يحل شهر رمضان المبارك ضيفا على بيوت المسلمين هذا العام بين شهري أبريل وماي في ظل استمرار جائحة كوفيد-19، حيث اتخذت العديد من البلدان إجراءات احترازية لمنع تفشي المرض منها منع التجمعات الدينية وإغلاق الجوامع، رغم أن السمة الأساسية لهذا الشهر تمتاز بالاعتكاف في المساجد والتجمعات الاجتماعية حول موائد الرحمن ومع الأسر والأصدقاء.
وفي هذا الإطار، أصدرت منظمة الصحة العالمية إرشادات خاصة تعنى بالقيام “بممارسات رمضانية آمنة في سياق جائحة كوفيد-19″، في الوقت الذي تتواصل الجهود الدولية لإيجاد لقاح وعقار للمرض، لاسيما أن العدوى تنتشر بسبب المخالطة اللصيقة وعبر الرذاذ التنفسي وملامسة الأسطح الملوثة.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أهمية اتباع الأفراد، في أي تجمع، لإجراءات التباعد الجسدي، والحفاظ على مسافر متر واحد على الأقل وفي جميع الأوقات، والالتزام بالتسليم عن بعد دون ملامسة الأيدي أو التقبيل.
وأكدت المنظمة على أهمية منع أي تجمعات مرتبطة بشهر رمضان، مثل تلك التي تحدث في الولائم والأسواق والأماكن الترفيهية، والتعويض عنها ببدائل افتراضية مثل التلفزيون والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
لكن إذا دعت الضرورة للتجمع، فأشارت المنظمة أنه ينبغي أخذ الحيطة والحذر واتخاذ كافة التدابير الممكنة للحد من انتقال كوفيد-19.
ودعت المنظمة في إرشاداتها من تظهر عليهم الأعراض إلى تجنب التجمعات والتوجه لطلب العلاج في حال الشعور بالتوعك أو ظهور أعراض، كما أهابت بكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة تجنب التجمعات الدينية والاجتماعية باعتبارهم الأكثر عرضة للإصابة بمرض وخيم قد يؤدي للوفاة.
التخفيف من أثر التجمعات
ومن النصائح التي تقدمها منظمة الصحة العالمية للتخفيف من أثر التجمعات خلال شهر رمضان المبارك: إذا سمح بإقامة تجمع في رمضان فينصح بإقامته في أماكن مفتوحة أو أماكن مغلقة فيها تهوية كافية، مع تقصير مدة الفعالية بأكبر قدر ممكن.
ويمكن تقسيم التجمعات إلى مجموعات صغيرة بدلا من إحياء الفعاليات في تجمعات كبيرة، والحفاظ على التباعد الجسدي من خلال تعيين أماكن خاصة بكل فرد عند أداء الصلاة والقيام بالوضوء، وتنظيم الدخول إلى المساجد وأماكن التجمعات والخروج منها لمنع التدافع والتجمهر.
وأشارت كذلك المنظمة إلى إمكانية تزويد أماكن التجمعات بعروض مرئية للتذكير بآداب السعال والعطس ورسائل عامة عن الوقاية من المرض.
تدابير خاصة بالنظافة
كما أوصت منظمة الصحة العالمية بتوفير الصابون إلى جانب مرافق الوضوء والمحاليل الكحولية لتعقيم اليدين عند الدخول أو الخروج من المساجد. وشجعت على استخدام سجادات الصلاة الخاصة بكل شخص والامتناع عن الصلاة على السجادات العامة.
ومن تدابير الوقاية أيضا، التنظيف الروتيني لأماكن التجمع والوضوء ومقابض الأبواب ومفاتيح الإضاءة وقضبان السلالم باستخدام المطهرات والكحوليات.
هل يؤثر كوفيد-19 على الصوم؟
وبحسب ما تفيد معطيات منظمة الصحة العالمية، لم تجر دراسات حتى الآن لمعرفة ارتباط المرض بالصيام، لكن المنظمة أكدت أن بإمكان الأشخاص الأصحاء الصوم، وينصح المرضى بكـوفيد-19 بأخذ رخصة شرعية للامتناع عن الصوم وذلك بالتشاور مع أطبائهم.
ودعت توصيات المنظمة إلى التغذية الصحية والسلمية خلال فترة الصيام وشرب كميات كافية من الماء بين فترة الإفطار والسحور وتناول الأغذية الطازجة وغير المعالجة. وفيما يتعلق بالمدخنين، شددت المنظمة على ضرورة الامتناع عن تعاطي التبغ في كل الظروف خاصة في شهر رمضان وفي ظل انتشار الجائحة، لاسيما أن تلامس الأصابع والفم بالسجائر والشيشة، خاصة عند التشارك مع أكثر من شخص فيها، يسهل كثيرا من انتقال العدوى.
دور رجال الدين
وشددت منظمة الصحة العالمية على أهمية دور رجال الدين في توعية ونصح الأفراد والمجتمعات بأهمية التباعد الجسدي للحفاظ على صحة الجميع، وإبلاغهم بآخر المستجدات المتعلقة بتعليق الأنشطة أو طرق تطبيق التدابير المخففة خلال التجمعات في شهر رمضان.
