أكد أحمد الحليمي علمي المندوب السامي للتخطيط، أن مستوى معيشة الأسر المغربية ومعدل استهلاكها تضاعف تقريبا، إذ انتقل من حوالي 8300 درهم في السنة في 2001 إلى ما يناهز 15900 درهم في 2014.
وأضاف الحليمي، الذي كان يعرض نتائج البحث الوطني حول الاستهلاك ونفقات الأسر أول أمس الأربعاء بالرباط، أن تضاعف معدل استهلاك الأسر رافقه انتقال متوسط الدخل الفردي السنوي لدى المغاربة بين 2001 و2014 من حوالي 11000 درهم إلى 19000 درهم، بحيث سجل بذلك نموا سنويا بلغ في المتوسط 5 بالمائة. حيث عرفت بذلك القدرة الشرائية تحسنا سنويا بلغ في المتوسط 3,4 بالمائة خلال هذه الفترة.
وأشار المندوب السامي إلى أن نتائج البحث الوطني حول الاستهلاك، الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، ومن خلال بنية نفقات الاستهلاك، تبين أن الجزء المتعلق بالتغذية يتراجع من حيث الوزن ويتحسن من حيث الجودة ولكن بمستوى أقل في العالم القروي أو بالنسبة للفئات الاجتماعية ذات مستوى معيشي ضعيف. حيث انتقلت حصة نفقات الاستهلاك الغذائية في ميزانية الأسر بين 2001 و2014 من 41 بالمائة إلى 37 بالمائة على الصعيد الوطني. ولازالت تمثل 47,3 بالمائة بالوسط القروي و33,3 بالمائة بالوسط الحضري، متراوحة بين 50 بالمائة بالنسبة ل 10 بالمائة من الأسر الأقل يسرا و26 بالمائة بالنسبة ل 10 بالمائة من الساكنة الأكثر يسرا.
هذا وموازاة مع تحسن النفقات الغذائية سجل البحث الوطني تحسن بنية الجزء غير الغذائي من الاستهلاك. بحيث انتقل وزن مجموع النفقات المرتبطة ب “التعليم والثقافة والترفيه” إضافة إلى “النقل” و”النظافة والعلاجات الطبية” من 16,7 بالمائة إلى21,4 بالمائة في الميزانية الإجمالية للأسر. ولكن مع وجود تفاوتات اجتماعية وترابية مهمة.
ويمثل التعليم والثقافة والترفيه في الميزانية الإجمالية للأسر القروية والحضرية على التوالي، 2,8 بالمائة و6,6 بالمائة و”السكن والطاقة” 19,8 بالمائة و24,2 بالمائة و”النظافة والعلاجات الطبية” 7,5 بالمائة و9,2بالمائة. إضافة إلى ذلك فقد سجل البحث أن 10 بالمائة من الأسر المصنفة في أعلى تراتبية السلم من حيث مستويات المعيشة بالقياس إلى 10 بالمائة في أسفل هذه التراتبية توظف، على التوالي 3,5 بالمائة و0,4 بالمائة من نفقاتها للترفيه، و5,3 و2,7 بالمائة للتعليم، و2,7 و1,3 بالمائة للاتصال و11 و2,9 بالمائة للنقل.
وأوضح المندوب السامي للتخطيط، في خضم تقديمه لهذا البحث، الذي شمل عينة تتكون من 16000 أسرة موزعة على كافة التراب الوطني، أن قيمة النفقات التي أدتها الفئة الاجتماعية الأولى، أي الأعلى تراتبية في السلم الاجتماعي تفوق ب 24 مرة قيمة نفقات الفئة الثانية، الأقل تراتبية، للتعليم و105 مرة بالنسبة للترفيه و24 مرة للاتصال و44 مرة للنقل.
