ندوة فكرية تفاعلية تقارب موضوع “الحريات الفردية”

بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة، نظمت جمعية ثسغناس للثقافة والتنم ، مساء السبت الماضي، ندوة فكرية تفاعلية افتراضية حول موضوع: “الحريات الفردية: المعايير، الأسس، الرهانات، مساءلة الضمانات القانونية لحماية هذه الحريات”، وذلك بمشاركة عدد من الباحثين من مختلف المجالات. وتندرج هذه الندوة ضمن سلسلة الندوات الشهرية الرقمية التي تنظم في إطار مشروع “اسمع لي” الذي تنفذه جمعية ثسغناس للثقافة والتنمية ضمن برنامج مشاركة مواطنة، الذي هو ثمرة شراكة بين الاتحاد الأوروبي ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الأنسان والعلاقات مع البرلمان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع.
واستهلت الندوة الافتراضية التي أشرفت على إدارة فصولها الأستاذة آمال الإدريسي الباحثة والمدربة في مجال حقوق الإنسان وحظر التمييز،  بكلمة افتتاحية لمنسق المشروع جعفر الحبو  الذي رحب من خلالها بالمشاركين في الندوة وبكافة متتبعيها، مؤكدا على أهمية موضوع مقاربة الحريات الفردية ضمن النقاش العمومي الذي تشهده الساحة الفكرية المغربية بعد مرور عقد من الزمن على تنزيل دستور 2011 بحيث نشهد منذ أسابيع قليلة عودة النقاش العمومي حول قضية الحريات الفردية وبشكل أكثر حدة.
ويضيف المنسق أنه أصبحت القضايا الاجتماعية في مجملها تؤجج الجدال وحدة النقاش لدرجة أنها بلغت إثارة احتجاجات القوى الحقوقية المطالبة بإعادة النظر في بعض فصول القانون الجنائي، خصوصا ما يضمن حق ممارسة الحقوق والحريات.
وفي هذا الإطار ما لبث يطفو الفارق بين الحقوق المعلنة والقيود التي ترافقها على مستوى التطبيق أو التنزيل، الشيء الذي يفرغهامن محتواها. وهو ما يكشف بطريقة ملموسة الفجوة القائمة بين النص القانوني والممارسة الفعلية على أرض الواقع، وبالتالي يمكن أن نجزم بان ثمة قوانين مطبقة لا تتوافق مع روح ونص الدستور المغربي.
ومن جهته، أشاد المنسق الجهوي لمشروع مشاركة مواطنة بنيونسا زناسني خلال كلمته، بكل المجهودات المبذولة من طرف كل المتدخلين في إنجاح هذا المشروع الهام، مبرزا الدور المحوري الذي تعلبه جمعية “ثسغناس” في تسيلط الضوء على مثل هذه المواضيع الهادفة والهامة. وقالت سعاد الرغيوي محامية بهيئة المحامين بتطوان وعضوة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان إن المغرب وقع على مجموعة من الاتفاقيات الدولية بخصوص الحريات الفردية كما أكد عليها في دستور 2011، وأضافت المتدخلة قائلة :” إن الاتفاقيات الدولية يتم مناقشتها ودراستها داخل الدولة ويتم تمريرها عبر البرلمان، وحين يتم التصويت عليها تصبح قانونا يجب أن يطبق لكن المغرب يشكل استثناء حيث تتم المصادقة على هذه الاتفاقيات لتصبح في الأخير غير مسايرة للقوانين الوطنية”.
وأبرزت الرغيوي أن الحريات الفردية تقع بين تيارين هما التيار المحافظ والتيار الحداثي؛ وهذان التياران هما أساسا لم يظهرا إلا حديثا، وهما شيء جديد في المغرب، لذلك يجب دراسة هذا المستجد على المجتمع لتجاوز العراقيل التي يطرحها بخصوص تكريس الحريات الفردية في ضوء توسيع هامش الديمقراطية.
وشددت الأستاذة فتيحة اشتاتو، المحامية بهيئة الرباط وعضوة المكتب التنفيذي لفيدرالية  رابطة حقوق النساء على أن قضية الاغتصاب يتم إدراجها ضمن الجرائم الأخلاقية فيما هي تمس أساسا جسد المرأة، مؤكدة على ضرورة إيلاء الأهمية للحقوق الإنسانية بوجه عامكما أكدت المتحدثة أن الحريات الفردية يتم تبخيسها على خلفية دينية، ما يولد الاختلاف الإيديولوجي في التعاطي مع موضوع المرأة الحساس.
وأشارت المتدخلة أن لا مناص من مقاربة الحريات الفردية بطريقة صارمة وفق المتفق عليه في الحقوق الدولية للإنسان وعلى أساسها محاربة أشكال التمييز ضد المرأة وتوسيع هامش الحرية لجميع الفئات.
ومن زاوية علم الاجتماع النفسي ، قارب الدكتور المصطفى شكدالي أستاذ علم النفس الاجتماعي، الموضوع انطلاقا من كيفية إدراك الخطابات ، معتبرا المعرفة الاجتماعية مدخلا لفهم كل شيء، وقال: إن كلمة الحرية على مستوى الصدى الذهني عند الافراد داخل المجتمع تعني أشياء متناقضة يحكمها نوع من الانشطارية.
وأضاف المتحدث أن غياب الفهم يحرم الإنسان من حريته، فالمقياس الأساسي لشعور الإنسان بحريته وتحقيقها هو المعرفة التي تتجاوز ما هو أكاديمي إلى ما هو علائقي باعتبار الإنسان يعيش في ظل ارتباطه بعلاقات مع الآخرين.
وأوضح المتدخل أن مسألة الحرية شائكة ومعقدة، تستوجب مستويات من التفكير أولها التساؤل حول مدى إمكانية تطبيق الحرية في مجتمع مقيد، مشيرا إلى أن غياب دراسة المجتمع وعلاقته بالفرد تؤثر بشكل كبير على فهم التركيبة الذهنية للأفراد وبالتالي فهم الحرية فهما جيدا.
وفي ختام الندوة التفاعلية، تم فتح باب النقاش والمداخلات أمام المتتبعين الذين أثروا الموضوع من زوايا نظر مختلفة، وطرحوا تساؤلات ساهمت في تعميق النقاش عبر تفاعل ضيفتي وضيف الندوة، جعلت الجميع يقترح إمكانية ترك النقاش مفتوح في الموضوع بأفق واعد ومقاربته في محطات مقبلة من زوايا أخرى وعبر مشاركين ومشاركات أخريات.

Related posts

Top