احتضنت القاعة الكبرى للمركب الثقافي آنفا وبعض المؤسسات التعليمية بجهة الدار البيضاء سطات أنشطة الدورة الثانية لمهرجان إبداعات سينما التلميذ من فاتح إلى رابع دجنبر 2021 تحت شعار “السينما والتلميذ.. أي رهان مستقبلي؟”.
وقد توزعت فقرات برنامج هذه الدورة الجديدة للمهرجان، التي حملت اسم “دورة المرحوم عبد المولى الزياتي” زوج الفنانة أسماء بنزاكور وأحد مؤسسي المهرجان والجمعية المنظمة له البارزين، على الشكل التالي:
اليوم الأول، الأربعاء فاتح دجنبر
انطلق في السادسة من مساء هذا اليوم الأول من أيام المهرجان حفل الافتتاح بالمركب الثقافي آنفا بالدار البيضاء، بحضور رئيس مقاطعة آنفا محمد الشباك ورئيس المنطقة الحضرية الثانية والسيد رئيس الملحقة الإدارية الثامنة وأطر عمالة الدار البيضاء آنفا ورئيس اللجنة الثقافية بمقاطعة سيدي بليوط وصباح ممثلة المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة آنفا وثلة من الفنانين والأساتذة والإعلاميين وممثلي المجتمع المدني والمكرمين وجمهور غفير غصت به القاعة الكبرى للمركب الثقافي المذكور من بينه تلاميذ وتلميذات وأوليائهم.
تميز برنامج هذا الحفل، الذي نشطه عزيز الخودي، بفقرات متنوعة من بينها: وصلة غنائية لمجموعة أحواش “نجوم درعة”، النشيد الوطني، كلمة رئيسة المهرجان والجمعية المنظمة له، أي جمعية فرح للتربية والثقافة والفنون، الممثلة أسماء بنزاكور، أغنية “مغربية وأفتخر” لمجموعة بنات كنوز، لقطات من أهم لحظات الدورة الأولى للمهرجان، تعريف بالراحل عبد المولى الزياتي (1952- 2021) الذي تحمل دورة 2021 اسمه وقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة وشهادة في حقه ألقتها المخرجة فاطمة علي بوبكدي، تكريم الممثل محمد مفتاح (ألقى حسن نرايس شهادة في حقه) والفاعلة الجمعوية الحاجة فوزية الجماهري والممثلة زهور السليماني والمديرة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالدار البيضاء أنفا بشرى أعرف (تعذر عليها الحضور) والممثل ومدير الكاستينغ والإنتاج محمد الرداني، وصلة فنية للفكاهي فتيح، تعريف بالأفلام القصيرة المشاركة في المسابقة الرسمية، تقديم تشكيلة لجنة التحكيم برئاسة الممثلة فاطمة بصور وعضوية عزيز الناصري (رئيس المهرجان العربي الإفريقي للأفلام الوثائقية بزاكورة) والأستاذ الجامعي عبد الغني أزفاد، تقديم مؤطري الورشات التكوينية والمشاركين في ندوة “السينما والتلميذ.. أي رهان مستقبلي؟”، عرض فيلم الافتتاح التربوي القصير “صحراء الأمل” للمخرج عزيز الناصري.
وقد نظم على هامش هذا الحفل الافتتاحي (وطيلة أيام المهرجان) معرض لآلات التصوير التاريخية تحت إشراف نجيب مزولي ولقاءات مباشرة مع ضيوف المهرجان من الفنانين وغيرهم.
في كلمتها رحبت أسماء بنزاكور بالحاضرين وعلى رأسهم ضيوف المهرجان وشكرت كل من دعم هذا المهرجان الفتي من قريب أو بعيد وعبرت عن فرحتها بالحضور المكثف الذي حج إلى مركب آنفا للاحتفاء بالتلميذات والتلاميذ وإبداعاتهم السينمائية وللترحم أيضا على روح زوجها المبدع عبد المولى الزياتي الذي ترك غيابه فراغا مهولا في حياتها من الصعب ملؤه. وقد غالبتها الدموع وهي تتحدث عن زوجها الراحل ومكانته في حياتها وحياة ابنتهما الصغيرة فرح.
من لحظات حفل الافتتاح القوية التكريمات التي حظيت بها الشخصيات الفنية والجمعوية والتربوية المذكورة أعلاه والشهادات التي قدمت في حقها وكلماتها بالمناسبة والهدايا والشواهد التي سلمت لها من يد بعض الشخصيات الحاضرة تحت تصفيقات الجمهور الحارة والصور الكثيرة التي التقطت لها من طرف الصحافيين وممثلي وسائل الإعلام الورقية والإلكترونية وغيرها.
اليوم الثاني، الخميس 2 دجنبر
سعيا من إدارة المهرجان إلى ترسيخ الثقافة السينمائية بين تلاميذ مختلف المؤسسات التعليمية التابعة لجهة الدار البيضاء- سطات، وذلك عن طريق إحداث نوادي سينمائية تربوية وتنظيم أنشطة مختلفة لتمكينهم مستقبلا من إحداث تظاهرات سينمائية أو فنية عموما يكون لهم فيها دور إبداعي وثقافي وتربوي، خصص هذا اليوم الثاني من أيام المهرجان للورشات التكوينية داخل بعض المؤسسات التعليمية.