وفي ما يتعلق بالأبعاد الاجتماعية والمجالية لتطور نفقات استهلاك الأسر، أكد الحليمي أنه من خلال البحث الذي قامت به المندوبية بين يوليوز 2013 ويونيو 2014، يتبين أن هناك تحسن في مستوى المعيشة الفردي بين 2001 و2014 بتسجيله نموا بالأسعار الثابتة بلغت نسبته حوالي 3,5 بالمائة على الصعيد الوطني و3,1 و3,7 بالمائة بالوسط الحضري والوسط القروي على التوالي، الأمر الذي واكبه تقليص للفوارق الاجتماعية والمجالية، مما ساهم في تراجع الفقر بمختلف أشكاله بالمغرب بحيث تقلص معدل الفقر النقدي بحوالي الثلثين بين 2001 و 2014، منتقلا من 15,3 بالمائة إلى 4,8 بالمائة على الصعيد الوطني.
وفي هذا السياق، قدم الحليمي شروحات تتعلق بتراجع مستوى الفوارق الاجتماعية، من خلال نتائج مستوى المعيشة الفردي المقاس بالدرهم الثابت خلال الفترة 2001-2014 وخاصة الفترة 2007-2014، حيث عرفت تحسنا سنويا مهما بلغ على التوالي، 3,8 بالمائة و4 بالمائة بالنسبة ل 20بالمائة من الأسر الأقل يسرا، و3,3 بالمائة، ثابتة بالنسبة ل 20 بالمائة من الأسر الأكثر يسرا، فيما تم تسجيل3,6 بالمائة و3,9 بالمائة بالنسبة للفئة الاجتماعية الوسطى.
وبين الحليمي أن الفوارق الاجتماعية المعبر عنها بمؤشر جيني، سجلت أول ليونة في صلابتها السابقة واتجاهها إلى منحى انخفاضي. بحيث انتقل هذا المؤشر من 40.6 بالمائة في 2001 إلى40,7 بالمائة في 2007 ثم إلى 39,5 بالمائة في 2014، مشيرا إلى أن هذا الانعطاف نحو الانخفاض كان أكثر وضوحا بالوسط الحضري، حيث تراجع هذا المؤشر من 41,1 بالمائة في 2007 إلى 38,8 بالمائة في 2014، مقابل 33,1 بالمائة و31,7 بالمائة في الوسط القروي خلال نفس الفترة.
هذا واعتبر الحليمي أن تراجع الفوارق الاجتماعية وارتفاع مستوى الدخل الفردي ونفقات الاستهلاك في المجالات الأساسية كالتطبيب والتعليم والثقافة والتغذية ذات الجودة، يؤكد على أن هناك تطورا كبيرا عرفه المغرب منذ سنة 2001 وإلى غاية 2014. مشيرا إلى المندوبية السامية للتخطيط عادة ما تنجز بحوثا في هذا الصدد كل عشر سنوات، حيث أكد أن المغرب إن سار في خضم هذا التطور ستتقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية بين ما هو قروي وحضري إلى أقل من 50 بالمائة في أفق 2030، مشددا على ضرورة تكثيف الجهود وتحيين النموذج التنموي الذي يسير فيه المغرب منذ 2001 وذلك من أجل مضاعفة النتائج الإيجابية.
كما أشار الحلمي علمي إلى أن المندوبية السامية للتخطيط ستعمل على بلورة بحوث أخرى في هذا المجال من أجل رصد الفوارق الاجتماعية والمجالية على كل المستويات، بحيث ستعمل على إجراء بحوث دورية على مدى 5 سنوات، وذلك من أجل مواكبة كل التطورات، معتبرا البحث الوطني حول استهلاك ونفقات الأسر أحد البحوث الإحصائية البنيوية التي تمكن، إلى جانب البحوث المتعلقة بالبنيات الاقتصادية وأنشطة القطاع غير المنظم أو تلك المتعلقة بتطور الظرفية في قطاعات الأسر والمقاولات، من تحيين معرفة المسؤولين عن تسيير الشأن العام وكذا المواطنين، بصفة دورية، بالاقتصاد الوطني وظروف المعيشة لدى عموم المغاربة.
محمد توفيق أمزيان