قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، مساء الخميس الماضي، بالمركب الثقافي حبيبة المذكوري بالدار البيضاء، إن حضور ممثلي وممثلاث أحزاب سياسية شقيقة وصديقة، في لقاء حزبي داخلي، خطوة تستحق التنويه والشكر، وتعبر عن علاقات الود والصداقة، ومناسبة لتبادل الآراء، رغم الاختلافات، واختلاف المواقع “أغلبية أو ومعارضة”.
وأضاف نبيل بنعبدالله، في لقاء نظمه الفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بعين الشق بالدار البيضاء، لمناقشة الورقة التنظيمية الداخلية “مداخل للنقاش والتفكير في أفق المؤتمر الحادي عشر”، إن هذا الحضور الذي وصفه بالوازن لممثلي الأحزاب السياسية تعبير عن الديمقراطية التي ننشدها جميعا، قبل أن يستدرك بالقول، إن العلاقات الإنسانية التي “تجمعنا جميعا فوق كل هذه الاعتبارات”.
وأوضح الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في هذا اللقاء الحزبي، الذي قامت بتسييره باقتدار كبير الأستاذة لبني الصغيري، الكاتبة العامة للفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بعين الشق بالدار البيضاء، أن هناك أعمال مشتركة على الناخبين أن يقوموا بها، خصوصا على مستوى الجماعات المحلية، لكونها الوعاء الأساسي لخدمة المواطنين، كل من موقعه، مؤكدا أن تغيير واقع البلاد سيسعد المغاربة والمغربيات أينما كانوا، ضمنهم سكان مقاطعة عين الشق التي تحتاج إلى العديد من الإصلاحات في نظره.
وأكد نبيل بنعبدالله، في هذا اللقاء الذي حضره بعض أعضاء المكتب السياسي، والكاتب الوطني للشبيبة الاشتراكية يونس سراج، ومحمد بوسريف مستشار الحزب بمقاطعة عين الشق، وممثلو الأحزاب السياسية بالمنطقة، ومناضلو ومناضلات الحزب والمتعاطفين، ضمنهم أعضاء فرع الشبيبة الاشتراكية، أن الوضعية دقيقة، وأنه رغم وجود الحزب في المعارضة، فهذا لا يمنع من القول، أن مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار، وبالتالي، فنجاح الحكومة، يقول المتحدث، هو نجاح للمغرب، موضحا أن الحكومة تواجه أوضاعا صعبة مرتبطة بأوضاع عالمية، ضمنها وباء كوفيد والحرب الروسية الأكرانية، التي خلفت انعكاسات اقتصادية واجتماعية وسياسية، لكن هذا، لا ينقص في نظره من مسؤولية مواجهة الحكومة لهذه الأوضاع.
وبعد أن حذر من مغبة اعتبار الوضعية الحالية “عادية”، لفت الأمين العام لحزب “الكتاب” انتباه الحكومة إلى أن انعكاسات هذه الوضعية أدت إلى ارتفاع الأسعار ومست بالتالي القدرة الشرائية للفئات الهشة، وأن استقرار البلاد قد يـتأثر بهذا الارتفاع المهول للأسعار، مؤكدا أن المغرب اليوم، في حاجة إلى طبقة سياسية، تتواصل وتقترح الحلول، وتشرح للمواطنين أسباب ارتفاع أسعار مجموعة من المواد كالخضر والمحروقات ومواد البناء وغيرها.
وشدد المتحدث على أن هناك ضعفا على مستوى التواصل الإعلامي السياسي للحكومة، وأن الواجب السياسي يحتم عليها أن تكون حاضرة على مستوى جميع وسائل التواصل بما فيها القنوات العمومية للتواصل مع المواطنين في القضايا التي تهمهم، وتقدم لهم الشروحات الكافية، عوض الاكتفاء بإصدار بلاغات لا يطلع عليها أحد.
وسجل نبيل بنعبدالله أن مجموعة من القضايا، كالديمقراطية والحريات والحقوق بصفة عامة، غائبة لدى الحكومة الحالية، مما ” يقلقنا كثيرا، كأحزاب كرست تاريخها من أجل الدفاع عن هذه القضايا”، داعيا المناضلين والمناضلات إلى استنهاض الهمم وشحذ الطاقات وتعبئة الشعب من أجل ملء الساحة وتأطير المواطنين وإعطاء المصداقية للعمل السياسي وللمنتخبين.
