضورا مكثفا لعائلات ضحايا هذه الأحداث، إلى جانب ممثلين عن العديد من جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والمنظمات المستقلة الوطنية والدولية من بينهم سبعة ملاحظين يمثلون المجلس الوطني لحقوق الانسان بالاضافة الى آخرين عن جمعية عدالة، والمنظمة المغربية لحقوق الانسان، والجمعية المغربية لحقوق الانسان، وملاحظين دوليين من ألمانيا والدانمارك واسبانيا وبلجيكا، وإيطاليا وسويسرا. كما انتصب للدفاع عن الضحايا وعائلاتهم 13 محاميا من بينهم ثلاثة محامين أجانب، فيما انتصب 14 محاميا للدفاع عن المعتقلين من بينهم ثلاثة أجانب، فضلا عن محاميين تم انتدابهما من قبل الجمعية المغربية لحقوق الانسان.
وكانت المحكمة العسكرية بالرباط أصدرت، في 17 فبراير 2013، أحكاما تراوحت بين السجن المؤبد و 30 و 25 و 20 سنة سجنا نافذا في حق المتهمين في الأحداث المرتبطة بتفكيك مخيم “اكديم ايزيك” بمدينة العيون، بعد مؤاخذتهم من أجل تهم “تكوين عصابة إجرامية، والعنف في حق أفراد من القوات العمومية الذي نتج عنه الموت مع نية إحداثه والمشاركة في ذلك”.
يذكر أن أحداث “اكديم ازيك”، التي وقعت في شهري أكتوبر ونونبر 2010، خلفت 11 قتيلا بين صفوف قوات الأمن من ضمنهم عنصر في الوقاية المدنية، إضافة إلى 70 جريحا من بين أفراد هذه القوات وأربعة جرحى في صفوف المدنيين، كما خلفت الأحداث خسائر مادية كبيرة في المنشآت العمومية والممتلكات الخاصة.
بيان