“منسج لكلام” في حلقته الأولى

نظمت جامعة روافد الأدب العربي مؤخرا عن بعد، برنامجها الأسبوعي “منسج لكلام” الذي يعد فرصة سانحة للزجالين العرب والمغاربة لنسج قصائد زجلية بلغة رمزية هادفة تعالج مواضيع اجتماعية وسياسية.
وتسعى جامعة روافد الأدب العربي من خلال برنامجها الأسبوعي (منسج لكلام) إلى تحفيز روادها على الإبداع في مجال فن الزجل باعتباره فنا شعبيا قريبا من كل الفئات المجتمعية ووعاء لقاموس عامي حامل لثقافتنا الشعبية المغربية. وتكلف بتسيير فقرات الحلقة الأولى من برنامج “منسج لكلام” الأستاذ والمبدع عبد الرحيم العابد الذي سهر على تنظيم مداخلات الشعراء في احترام تام للحيز الزمني المخصص لكل مداخلة.
في هذه الحلقة من (منسج لكلام) اختارت لجنة الزجل التابعة للجامعة موضوع (الصداقة) حيث أغنى رواد الجامعة الحلقة بقصائد زجلية في الموضوع، راقت من
تابع البرنامج عبر موقع الجامعة على الفايسبوك. واستطاع شعراء قصيدة الزجل في هذه الأمسية تشنيف آذان المستمعين بقراءات ماتعة ولغة هادفة من خلال توظيف توصيفات غاية في الدقة والجمالية، تروم تقريب الفكرة للمتلقي، على اعتبار أن اللغة وسيلة للتفكير ووعاء حافظا لتراث الشعوب، وليست اللغة أكثر من رموز تواضعت عليها الجماعة وخضع لها الأفراد، بما تفرضه عليهم من مقاييس اجتماعية وأخلاقية وروحية، فهي بذلك أداة ساهمت إلى جانب عوامل فيزيولوجية ووجدانية في ارتقاء الإنسان وتميزه عن الحيوان، إذ لا يتم التفكير
(إنتاج المعنى) إلا باللفظ ثنائية (لفظ/معنى) فباللفظ والتلفظ يمكن للإنسان أن ينتج آلاف المعاني.
وتحيل عملية نسج لكلام إلى عملية النسج (منسج). وفي مقدمة الجزء الأول من كتاب أسرار العربية للأنباري ورد: “إن قال قائل ما الكلم؟ قيل الكلم اسم جنس واحده (كلمة) كقولنا نبقة ونبق، فإن قيل ما الكلام؟ قيل ما كان من الحروف دالا بتأليف على معنى يحسن السكوت عليه، فإن قيل ما الفرق بين الكلم والكلام ؟ الفرق بينهما أن الكلم ينطبق على المفيد وعلى غير المفيد، أما الكلام فلا ينطبق إلا على المفيد خاصة. فالتأليف أي تركيب الألفاظ شرط أساسي لتحقيق الإفادة من الكلام، والنسج فن مادته السدى واللحمة تتشكل منهما الصور تختلف فيما بينها جمالا من ناسج إلى ناسج، إذا كان إنتاج أي (نسج) الكلام المفيد من الكلم (اللفظ) يختلف بين منتجي الكلام على مستوى التشكيل في المجال الأدبي ومنه فن الزجل، فعملية النسيج تتطلب التفنن والاحترافية والدربة، تقديرا للغتنا العامية المغربية لغة التواصل الاجتماعي المرتبطة بتاريخنا وهويتنا وثقافتنا الشعبية.
هذه الدربة والتفنن والاحترافية في نسج الكلام، حضرت وبشكل لافت في القصائد الزجلية التي صدحت بها حناجر شعراء زجالين، أجادوا صياغة موضوع الصداقة، في قالب فني زجلي متميز ينم عن ذوق رفيع في اختيار الكلمة المناسب للموضوع.

< متابعة: عبد الله مرجان

Related posts

Top