مهنيو الحليب يستنكرون عدم إشراكهم في تدبير الأزمة

تعتزم وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تنزيل تدابير “للحفاظ على توازن سلسلة قطاع الحليب”، وسط انتقادات من طرف الفلاحين والمهنيين، لإقصائهم من الحوار الذي جمع الوزارة مع أعضاء الفدرالية البيمهنية لسلسة الحليب، والذي خصص لعرض وضعية سلسلة الحليب والتدابير الواجب اتخاذها للحفاظ على توازن السلسلة ودعم مربي الماشية ومرافقة الفاعلين بسلسلة القيمة من جهة، ولعدم نجاعة التدابير المعن عنها لإنقاذ القطاع.  

ومن التدابير الرئيسية المقترحة من قبل المهنيين خلال الاجتماع الذي عقده وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، مع أعضاء الفدرالية البيمهنية لسلسة الحليب، الإثنين الماضي، الاستمرار في تعزيز دعم الأعلاف المركبة، دعم عملية جمع الحليب للرفع من حجم الحليب المصنع، مكافحة البيع المتجول، تعزيز إنشاء وحدات إنتاج الشعير المستنبت (العلف الأخضر) لتزويد مربي الماشية على مستوى أحواض إنتاج الحليب، دعم صيانة القطيع المنتج للحليب، ثم وضع نظام تتبع بتنسيق مع المهنيين من أجل ضمان العرض الكافي في السوق وتلبية الطلب.

وفي هذا الصدد، استنكر الشريف الكرعة رئيس تعاونية للحليب سابقا، عدم حضور الاجتماع تمثيلية للتعاونيات والاتحادات التي تمثل صغار الفلاحين، مبرزا أن الفلاح الصغير ساهم خلال الفترة الممتدة من 2013 إلى 2018 بنسبة 70% من الإنتاج الوطني للحليب.

وتساءل الكرعة، في تصريح لجريدة بيان اليوم، عن أسباب إقصاء هذه التنظيمات من التمثيلية داخل الفيدرالية البيمهنية، مؤكدا أنهم طالبوا سابقا عبر رسائل مضمونة للوزارة الوصية بفتح باب الحوار في هذا الموضوع، لكن دون جدوى.

 وفيما يخص دعم الأعلاف المركبة ودعم عملية جمع الحليب ومكافحة البيع المتجول و تعزيز إنشاء وحدات إنتاج الشعير…، تساءل الشريف الكرعة في التصريح ذاته مستنكرا: “متى ستتخلى الوزارة الوصية عن سياسة سيل لعاب الفلاح الصغير أثناء الأزمة ؟”، مضيفا: “لقد سبق وأن سمعنا بنفس الشعارات في إطار مخطط المغرب الأخضر، وتحمس الفلاح واقتنى أبقارا أصيلة مقابل دعم في إطار الدعامة الثانية بقيمة أربعة ألاف درهم عن كل بقرة، وشيد إسطبلات وجهزها بآليات الحلب وانضم إلى التعاونيات، لكن سرعان ما تم الإجهاز على ذلك حين وقع فائض الإنتاج بفعل مجهودات صغار الفلاحين”.

وتابع المتحدث نفسه، أنه في الوقت الذي كان على شركات تصنيع الحليب أن تعالج مشكلة فائض الإنتاج مقابل ما حصلت عليه من دعم، قامت بتطبيق نظام “الكوطة” على التعاونيات وافتعال عدة أسباب للحد من إنتاج صغار الفلاحين وتعريضهم للكساد أمام صمت الحكومة”.

وأشار الفاعل السابق في قطاع الحليب، إلى أنه كان لاتحاد الغرب لتعاونيات الحليب الحل للحفاظ على القطيع والاستمرارية في الإنتاج وذلك بدعم وحدة لتصنيع الجبن بتأطير من كفاءات عالية مغربية في مجال الصناعة الغذائية إلا أن “لوبيات الاستيراد لحليب الغبرة والجبن تصدوا لهذا المشروع بعدما كان مجلس جهة الرباط  سلا القنيطرة عازما على دعمه”.

وسجل الشريف الكرعة غياب أي حديث عن دعم وحدات صناعية لصغار الفلاحين، مضيفا: “كل ما يناقشونه هو تحفيز الوزارة على دعم وحداتهم بتوريط منتجين جدد قصد اقتناء أبقار أصيلة  والإصرار على الدعم بالعلف الذي لا يستفيد منه إلا أصحاب الإسطبلات الكبرى والقضاء على القطاع غير المهيكل (البيع المتجول) من أجل الاحتكار”.

وشدد الكرعة على أنه لا يدافع عن البيع المتجول، لكنه يدعو إلى حلول حقيقية مثل تفعيل صناعة الجبن ببلادنا باعتبار أن الأسواق الوطنية تغزوها المنتجات الأوربية وعليها إقبال كبير باعتبار أن نمط الاستهلاك الغذائي في المغرب أصبح يقوم على الوجبات السريعة التي تتطلب مستخلصات حليبية، وبالتالي “ماذا ينقصنا كي ننتج ذلك بأنفسنا و نغزو السوق الإفريقي بالمنتجات الوطنية؟”.

ودعا الشريف الكرعة الإعلام الرسمي، إلى فتح نقاش مسؤول مع كل الفاعلين في القطاع، بدل تجاهل الأزمة، مؤكدا على ضرورة إشراك صغار الفلاحين ورؤساء التعاونييات المغلقة للاستماع إلى آرائهم  والبحث في أسباب الفشل الحقيقية ومن كان يقف وراء ذلك.

وقال الشريف الكرعة إن موضوع قطاع الحليب يجب أن يحظى بالاهتمام والعناية لأنه يحتضن يد عاملة مهمة في العالم القروي ويعفي الدولة من العملة الصعبة نتيجة الاستيراد ويشغل خريجي الطب البيطري وينمي الصناعة العلفية والغذائية ويوفر سيولة نقدية للفلاح كل يوم أو كل نصف شهر…

واعتبر الشريف الكرعة، أن الاستمرار في إرضاء لوبيات تصنيع الحليب ولوبيات الاستيراد وجعلهم على رأس الفيدرالية البيمهنية وانفرادهم بمناقشة الوضع والحوار والتدبير واستغلال النفوذ، سيقضي على مخطط الجيل الأخضر ويدق المسمار الأخير في نعشه، مشددا على أن الحكومة في الأخير هي من ستتحمل المسؤولية باعتبار أن الموضوع أضحى سياسيا أكثر مما هو اجتماعي أو اقتصادي.

عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top