وهكذا شهدت ثانوية عقبة بن نافع بمقاطعة الحي المحمدي صباح هذا اليوم تنظيم ورشة في تقنيات كتابة السيناريو أطرها الناقد والكاتب والصحافي حسن نرايس واستفاد منها مجموعة من التلاميذ والتلميذات، كما شهدت ثانوية حليمة الإعدادية بمقاطعة سيدي بليوط عشية نفس اليوم تنظيم ورشة ثانية في التشخيص أطرتها الممثلة السينمائية فاطمة بصور واستفاد منها ثلة من التلميذات والتلاميذ.
اليوم الثالث، الجمعة 3 دجنبر
أولا، ندوة المهرجان:
تميزت عشية هذا اليوم الثالث من أيام المهرجان بتنظيم ندوة فكرية حول شعار الدورة الثانية “السينما والتلميذ.. أي رهان مستقبلي؟”، كانت عبارة عن لقاء تفاعلي بين الحاضرين من أساتذة وتلاميذ ومثقفين وإعلاميين وفاعلين جمعويين ومخرجين هواة وفنانين محترفين (الممثل حميد نجاح والممثلة فاطمة الشيخ والمخرج المسرحي التونسي وليد بريني…) وغيرهم وبين الناقد السينمائي أحمد سيجلماسي والفاعلة الجمعوية الأستاذة فوزية الجماهري ومسير الندوة عبد الحق فكاك الفاعل الجمعوي والإعلامي المعروف.
تمحورت الأرضية الفكرية لهذا اللقاء التفاعلي، التي تلاها منشط الجلسة، وما تبعها من أسئلة وأجوبة حول أهمية التربية الفنية، والثقافة السينمائية ضمنها، ودورها في بناء شخصية التلميذ والكشف عن مواهبه وميولاته الفنية منذ المراحل الأولى لتمدرسه ودفعه إلى المشاركة في مختلف التداريب والأنشطة والورشات التكوينية التي تعمل على صقل مواهبه وتأهيله لممارسة الفن كهواية أو احتراف.
كما تم التنويه من طرف المتدخلين في اللقاء بالدور الذي تقوم به الأندية السينمائية المدرسية في هذا المجال، رغم قلة الإمكانيات وندرة الأطر التربوية المتخصصة والمتفرغة لتأطير التلاميذ في كل ما يخص الأنشطة الفنية وغيرها. ولم يفت بعض الحاضرين من المؤطرين المتطوعين داخل وخارج المؤسسات التعليمية التي يشتغلون بها إثارة قضايا تهم ما يعترضهم من صعوبات في إنجاز أفلامهم التربوية رفقة التلاميذ من بينها النقص في وسائل الإنتاج وفي الخبرة التقنية بعوالم الصورة والصوت، وبالمناسبة ناشدوا الجهات المسؤولة عن قطاعات التعليم المختلفة للعمل على دمج الثقافة السينمائية والتربية الفنية عموما ضمن برامج المنظومة التعليمية لما لها من دور حيوي في تكوين رجال ونساء الغد ليحملوا مشعل الفن والثقافة بالبلاد ويكونوا خير خلف لخير سلف. فالمواد الفنية لا تقل أهمية عن المواد العلمية والأدبية، ولهذا لابد من العناية بها في إطار برامج تكوينية وتعلمية متكاملة الفقرات، وذلك لأن الإنسان كل لا يتجزأ، فهو جسد وروح وعقل ووجدان وعواطف وأحاسيس، ولابد إذن من تغذية فكره وروحه ووجدانه وأحاسيسه بمواد مختلفة يتداخل فيها ما هو فني وعلمي وديني وأدبي وفلسفي وغير ذلك.
إننا نعيش زمن الصورة بامتياز، لأن هذه الأخيرة غزت كل مرافق حياتنا، ومن هنا ضرورة تربية ناشئتنا على التعاطي الإيجابي مع الصور بمختلف أنواعها وأشكالها، فلا يمكننا أن نستفيد بشكل فعال من الثورة التكنولوجية الرقمية في مجالات الإعلام والتواصل والتعليم وغير ذلك من المجالات إلا إذا تسلحنا بمعرفة أسرار صناعة هذه الصور وتمكنا من تقنيات قراءتها وفك رموزها وتفكيك مكوناتها وشفراتها وتوظيفها بالشكل الأمثل في حياتنا اليومية ومنها الحياة المدرسية بشكل خاص.
لا يمكن لأحد أن يمنع الأطفال والمراهقين والشباب من التعاطي مع الصور القادمة من كل حدب وصوب، لكن بإمكاننا تحصينهم بالمعرفة الضرورية وبالتربية على الصورة ليتمكنوا بأنفسهم من التمييز بين ما هو إيجابي وما هو سلبي في تعاطيهم اليومي معها.
