نبيل بنعبد الله يأسف لغياب الحكومة وضعفها السياسي وبعدها عن الدولة الاجتماعية

حل ضيفا على برنامج نقطة إلى السطر بالقناة الأولى

قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن الظرفية الحالية في المغرب والعالم عموما، صعبة للغاية بحكم التطورات المرتبطة بالآثار السلبية للكوفيد، وما تخلفه الأزمة الروسية – الأوكرانية الحالية.
وأضاف بنعبد الله الذي حل ضيفا على برنامج نقطة إلى السطر بالقناة الأولى، أول أمس الثلاثاء، أن هذه الظرفية تحتاج إلى نقاش جدي وعميق في مختلف الأوساط، من أجل تقديم الأجوبة الشافية والكافية للمواطنات والمواطنين.
وتأسف بنعبد الله لما تعرفه الساحة السياسية من غياب تام لمكونات الأغلبية الحكومية، التي قال إنها مطالبة بأن تكون في حجم المرحلة، خصوصا وأنها تحظى بأغلبية مريحة في مختلف المجالس المنتخبة وطنيا وجهويا ومحليا.
وسجل بنعبد الله أن هناك مسافة بين التصريحات الحكومية، وما يتعلق بشعاراتها بشأن الدولة الاجتماعية، والنموذج التنموي وبين أداءها وممارستها على أرض الواقع، مشيرا إلى أنها حكومة صامتة بحضورها سياسي باهت وحضور تواصلي يحتاج أن يعالج.
وشدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على أن هناك انتظارات في مختلف الفئات بما فيها وسط رجاء ونساء الأعمال حول الخطة التي ستضعها الحكومة من أجل الخروج من الأزمة ومن أجل تحقيق الإقلاع الاقتصادي والنمو الذي كانت تعد به مكونات هذه الأغلبية.
ويرى بنعبد الله أن أي حكومة كانت ستأتي في المرحلة الحالية كانت ستصطدم بالظرفية الصعبة الحالية، مردفا أن ذلك لا يعفي الحكومة الحالية من مسؤوليتها بخصوص النقاش السياسي وملء الساحة والتواصل بجدية مع المواطنات والمواطنين وإخبارهم بالمستجدات المتعلقة بما هو وطني ودولي وعن الوضعية الصعبة.
وذكر بنعبد الله بأن مختلف الحكومات السابقة، جاءت بدورها في أزمات معينة، كالأزمة المالية العالمية في 2008، وغيرها من الأزمات، المرتبطة بالسوق الدولية، والمرتبطة بالتساقطات المطرية والجفاف، موضحا أن أي أزمة لا تشكل مبررا للتملص من المسؤولية والاكتفاء بالتشكي والغياب عن الساحة السياسية وترك المواطنات والموطنين يعيشون وضع الترقب والانتظار.
وعن الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة لمواجهة غلاء الأسعار ومواجهة موسم الجفاف، سجل زعيم حزب “الكتاب” أن هناك إجراءات وعدت الحكومة باتخاذها قولا، لكن على أرض الواقع ما يزال الوضع نفسه مستمرا، لافتا إلى أن غلاء أسعار مجموعة من المواد، وأساسا منها المحروقات والخضروات والمواد الأساسية.
ودعا بنعبد الله الحكومة إلى ملائمة أقوالها مع أفعالها، وبلورة إجراءات حقيقية تنقذ المغاربة من موجة الغلاء، ومعالجة مشكل التواصل السياسي لدى الحكومة، والخروج للترافع عن منجزاتها وعن أفكارها وخططها وبرامجها، حيث قال إن الأحزاب الثلاثة المشكلة للحكومة مطالبة باستغلال أغلبيتها المريحة لعرض تصورها على الشعب والدفاع عن نفسها بدل الارتكان إلى الصمت الذي يغذي الفراغ واليأس.
ونبه بنعبد الله إلى مخاطر استغلال شعارات من قبيل الدولة الاجتماعية، والنموذج التنموي، معتبرا أنها مصطلحات بحمولة سياسية واجتماعية قوية وليست شعارات للاستهلاك فقط، مذكرا بأن مفهوم الدولة الاجتماعية يعني وضع تصور لدور الدولة التي تتدخل في الاقتصاد الوطني من أجل تنظيمه وتقنينه وتوجيهه وتقوية القطاع الخصوصي من أجل أن ينخرط في ذلك، والتدخل في طرق الحكامة من أجل معالجة كافة أشكال الريع والأساليب الفاسدة، والتدخل حين غلاء الأسعار من أجل سن إجراءات عملية على أرض الواقع لحماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.