واعتبر نبيل بنعبدالله، أن الإجراءات التي قامت بها الحكومة في فترة كوفيد لفائدة المقاولات، من قبيل استفادتها من قروض أوكسجين، وجدولة تسديد الديون، والدعم الاستثنائي لأصحاب النقل بمختلف أنواعه (سيارات الأجرة، الحافلات….)، يبقى غير كاف، إذ لا يعقل، أن تحقق ثلاث شركات تعمل في مجال المحروقات يقول بنعبدالله، حوالي38 .2 مليار درهم من الأرباح في السنة الماضية، ولا نرى لها أي أثر على مستوى أسعار المحروقات التي ترتفع يوما عن يوم، في حين تضطر الدولة إلى أن تأخذ ديونا أخرى إضافية .
وحذر بالمناسبة، من مسألة قد تكون لها انعكاسات سلبية، تتمثل في الوعود الانتخابية، التي مازال المواطنون ينتظرونها، من قبيل الزيادة في الأجور، وغيرها، معتبرا أن شعار الدولة الاجتماعية، الذي ترفعه الحكومة الحالية، يعني اتخاذ قرارات اجتماعية، وتوجيه الاقتصاد، والحفاظ على المدرسة العمومية، والوقوف إلى جانب المستضعفين، وغيرها من القرارات، والحال، يؤكد نبيل بنعبد الله، أننا لاما زلنا بعيدين في الواقع عن هذه الدولة الاجتماعية، التي تتكلم عنها الحكومة رغم توفرها على أغلبية مريحة، كما تتوفر على أغلبية أخرى في تسيير المدن الكبرى والجهات والجماعات.
ولم يفته بالمناسبة التنوية، بما قامت به الجماعات المحلية من مبادرات للتضامن مع المواطنين، معتبرا أن قيام السلطات المحلية في أماكن أخرى، بتوزيع المساعدات على المواطنين، يعطي صورة سلبية ومغلوطة للمواطن، وكأنه لا وجود لسياسيين ولا جمعويين، وبالتالي فهذا السلوك يبخس عمل المنتخبين ويضرب مصداقية الأحزاب التي أعطاها الدستور عدة أدوار منها تأطير المواطنين.
بعد ذلك، انتقل إلى الحديث عن التحضير المؤتمر الوطني الحادي عشر لحزب التقدم والاشتراكية، حيث أشار في هذا الصدد، إلى أن الحزب قرر إطلاق عمليتي التفكير والنقاش من أجل مراجعة عميقة لطرق ومقاربات الحزب، موجها بالمناسبة شكره لكل الطاقات الحزبية، سواء تعلق الأمر بالقيادات الوطنية، أو الفروع الإقليمية والمحلية، أو المنظمات الموازية للحزب، أو القطاعات السوسيو مهنية أو بالمناضلين والمناضلات المتواجدين في الواجهة أو الصفوف الأمامية، في إشارة إلى المنتخبين والمنتخبات.(برلمانيون، منتخبون)، مطالبا منهم جميعا التفكيرفي كيفية الارتقاء الفعلي بالممارسة الديمقراطية والمقاربات الناجعة لتجاوز الكوابح والمعيقات ، من أجل تعزيز وتوسيع تجاوب الرأي العام مع مبادرات الحزب ونداءاته وتحاليله المتعددة.
ودعا جميع المناضلين في مختلف مواقع الحزب، في نقاشاتهم الداخلية في إطار المؤتمر الوطني القادم للحزب، إلى استحضار كيفية الحفاظ على هوية الحزب، بكونه حزب اشتراكي منفتح، تقدمي ويساري ومستقل في قرارته، مع التفكير في كيفية تحسين تواصل الحزب ليس فقط مع مناضليه، بل مع الرأي الوطني ، خصوصا وأن مواقع التواصل الإجتماعي أصبح لها تأثير قوي في صناعة الرأي العام.
يشار إلى أن هذا اللقاء افتتح بكلمة للرفيقة لبني الصغيري، الكاتبة العامة للفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بعين الشق بالدار البيضاء،
أشارت فيها، إلى أن قيادة حزب التقدم والاشتراكية، دأبت في اطار نهجها للديمقراطية الداخلية على اختيار التحضير للمؤتمرات الوطنية للحزب، انطلاقا من القواعد وذلك عبر تأطير لقاءات بالفروع الإقليمية والجهوية والمحلية، وبطرح ورقة داخلية تخص تنظيم الأداة والبنية الحزبية، من أجل مناقشة مضامينها وطرح مقترحات وآراء لتنقيحها وإغنائها، وتمكين جميع المناضلات والمناضلين من المساهمة في النقاش العام حولها، وذلك بحثا عن آليات وميكانيزمات جديدة ذات نجاعة وفعالية في تدبير المرحلة كفيلة بتقوية الفعل الحزبي ميدانيا مما يمنح معنى نبيلا للحياة الحزبية ويضفي قيمة مضافة على العمل السياسي .
