نظام الكابرانات يطعن الروح المغاربية ويشوه صورة الكرة الإفريقية

انسحاب يعبر عن ضيق الأفق وخسارة كل الحسابات

كل التضامن مع اتحاد العاصمة ضحية نظام متخلف تجاوزه التاريخ وعفا عنه الزمن…

صورة مؤسفة حقيقة، تلك التي صدرتها للعالم، المواجهة المزدوجة بين فريق نهضة بركان المغربي، ونادي اتحاد العاصمة الجزائري، برسم نصف نهاية كأس الإفريقي لكرة القدم…
وإذ كانت حسابات الطغمة العسكرية المتسلطة على رقاب الشعب الجزائري، أقوى من أي برمجة لهذه المسابقة الرياضية المحضة، فإن إرادة نظام حاقد، قد صادرت مع سبق الإصرار والترصد، كل رغبة في إظهار الصورة الجميلة لكرة القدم، بالقارة السمراء…
والغريب أن طرفي المواجهة، ليس سوى ناديين مغاربيين جارين، من المفروض أن يعكس لقاؤهما، الكثير من الروح الرياضية العالية، وأن يقدما نموذجا لقيمة الجوار، وأهمية التاريخ المشترك والأخوي بأبعاده المختلفة…
حقد حكام الجزائر الدفين، تم تصريفه من خلال الدفع بفريقهم إلى اتخاذ الموقف الرافض لإجراء المباراتين ذهابا بالجزائر العاصمة، وإيابا ببركان، لا لشيء سوى رفض مشاهدة قميص، يحمل خريطة المغرب كاملة، وغير منقوصة، وغير مبتورة، كما تمنى ذلك منذ أكثر من خمسين سنة، كل الحكام الذين تعاقبوا على تقرير مصير الجارة الشرقية…
وكم كانت أيضا الصورة صادمة بل وقاتمة، ولاعبو اتحاد العاصمة يغادرون الملعب مطأطئي الرأس، دون التمكن من الدفاع عن اللقب الذي يوجد بحوزتهم، وهم بذلك إلى جانب كل أعضاء ومكونات هذا الفريق، يعدون من ضحايا حسابات غارقة في العدوانية، والشر والحقد الدفين…
كانت هناك أمنية صادقة، في أن تجرى المواجهة وسط ظروف جد إيجابية وأجواء أخوية، وأن يكون التأهيل لمن يستحق فوق أرضية الملعب، وليس بردهات اللجان المتعددة الاختصاصات، وتنوع المساطر التأديبية والقانونية والقضائية، إلا أن الواقع يقول إن هناك حقدا أعمى، لم يعد يفرق بين الرياضة والحسابات السياسية، بل أصبح في اعتقادهم أن كل شيء ممكن، بعد أن استباح العسكر كل المجالات، وقد أصابهم اليأس، وهم يطاردون الوهم، ولطالما حلموا، دون التمكن من عرقلة مسار المغرب الطامح إلى التطور وخدمة الإنسانية، وجعل كرة القدم خيارا استراتيجيا، وقاطرة للتنمية…
للأسف كان المغرب -دائما وما يزال- يحلم باتحاد مغاربي كبير، حاضن للجميع، يطمح إلى تكامل يخدم الشعوب بالدرجة الأولى، ومن أجل الوصول إلى ذلك ناضل المغرب لمدة عقود، قدم اليد الممدودة بكل صدق ومحبة، لكن لا حياة لمن تنادي، إذ ووجهت كل مبادراته، بالرفض المطلق، والجمود الفكري والعقائدي، وركوب التصعيد الممنهج، والذي وصل إلى درجة الحمق والجنون والسعار الذي نشاهد تجلياته اليوم بكل حرقة وكل أسف…
فهل إلى هذه الدرجة شكل قميص نهضة بركان الذعر لنظام دولة بأجهزتها؟ وهل إجراء مقابلة رياضية أمام فريق يلعب بشعار وعلم بلاده، يخلف أضرارا إلى هذا الحد بمصالحه؟ وهل يعني قبول مشاهدة صورة الخريطة، اعترافا بسيادة المغرب على صحرائه؟…
إن ما حدث وما قد يحدث مستقبلا، ليظهر للعالم أجمع حقيقة من يحكم الجزائر، وتفاهة تفكير من يتسلط على رقاب الشعب الجزائري، وتخلف تصورات من يستغلون خيرات البلد، لخدمة قضايا خاسرة…
موقف الجانب المغربي سليم مائة في المائة، وهو مساند بإجماع وطني رائع، وذلك باحترام كل الالتزامات، واتباع طرق ومساطير قانونية؛ وتقدير دور المؤسسات، خطوة بخطوة، والتصرف بحكمة وتبصر، وكما أقرت بذلك كل تقارير المراقبين والصحفيين، فإن البعثة المغربية تصرفت في الجزائر بكثير من الحكمة، وأثناء استقبال الأشقاء لم يسجل أي تقصير أو عرقلة، أو تنقيص أو سب أو شتم، بل كان استقبالا راقيا يعكس علاقة شعب ووطن…
في الأخير نعلن -جهارا- تضامننا مع فريق اتحاد العاصمة الجزائري، باعتباره ضحية نظام متخلف تجاوزه التاريخ، وعفا عنه الزمن…

محمد الروحلي

Top