في هذا السياق، قال بنعبد الله إنه من غير المعقول أن تتواصل الزيادات بشكل عشوائي في قطاع المحروقات أمام صمت الحكومة، خصوصا مع وجود شبهة تضارب المصالح، محذرا من هذا الخطر الذي يهدد الأمن الطاقي للمغرب.
وبعدما ذكر بنعبد الله بأن حزب التقدم والاشتراكية كان ضد تحرير أسعار هذه المحروقات خلال مشاركته في الحكومة ما قبل السابقة، شدد على أن حكومة بنكيران وحين تحرير هذه الأسعار وضعت خطا للتأمين من أجل التدخل في حالة الوصول إلى اسعار لا تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، متسائلا عن هذا التأمين ولماذا لا تفعله الحكومة الحالية بعدما وصلت الاسعار إلى مستويات غير مقبولة.
كما تساءل بنعبد الله عن تأمين الأمن الطاقي للبلاد وعن تضارب المصالح الذي جعل مصفاة لاسامير ما تزال مغلقة، بالنظر لكونها الشركة التي كانت تكرر البترول وتؤمن بخزاناتها الطاقة بالنسبة لعموم البلاد، داعيا إلى إيجاد حل عاجل لهذه المسألة وإعادة تشغيل هذه المصفاة النفطية.
وجدد بنعبد الله التأكيد على ضرورة إعادة تشغيل لاسامير، لتجاوز ما وصلت غليه البلاد من غلاء في أسعار المحروقات، ومراكمة شركات بعينها لأرباح خيالية فاقت 38 مليار، حيث دق ناقوس الخطر إزاء هذه المفارقة المهولة بين ما تحققه الشركات من أرباح في الوقت الذي يكتوي به المواطنون بنار لهيب الأسعار.
ودعا المسؤول الحزبي الحكومة إلى ضرورة وضع إجراءات عملية بدل الاكتفاء بالمشاهدة، وحذو إجراءات عملية كالعديد من البلدان التي تدخلت من أجل تقليص اسعار المحروقات، سواء على الصعيد الجبائي والجمركي، أو من خلال إجراءات لتحمل جزء من التكلفة.
ومن ضمن المقترحات المهمة لمواجهة غلاء الأسعار، شدد بنعبد الله على ضرورة تسلح الحكومة بالإرادة، وذلك من أجل الحد من الأرباح الخيالية لبعض الشركات وتفعيل المساهمة التضامنية من قبل الأغنياء، ثم وبشكل أساسي الحد من تضارب في المصالح الموجود في قطاع المحروقات وإيقافه بشكل كلي، ونفس الأمر بالنسبة لغلاء مجموعة من المواد الأساسية كالخضر، إذ دعا المتحدث إلى الضرب بيد من حديد على تدخل المضاربين وتقليص تصدير مجموعة من المواد، واعتماد آليات تضامن حقيقية.
إلى ذلك، سجل الأمين العام لحزب “الكتاب” أن هناك ضرورة لمراجعة المقاربة المالية المعتمدة، خصوصا وأن جميع الفرضيات التي وضعتها الحكومة الحالية في تصريحها وفي قانون مالية 2022 سقطت، ولم تعد قائمة، سواء بالنسبة للظرفية الوطنية التي تعرف الجفاف، أو بالنسبة للسوق الدولية التي عرفت تقلبات كثيرة.
وجدد بنعبد الله دعوته إلى ضرورة ملء الساحة السياسية بالنقاش ولعب الدور السياسي الاساسي من أجل تجنب الفراغ واليأس في الأوساط المجتمعية، مشيرا غلى أن هذا اليأس تشرب حتى لدى فئات نساء ورجال الأعمال الذين ينتظرون بدورهم إجراءات عملية للحكومة من أجل الإقلاع الاقتصادي.
وربط بنعبد الله بين مجموعة من المظاهر التي أصبحت متفشية في المجتمع وبين غياب التأطير السياسي والفراغ الذي يعرفه المشهد العام، بما في ذلك الشغب الرياضي وما شهدته مباراة المغرب الفاسي والجيش الملكي من أحداث مؤسفة، حيث سجل بالمتحدث اسفه حيال ما وقع، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب يقظة الجميع وتضافر جهود مختلف الهيئات السياسية والجمعوية والإعلامية وغيرها من أجل ملء الساحة والنقاش ولعب الأدوار المجتمعية الأساسية في التأطير لتجاوز حالة الفراغ واليأس التي تفشت في مختلف الأوساط.

محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top