نجاح الحوار الاجتماعي ضرورة آنية لا بديل عنها

في إطار متابعة الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية بين الفرقاء الاجتماعيين، دورة شهر شتنبر 2018، وقصد المساهمة في النقاش الجاري وسط الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين وإشراك الرأي العام الوطني الذي ظل يتابع هذا الموضوع باهتمام كبير، وسيرا في الاتجاه الذي دأبْت عليه في المقالات السابقة، ارتأيت أن يكون عنوان هذا المقال هو: “نجاح الحوار الاجتماعي ضرورة آنية لا بديل عنها”.. لأن القيام بقراءة موضوعية للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وما لذلك من تأثير على الأوضاع العامة من مختلف جوانبها يؤكد:
أن طبيعة الظرفية الراهنة ودقتها لا تسمح للحكومة بأن تقع في الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة السابقة بتعاملها السلبي مع الحوار الاجتماعي والذي كانت تكلفته باهظة وهو ما أكدنا عليه في المقالات السابقة.
ولكون طبيعة القضايا المطروحة بما فيها: (حق المفاوضة الجماعية، الحق النقابي، تطبيق تشريع الشغل، الملاءمة بين الأجور والأسعار، تعميم وتقوية الحماية الاجتماعية، التشغيل) لا تعني المنظمات النقابية فقط بل تعني بالدرجة الأولى الحكومة من موقعها كمعنية بتدبير الشأن العام وتعني أرباب العمل من موقع المسؤولية الاجتماعية للمقاولة.
ولكون المرحلة المقبلة 2019-2021 ستكون بالتأكيد أكثر توترا إذا ما استمر الحوار الاجتماعي في الوضعية التي هو عليها الآن.
كما أن عامل الزمن له أهميته إذ لم يعد هناك أي مبرر للحكومة بأن تستمر في التسويف والتماطل لأنها كانت على دراية بطبيعة القضايا المطروحة من خلال جولة الحوار لشهر أبريل الماضي قبل قيامها بتهييء مشروع القانون المالي الذي تم تقديمه للبرلمان لكي يتأتى الانتقال إلى مرحلة أخرى خارج أجواء التوتر.
علما بأن القضايا المطروحة ليست أكثر صعوبة مما عرفته الوضعية عند إبرام الاتفاقات السابقة وهو ما يعني أن عدم الوصول إلى اتفاق تعود المسؤولية فيه بالدرجة الأولى إلى الحكومة، وأن تبرير عدم الوصول إلى التوافق لأسباب مالية يعد واهيا ولا قيمة له أمام التحديات المطروحة وما يمكن أن ينتج عنها.
إن الحوار الاجتماعي في هذه الجولة يجب أن يتم فيه استثمار ما تحقق من تراكمات في مجال تشريع الشغل والحوار الاجتماعي، والانطلاق مما تضمنه التشريع الدولي والوطني والاتفاقات السابقة، وأن يسير في الاتجاه الذي يؤدي إلى إبرام اتفاق اجتماعي خامس حيث يجب أن يتضمن جانبين:
أن يتم إيجاد الحلول للقضايا المطروحة.
وأن يتم وضع خارطة طريق للوقاية من نزاعات الشغل الجماعية في القطاع العام والخاص.
وفي هذا الإطار أقترح القيام بالخطوات التالية:

1 – حق المفاوضة الجماعية:

– أن يتم تحديد تواريخ بداية ونهاية جولات الحوار الثلاثي لشهر أبريل وشتنبر ويمكن تمديدها باتفاق بين الأطراف.
– أن يتم تحديد الحوار القطاعي في جولتين في السنة: الجولة الأولى في شهر ماي والثانية في شهر أكتوبر مع تحديد بدايتها ونهايتها ويمكن تمديدها باتفاق بين الطرفين.
– تفعيل الحوار بالقطاعات المهنية من أجل تقوية إبرام الاتفاقيات الجماعية.
– أن يتم تفعيل الحوار على مستوى الأقاليم والجهات كترجمة عملية للجهوية الموسعة.
– خلق لجان لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه ومتابعة الاختلالات والتجاوزات التي تحدث بسبب المس بالحق النقابي وعدم تطبيق تشريع الشغل مع الأجهزة الإدارية المعنية حسب نوعيتها وذلك على الشكل التالي:
> لجنة حق المفاوضة الجماعية
> لجنة احترام الحق النقابي
> لجنة تطبيق تشريع الشغل
> لجنة ملاءمة الأجور والأسعار
> لجنة تقوية الحماية الاجتماعية
> لجنة التشغيل
– تكوين لجنة لتهييء مشروع ميثاق اجتماعي بإشراك المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وأن تتضافر جهود الجميع من أجل التوافق عليه.
– تفعيل المجالس الاستشارية للحوار الاجتماعي المنصوص عليها في مدونة الشغل لكي تقوم بدورها على الوجه المطلوب.
– إصدار مذكرات توضيحية وتطبيقية لمقتضيات مدونة الشغل حول بعض القضايا التي تستوجب ذلك مثلما حصل بالنسبة للمادة 62 بعد أن يتم الاطلاع عليها من طرف الفرقاء الاجتماعيين.