وأكدت بالمناسبة، أن المعايير والمحددات المؤطرة لعمل حزب التقدم والاشتراكية، تستند على بعدين، الأول نظري تاريخي، يرتكز في نظرها على ذاكرة الحزب ومساره النضالي الطويل وعلى المبادئ والثوابت المتجددة للمرجعية التأسيسية، التي أفرزت الحزب في صورته الأولى كحزب شيوعي، ثم كحزب التحرر والاشتراكية، فحزب التقدم والاشتراكية، حيث كتب للحزب، تضيف المتدخلة، أن يخرج في كل المحطات التاريخية التي مر منها أقوى مما كان يحاك ضده من مناورات وقمع ومنع ومضايقات، ليظل حزبا وطنيا، يساريا، اشتراكيا، تقدميا، حداثيا وديموقراطيا، حزبا مرتبطا بانشغالات و هموم الطبقات والفئات الكادحة والطبقات المثقفة، وبذلك يظل الارتباط بالجدور الاجتماعية والطبقية حاضرا بقوة في هوية الحزب وكينونته والذي” نفتخر بانتمائنا اليه والتزامنا بالانخراط في الدينامية الجديدة التي يعرفها والتي تجعل من مسألة الحريات والحقوق الاجتماعية السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية، رهانا وعنصرا محوريا في هذه الهوية وفي أفقها الاستراتيجي” على حد تعبيرها,
أما البعد الثاني لهذه المحددات والمرتبط بالممارسة الميدانية ضمن تمفصلاتها وعلاقتها الجدلية مع البعد النظري، فإنه يتعلق في نظرها، بالتنشئة الحزبية المبنية على احترام منظومة القيم المتسمة بالانفتاح وبالتحلي بروح المسؤولية والمواطنة، واستثمار ما راكمه الحزب باعتباره مدرسة سياسية متميزة، من تجربة وتموقعات وتحالفات، طيلة اكثر من سبعة عقود من العمل السياسي، بفعل وضوح خطه السياسي و نبذه الانحراف عن المسار النضالي ومحاربة المواقف الانتهازية والوصولية والدوغمائية.
واعتبرت لبنى الصغيري، أن حزب التقدم والاشتراكية يسعى الى التحضير للمؤتمر الحادي عشر، في أجواء من الجدية والتعبئة والحماس وفي إطار احترام مؤسسات الحزب ومقتضيات قانونه الأساسي، مع الحرص على إعمال مبدا الديموقراطية الداخلية، والاستناد إلى التفكير الجماعي المنظم وما يتطلبه من تدبير تشاركي اثناء هذه المرحلة.
وأكدت أن الحزب وضع هذه الورقة الداخلية تحت اسم مداخل للنقاش والتفكير في أفق المؤتمر الوطني 11 للحزب ليس كبديل للوثيقة السياسية وباقي الوثائق الأخرى الخاصة بالمؤتمر، بل إن طرحها جاء في اطار التدافع الفكري والمعرفي ومن أجل إثارة نقاش عميق بشأن مضامينها من طرف مناضلات ومناضلي الحزب وتأطير عمليات التحضير بشكل جيد للمؤتمر الوطني 11 للحزب كهوية وكذات جماعية بحيث ترتبط محاور هذا النقاش بمغزى الانتماء للحزب والتفكير في تطوير الأدوات التنظيمية باقتراح صيغ وآليات جديدة للتنظيم تتصف بالنجاعة والفاعلية.
من جانبه، قال محمد بوسريف عضو المجلس الجماعي لمقاطعة عين الشق بالدار البيضاء، إن حزب التقدم والاشتراكية، تمكن خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة، من الفوز بمقعد لأول مرة منذ 30 سنة.
وأضاف في كلمة له، خلال هذا اللقاء الحزبي الداخلي، إن حزب التقدم والاشتراكية، حاضر بقوة، ويحظى بمصداقية لدى الساكنة، لكونه قريبا منها، يهتم بمشاكلها ويدافع عنها، مؤكدا أن تجربته الإدارية ساعدته كثيرا في أداء واجبه الجماعي. وأكد أنه بالرغم من كون الحزب لا يساهم في التسيير ولا يتٍرأس أي لجنة، إلا أنه سيظل في خدمة الساكنة من موقع المعارضة.
حسن عربي
تصوير: أحمد عقيل مكاو