لا أحد ينكر الدور الذي لعبته الأندية السينمائية في عصرها الذهبي منذ عقود في الرفع من مستوى التذوق الفني لدى منخرطيها، وفي تنمية حسهم النقدي. فبدون تربية على الصورة سيظل أطفالنا وشبابنا عرضة للتأثير السلبي على سلوكاتهم وطرق تفكيرهم وجوانب عدة من حياتهم، من طرف لوبيات متحكمة في صناعة الصور والترويج من خلالها لأفكار ومضامين وإيديولوجيات وسلوكات تحط من قيمة الإنسان وتمس بكرامته وتبعده عن القيم النبيلة كالحب والخير والجمال والحق والسلم والحرية… فالإنسان ليس مجرد غرائز كالحيوان فحسب وإنما هو أيضا عقل وروح وفكر وقيم وأخلاق، وهذه المكونات الأخيرة هي التي تجعل منه إنسانا بالفعل.
ثانيا، عروض أفلام المسابقة:
مباشرة بعد انتهاء أشغال الندوة/اللقاء التفاعلي تم عرض الأفلام المشاركة في المسابقة دفعة واحدة مع كلمات لمخرجيها تباعا، عدد هذه الأفلام التربوية القصيرة عشرة تمحورت مواضيعها حول قضايا وطنية (المسيرة الخضراء) أو اجتماعية كغياب التواصل بين أفراد العائلة بسبب الإدمان على الهواتف الذكية وتشغيل القاصرات وعواقب الطلاق على الأطفال أو تربوية كالغش في الامتحانات وغير ذلك.
اليوم الرابع، السبت 4 دجنبر
شهد اليوم الرابع والأخير من أيام المهرجان تنظيم ورشة ثالثة في الصباح بالثانوية الإعدادية المحمدية بمدينة المحمدية حول الإخراج أطرها الدكتور منصف صدقي العلوي، وهو أستاذ باحث في الفنون البصرية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، استفاد منها مجموعة من تلميذات وتلاميذ هذه الإعدادية.
وفي المساء ابتداء من الخامسة تم تنظيم الحفل الختامي للدورة الثانية للمهرجان، حيث تضمن برنامجه فقرات فنية شعبية وعصرية (غناء وموسيقى ورقص) وكلمات ختامية وإطلالة على أهم لحظات برنامج الأيام الثلاثة الأولى. ولعل أهم ما تميز به هذا الحفل الختامي هو إعلان لجنة التحكيم عن الأفلام التربوية القصيرة الفائزة بالجوائز الخمس للمسابقة الرسمية.
ومعلوم أن هذه المسابقة تبارت على جوائزها، أمام لجنة تحكيم ترأستها الممثلة والشاعرة والمؤطرة التربوية فاطمة بصور وضمت إلى جانبها كلا من الأستاذ الجامعي والفاعل الجمعوي والمؤطر الوطني في مجال الطفولة والشباب عبد الغني ازفاد ورئيس المهرجان العربي الإفريقي للأفلام الوثائقية بزاكورة عزيز الناصري، عشرة أفلام تنتمي إلى مؤسسات تعليمية عمومية بجهة الدار البيضاء سطات.
النتائج التي أعلنت عنها رئيسة اللجنة جاءت على الشكل التالي:
الجائزة الكبرى (أو جائزة عبد المولى الزياتي): منحت لفيلم “تالفون” من إخراج عبد اللطيف ورادي.
جائزة الإخراج: حصل عليها فيلم “نوارة” من إخراج صفاء بو عمارة.
جائزة السيناريو: فاز بها فيلم “صفحة بيضاء” من إخراج إسماعيل هرويت.
جائزة التشخيص ذكورا: منحت للطفل بطل فيلم “سالا الطرح” من إخراج محمد عبيد.
جائزة التشخيص إناثا: فازت بها الطفلة ياسمين بطلة فيلم “نوارة” لصفاء بو عمارة.
أما باقي الأفلام التي لم يتم تتويجها، رغم تميز بعضها شكلا ومضمونا، فعددها ستة وهي: “لعبة البوزل” من إخراج الجيلالي بوجو و”تمرين” من إخراج طارق رسمي و”بابا.. كمل…” من إخراج عبد الرزاق سوداني و”الندبة” من إخراج محمد هشامي و”بلوكاج” من إخراج حمزة الحجوجي و”مسيرة” من إخراج سليمان الطلحي.
تجدر الإشارة إلى أن الدورة الثانية لمهرجان إبداعات سينما التلميذ بجهة الدار البيضاء سطات، التي حملت اسم “دورة المرحوم عبد المولى الزياتي”، قد نظمت تحت شعار “السينما والتلميذ أي رهان مستقبلي…؟” بالمركب الثقافي آنفا وبعض المؤسسات التعليمية الثانوية بالدار البيضاء والمحمدية من فاتح إلى رابع دجنبر الجاري من طرف جمعية فرح للتربية والثقافة والفنون برئاسة الممثلة أسماء بنزاكور بشراكة وتعاون ودعم مجموعة من الشركاء من بينهم المركز السينمائي المغربي والمقاطعة الجماعية آنفا ومقاطعة سيدي بليوط والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء سطات…
أحمد السجلماسي