كما يضطلع رجال الدين وقيادات المنظمات الدينية، حسب المنظمة، من خلال خطاباتهم إلى الناس، بدور مهم في إظهار مناهضة الدين الإسلامي للعنف ضد النساء والأطفال، خاصة في ظل تزايد حالات العنف الأسري خلال فترة القيود المفروضة في الكثير من دول العالم، وكذا في تقديم الدعم للضحايا وتشجيعهم على طلب المساعدة.
توصيات المنظمة بشأن النظام الغذائي للصائمين
أصدر المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة الشرق الأوسط توصياتٍ بشأن النظام الغذائي الموصى باتباعه خلال شهر رمضان، وذلك عبر موقعه الرسمي.
وأشارت التوصيات إلى ضرورة الحرص على شرب كمية كبيرة من المياه وتناول الأطعمة الغنية بالسوائل، والإكثار من شرب المياه بين وجبتي الإفطار والسحور خلال شهر رمضان.
وأكدت التوصيات أن معدلات تعرق الجسم تزيد مع ارتفاع درجات الحرارة، لذلك من الضروري شرب السوائل لتعويض ما يفقده الجسم خلال ساعات النهار، أي ما لا يقل عن 10 أكواب.
وشددت التوصيات على ضرورة تجنب أو التقليل من تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة، والشاي، والمشروبات الغازية، لأن الكافيين قد يسبب كثرة التبول، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالجفاف.
وحذرت التوصيات من أن المشروبات الغازية تحتوي على السكر، ما يضيف المزيد من السعرات الحرارية إلى النظام الغذائي.
ونصحت التوصيات بتناول الأطعمة الغنية بالمياه، مثل الحساء أو سلطة الخضروات الطازجة، كبديل للمشروبات الغازية.
وذكرت التوصيات أن رمضان هذا العام يأتي في أيام حارة، ويمتد الصيام لساعات طويلة، حيث تصل مدة الصيام في المتوسط إلى 15 و16 ساعة يوميا، لذا من المهم التواجد في أماكن مظللة ذات تهوية، وتجنب التعرض لأشعة الشمس خلال ساعات الظهيرة.
وجبة الإفطار والسحور
وأشارت التوصيات إلى ضرورة تناول وجبة إفطار صحية ومتوازنة لتعويض مستويات الطاقة لدى الأشخاص.
وذكرت التوصيات أن الإفطار على ثلاث حبات من التمر يعد من الطرق التقليدية والصحية لبدء وجبة الإفطار، لأن التمر غني بالألياف.
كما يجب تناول، خلال وجبة الإفطار، الكثير من الخضار لتزود الجسم بالفيتامينات والمغذيات، بالإضافة إلى الحبوب الكاملة التي تزود الجسم بالطاقة والألياف.
ونصحت التوصيات بتناول اللحوم الخالية من الدهون، والدجاج بدون جلد، وتناول الأسماك سواء كانت مشوية أو مطبوخة في الفرن للحصول على حصة جيدة من البروتين.
كما نصحت التوصيات بتجنب الأطعمة المقلية أو المصنعة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو السكر.
ومن بين الأمثلة التي ذكرتها التوصيات لأطعمة لوجبة الإفطار: حساء خضار طازج، وليس مسحوق الحساء المصنع والجاهز، سلطة خضراء أو أي أنواع أخرى من الخضار حسب الاختيار، خضار محشية، مثل الكوسا، والباذنجان، وورق عنب، مع صدور دجاج مطبوخة في الفرن.
وعن وجبة السحور، أشارت التوصيات إلى ضرورة تناول وجبة سحور خفيفة لتعين الصائم خلال فترة الصيام. ويجب أن تتضمن وجبة السحور بعض الخضار وحصة من الكربوهيدرات مثل الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، وأطعمة غنية بالبروتين مثل منتجات الألبان و/أو بيض.
ومن الأمثلة ذكرتها التوصيات لأطعمة وجبة السحور كذلك: قطعتان من الخبز، بيضة مخفوقة بالخضار أو بيضة مسلوقة جيدا، خضار مقطعة ومطبوخة، قطعة جبن مضاف إليها الزعتر وزيت الزيتون.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية ضرورة تجنب تناول كميات كبيرة من الحلويات عقب وجبة الإفطار، حيث تتضمن الحلويات في رمضان كميات كبيرة من شراب السكر.
وينصح بتناول فاكهة مثلجة تحتوي على المياه للتحلية مثل البطيخ أو الشمام أو أي فاكهة موسمية أخرى.
كما نصحت منظمة الصحة العالمية بالحد من تناول الأطعمة الغنية بالدهون، وخاصة اللحوم.
وأضافت أنه يفضل الابتعاد عن القلي واستخدام طرق أخرى في الطبخ، مثل الطبخ على البخار، أو الطبخ في الفرن، أو القلي السريع باستخدام كمية صغيرة من الزيت.
ويفضل كذلك تجنب الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الملح، وتجنب استخدامه قدر الإمكان عند إعداد الوجبات، ويمكن استبداله بالأعشاب المختلفة لتحسين نكهة الأطعمة.
وأشارت المنظمة إلى ضرورة تناول الطعام ببطء وبكميات مناسبة. إذ تسبب الوجبات الكبيرة الحرقة والشعور بعدم الارتياح.