مناظرة الصخيرات توصي بتعزيز الأمن العقاري وتيسير ولوج المواطنين للسكن اللائق

دعا المشاركون في المناظرة الوطنية حول “السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، في التوصيات التي أصدروها في ختام أشغالها، الأربعاء بالصخيرات، إلى تعزيز الأمن العقاري وتيسير ولوج المواطنين للسكن اللائق.
وأكد المشاركون في هذه المناظرة، التي نظمتها رئاسة الحكومة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على مدى يومين، أن تعزيز الأمن العقاري يروم تحصين الملكية العقارية والرفع من قيمتها الاقتصادية والإئتمانية من خلال سلسلة من الإجراءات.
وتشمل هذه الإجراءات إحداث أقسام عقارية متخصصة داخل المحاكم من أجل تسريع البت في القضايا العقارية، وحث القطاعات المتدخلة في العقار على إرساء وتطوير نظام معلوماتي جغرافي، وإجراء التحديد الإداري للأراضي الجماعية من أجل ضبط مساحتها بشكل دقيق، وتسريع وتيرة تصفية وضعيتها القانونية.
وبشأن سياسة الدولة في مجال السكن، أكدت التوصيات على ضرورة العمل على تيسير ولوج المواطنين للسكن اللائق، وتنويع العرض السكني الملائم لمختلف الشرائح الاجتماعية من خلال إرساء مبدأ الإلتقائية على مستوى التدبير العقاري في مجال السكن، ووضع مقاربة تشاركية لتنسيق المجهودات وفق مخططات استراتيجية وطنية شمولية عوض المقاربات القطاعية.
ودعوا، في هذا الإطار، إلى تحيين وتفعيل النصوص الخاصة بنقابات الملاك الحضريين، وتشجيع التوسع العمودي في المدن الكبرى ترشيدا لاستعمال الوعاء العقاري، وتسوية وضعية التجزئات العشوائية لتمكين الملاكين من تحفيظ مساكنهم أو بقعهم الأرضية، فضلا عن دعم برامج السكن في العالم القروي.
وبخصوص الترسانة القانونية المؤطرة للقطاع، دعا المشاركون في هذه المناظرة إلى مراجعة هذه الترسانة من أجل ملاءمة التشريعات العقارية مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب.
كما دعوا، في هذا السياق، إلى ضمان إدماج فاعل للعقار في دينامية التنمية، بالخصوص، من خلال إعداد مدونة للملك الخاص للدولة وتحديث الترسانة القانونية المتعلقة به ووضع نظام قانوني موحد لأملاك الجماعات الترابية.
وفي الجانب المتعلق بتدبير وحكامة القطاع، أوصى المشاركون في هذه المناظرة باعتماد خطة عمل لتسريع وتيرة تعميم نظام التحفيظ العقاري، وتأمين التكوين الأساسي والمستمر للعاملين في القطاع، فضلا عن إرساء قاعدة بيانات قادرة على استيعاب وضبط المعلومات المتعلقة بالعقار العمومي من أجل تحسين معرفة مدبري الملك العمومي بمكوناته.
وأوصى المشاركون بإعداد دليل مرجعي لتعبئة وتثمين العقار العمومي، يشمل تنميط المعايير التي يتعين توفرها في برمجة المرافق، والتجهيزات العمومية ومعايير تخصيص أملاك الدولة لفائدة الإدارات العمومية ومساطر ومعايير تفويت وكراء العقارات العمومية وإرساء آليات مراقبة عمليات التفويت والكراء.
ويتعين، حسب هذه التوصيات، إرساء تخطيط حضري فعال ينبثق من وثائق مدروسة بما يحقق العدالة الاجتماعية والمجالية دون إغفال مقومات التنمية المستدامة واعتماد صيغة التعمير التشاركي في إعداد وتنفيذ وثائق التعمير وتفعيل الدراسات العقارية فضلا عن تفعيل المقتضيات المتعلقة بالمساهمة العقارية المجالية للملاك الخواص في إنجاز التجهيزات العمومية الواردة في وثائق التعمير.
وأكدت توصيات المناظرة على ضرورة إرساء آليات جديدة تمكن من تعبئة الأراضي اللازمة لإحداث مشاريع التهيئة الحضرية ومناطق الأهمية الاستراتيجية، وإرساء آليات تكوين رصيد عقاري احتياطي يمكن من مواجهة متطلبات التوسع العمراني مستقبلا، علاوة على إرساء آليات ترمي إلى التحكم في السوق العقارية وتقنين مسطرة الاستثناء في مجال التعمير، وإحداث صندوق وطني لاستخلاص القيمة المضافة العقارية الناتجة عن التعمير.
وتضمنت هذه التوصيات سلسلة من الدعوات الأخرى المتعلقة بقطاع العقار من أبرزها تعزيز آلية التجميع الفلاحي كآلية للحد من تجزيء البنيات العقارية، وتطوير تدبير أراضي الدولة في مجال الاستثمار الفلاحي، والحد من ظاهرة الزحف العمراني على حساب الأراضي الفلاحية، وتيسير ولوج المستثمرين إلى العقار.
وأكد المشاركون في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة أن الرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى هذا اللقاء تشكل خارطة طريق لإصلاح شامل لقطاع العقار.
وأجمع المشاركون، في التقرير الختامي للمناظرة، على أن هذه الخارطة تندرج في إطار سياسة واضحة المعالم تأخذ بعين الاعتبار مختلف الأبعاد.
وأبرز التقرير أن مضامين هذه الخارطة تتمثل في اعتماد منظور شامل يستحضر كافة الأبعاد القانونية والمؤسساتية والتنظيمية والإجرائية، ويراعي خصوصيات القطاع وطبيعة بنيته المركبة والمتشابكة، ومراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقار.
وأضافوا أن مضامين هذه الخارطة تشمل كذلك اعتماد الآليات الملائمة لعقلنة تدخلات مختلف الفاعلين المعنيين بتدبير قطاع العقار ضمانا للنجاعة والفاعلية المنشودة على المستويين الوطني والترابي، ومضاعفة الجهود من أجل الرفع من وتيرة التحفيظ العقاري في أفق تعميمه على كافة التراب الوطني.
وأورد التقرير مضامين أخرى تتضمنها هذه الخارطة من بينها، بالخصوص، استثمار التكنولوجيا الرقمية في ضبط البنية العقارية، وإصلاح نظام الأراضي الجماعية، وإنجاح عملية تمليك الأراضي الجماعية، وتسريع وتيرة تصفية الوضعية القانونية للأراضي الجماعية، بهدف توفير مناخ ملائم لدمج أمثل لهذه الأراضي في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وثمن رئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران، في كلمة خلال اختتام أشغال هذه المناظرة، مضامين الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين فيها.
ودعا السيد ابن كيران، بالمناسبة، إلى العمل على تحفيظ أراضي الجموع، معتبرا أن قطاع العقار يواجه “عراقيل كبيرة” تتطلب المبادرة إلى حلها.
وشهدت هذه المناظرة مناقشة وتبادل وجهات النظر في موضوع العقار من خلال مجموعة من المحاور في إطار جلسة عامة وتسع ورشات موضوعاتية.
وسعت هذه المناظرة إلى اقتراح التدابير التشريعية والتنظيمية والإجرائية الكفيلة بضمان تحسن ملموس لحكامة العقار، وإصلاح فعال للسياسة العقارية، بما من شأنه الاستجابة لمتطلبات التنمية الشاملة والمستدامة التي تنشدها المملكة.

Related posts

Top