2 – احترام الحق النقابي:

– المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87 حول الحق النقابي وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي.
– اتخاذ التدابير لحماية الحق النقابي على مستوى القطاع العام.
– اتخاذ التدابير لحماية الحق النقابي بالجماعات الترابية.
– اتخاذ التدابير لحماية الحق النقابي بمقاولات القطاع الخاص.
– اتخاذ التدابير والإجراءات لتقوية العمل النقابي.

3 – تطبيق تشريع الشغل:

– إزالة الحيف على بعض الفئات من الموظفين ومراجعة النظام الأساسي للوظيفة العمومية وفق أجل محدد.
– وضع برنامج عمل لتطبيق تشريع الشغل لجميع مقاولات القطاع الخاص.
– هيكلة القطاع غير المهيكل.
– تقوية جهاز تفتيش الشغل.
– العمل على تطبيق مقتضيات مدونة الشغل.
– تفعيل المحاضر الموجهة إلى القضاء مع حماية مفتشي الشغل من المتعسفات التي يتعرضون لها بسبب ذلك.
– المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 189 حول العمل اللائق بالنسبة للعمال والعاملات المنزليين.

4 – ملاءمة الأجور والأسعار:

– من خلال الزيادة في الأجور بالقطاع العام والخاص.
– الزيادة في التعويضات العائلية.
– مراجعة الضريبة على الدخل.
– وضع برنامج عمل لتعميم الحد الأدنى للأجور على جميع الأجراء بالقطاعين العام والخاص.
– توحيد الحد الأدنى للأجر بالقطاع الفلاحي.
– تفعيل مقتضيات مدونة الشغل بالنسبة لعمال المقاهي والمطاعم لكي يستفيدوا من الحد الأدنى القانوني للأجر.
– وضع آلية لمتابعة استمرار الملاءمة بشكل دائم ومستمر.

5 – تقوية الحماية الاجتماعية:

– دمقرطة المؤسسات الاجتماعية.
– إصلاح القطاع التعاضدي.
– إصلاح وضعية صناديق التقاعد.
– تعميم التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على جميع الأجراء.
– اعتماد حقيقة الأجور المتوصل بها وأيام العمل المنجزة حماية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووضع حد للتلاعبات التي تتم في التصريحات.
– إصلاح الصندوق الخاص بالتعويض عن فقدان الشغل.
– رفع الحد الأدنى للمعاش بالنسبة للمتقاعدين.
– الرفع من الحد الأقصى للتصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمحدد حاليا في 6000 درهم.
– الإسراع بتعميم الحماية الاجتماعية على المهن الحرة وعلى العاملين لحسابهم الخاص.

6 – التشغيل:

– وضع حد للتشغيل بالتعاقد بقطاع الوظيفة العمومية الذي يتناقض مع نظام الوظيفة العمومية ومقتضيات مدونة الشغل.
– إعادة النظر في ما يتم القيام به حول تشغيل الخبراء والأعوان بموجب عقود محددة المدة بقطاع الوظيفة العمومية المنظم وفق المرسوم (رقم 2.15.770 الصادر في 5 ذي القعدة 1437 (9 أغسطس 2016) وفق الأهداف التي جاء من أجلها هذا المرسوم والذي أصبح حاليا وسيلة لتوسيع الهشاشة وضرب الاستقرار الوظيفي.
– تطبيق ما تنص عليه المادة 511 و516 حول التصريح بكل عملية تشغيل عند حدوثها.
– مراجعة الدور الذي تقوم به الوكالة الوطنية للتشغيل والكفاءات لكي يشمل حاملي الشهادات والمهنيين الذين لا يتوفرون على شهادات والعمال العاديين حتى لا يظل يتسم بالانحياز ملاءمة مع مقتضيات الدستور.
– إعادة النظر بعقد التكوين من أجل الإدماج والذي يؤدي إلى عدم استقرار العمل.
– أن يتم تطبيق القانون رقم 13.114 للمقاول الذاتي وفق الأهداف التي جاء من أجلها وألا يكون وسيلة لتوسيع الهشاشة.
– أن يتم تطبيق القانون رقم 27.06 الخاص بعمال الحراسة ونقل الأموال الصادر في 25 أكتوبر 2010 ليشمل جميع العاملين في هذا المجال لكون جل العاملين بهذا القطاع ينتمون إلى مقاولات التشغيل المؤقت..

> بقلم: عبد الرحيم الرماح

Related posts

Top