نخبة من الكتاب يتحدثون لبيان اليوم عن راهن ومستقبل اتحاد كتاب المغرب في أفق مؤتمره الوطني الاستثنائي

  • اليوم مع الأديب إدريس الصغير

منذ عدة سنوات، واتحاد كتاب المغرب يشكو من التشرذم. مختلف فروعه مجمدة. وبالرغم من المجهودات التي كان يقوم بها المكتب التنفيذي للاتحاد، من أجل بث الروح في هذا الجسد، فإن الوضع لم يتحسن قيد أنملة. ومما زاد الطين بلة، أن المؤتمر الوطني الأخير تعرض للفشل، وتم تبادل الاتهامات بين أطراف مختلفة. وكان لا بد من طرح السؤال: متى يتم وضع حد لكل الخلافات التي تعوق اتحاد كتاب المغرب عن مواصلة نشاطه؟
إذن، في أفق المؤتمر الوطني الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب الذي يجري الاستعداد لعقده، كان لبيان اليوم حوار مع نخبة من الكتاب المنتمين لهذه المنظمة العتيدة، للحديث حول راهنها ومستقبلها.

كيف هي تجربتك الشخصية في اتحاد كتاب المغرب؟
< تجربة مأساوية لا فائدة ترجى من ورائها. هذا الاتحاد جمعية غريبة يستحيل أن يشعر من انتمى إليها بأنها تضم الأدباء والمبدعين وأهل الفكر.
لم أشارك في المؤتمر الرابع، رغم أن المرحوم محمد زفزاف ألح علي أن أفعل. وبعد رجوع المرحوم مبارك الدريبي من ذات المؤتمر، أخبرني بأسلوبه الساخر قائلا: (لو شاركت في هذا المؤتمر كانوا سيسألونك:
من أي قشلة أنت ؟!)
كان رحمه الله على حق في سخريته. وهكذا سأكتشف منذ المؤتمر الخامس إلى ﺍﻵن، وقد حضرت كل المؤتمرات، هيمنة الحزبية والعشائرية والمحسوبية، حكايتي مع هذا الاتحاد الغريب بدأت حين أقنعني الصديق الشاعر محمد بنيس بطلب العضوية للمشاركة في المؤتمر الخامس سنة 1976.
وهكذا وبقاعة سمية «علال الفاسي» أكدال بالرباط، تسلمت لائحة بها أسماء مترشحين، سجلتها بالتمام والكمال، كتلميذ سربت له ورقة إجابات في امتحان مصيري. نسختها بكل بلادة على ورقة التصويت.
«وما تشوف عينك إلا النور» كما يقول إخواننا في مصر. مرت لحد اﻵن خمس وأربعون سنة على هذا الانتماء الذي تورطت فيه، ومازلت وسأظل، لأعيش في أغرب الحكايا التي يضيق المجال لسردها. (الهمس في اﻵذان ببرامج الأنشطة – إخفاء الدعوات الخاصة، خصوصا التي تأتي من خارج المغرب. طبخ المكاتب المركزية، ومكاتب الفروع. طبعا هنالك كتاب شرفاء، أكن لهم كل التقدير والاحترام، عانوا بصبر ما عانيته في هذا الاتحاد العجائبي، كانوا لي سندا كبيرا في تحمل مالا يحتمل.
الرؤساء الذين توالوا على رئاسة هذه الجمعية الغريبة، توهموا أنهم يمتلكون سلطة التحكم في رقاب العباد، وهكذا تفرعن أحدهم فعقد لي محاكمة استنطقني فيها بمقر الاتحاد في زنقة سوسة قال لي:
(من يمتلك معطفا حزبيا عليه تركه خارج الاتحاد).
أجبته: (لا امتلك أي معطف من أي حزب أو تنظيم. لكنني أرى أنك تمتلك معطفا وجلبابا، فلماذا لم تتركهما خارج الاتحاد).
كان الرجل يجس نبضي، ويسعى لمعرفة هذا الفتى المشاكس الذي يقف أمامه، والذي لا يطلب شيئا سوى حقوق بسيطة يخولها له انتماؤه لهذا الكيان الذي ظنه ديموقراطيا، ليكتشف أنه فاشستي محض. كان هذا الاستنطاق مشابها تماما لما عهدته في مخافر الشرطة منذ أن كنت طالبا.
حكاياتي في هذا الشأن، لا حصر لها ولا عد، أتمنى أن أسجلها في يوم بتفصيل، أو أن أدلي بها لمنبر صحفي كشهادة.

> ما موقفك مما يقع حاليا في الاتحاد؟
< عار، كل الذي وقع سابقا، والذي يقع اﻵن، وكذلك الذي سيقع، وسوف يقع … لا أمل بتاتا.
الصراع من أجل امتيازات، لا يستفيد منها كل أعضاء الاتحاد. كانت ومازالت وستظل حكرا على المكتب المركزي وعلى من سيرمى لهم بفتات المائدة.
لو كانت الأمور بريئة، لتداول الكتاب التسيير في المكاتب المركزية والفروع بسلاسة، دون كولسة أو تخطيطات جهنمية في غرف مظلمة وهمس في اﻵذان.
جميع الموبقات التي تمارس في كل الأحزاب السياسية في بلادنا تجمعت في هذا الاتحاد.
لم يعد لوجوده أي معنى، كان فقط أملا، مات في مهده.

> ما هي الأسباب التي أدت في نظرك إلى الأزمة الحالية للاتحاد؟
< المكاتب المركزية التي تداولت تسيير الاتحاد، كلها وبدون استثناء، لم ترسخ – ولو الحد الأدنى – من التسيير الديمقراطي للجمعية. بالغت في الحزبية الضيقة والشللية والمحسوبية … حادت عن الطريق الصواب، ولم تخلق أي ألفة بين الكتاب، بل ولم تستطع إبراز قيمة وتطور الإبداع والفن والفكر في هذا الجزء من العالم المسمى المغرب الأقصى. جمعية تسير بدون تصور واضح همها فقط السفريات، وما يتخيله أعضاء مكاتبها المركزية امتيازات.

> ماذا تقترح لتجاوز الأزمة؟
< اقترح حل هذا الاتحاد، لقد انتهى دوره بالفشل. هو اﻵن ميت، وإكرام الميت دفنه.

> هل ستشارك في المؤتمر القادم؟
< لم أتغيب عن أي مؤتمر منذ 1976 «المؤتمر الخامس» وقد كنت موظفا ﺁنذاك، احتاج رخصة التغيب عن العمل. كنت أتفرج على ما يحدث. اﻵن. أنا متقاعد. لن أفلت الفرجة، إن انعقد المؤتمر، وكنت على قيد الحياة.

> هل تقبل أن يتم تسيير الاتحاد من طرف المسؤولين في المكتب السابق؟
– ليس المكتب السابق فقط، بل كل من سبق له أن تحمل مسؤولية ما، في المكاتب المركزية السابقة، عليه أن ينسحب بقليل من الشرف.

> ما هي المؤهلات التي ترى ضرورة توفرها لدى الرئيس المقبل للاتحاد؟
< يجب أن نتحدث عن مكتب مركزي، وليس عن رئيس.
كل الرؤساء – مع كامل الأسف – يتوهمون أنهم سلطة حاكمة. لا أحب كلمة رئيس.

ما هي الأولويات التي ترى ضرورة طرحها للنقاش في المؤتمر؟
< المحاسبة..

< إعداد: عبد العالي بركات

Related posts

Top