نقاد وأكاديميون يتأملون الوثائقي كسينما مغايرة في ندوة بالرباط

أجمع باحثون وأكاديميون ونقاد سينما مساء الأربعاء الماضي بالرباط، على أن الفيلم الوثائقي، يبقى عالما فنيا وإبداعيا ساحرا، يحتاج إلى كثير من الرؤى الإبداعية والدعم، مبرزين أنه هو أصل السينما، والمعالجة الرفيعة والخلاقة للواقع.
وتطارح مشاركون ومتدخلون، بالمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما، خلال ندوة “الوثائقي سينما مغايرة” المنظمة في إطار الدورة الأولى لأسبوع الوثائقي بالرباط، عددا من المواضيع، التي تركزت بالخصوص على مفهوم الوثائقي، وتاريخه، وبعض التجارب الدولية والعربية والمغربية.
شارك في هذه الندوة، التي تابعها جمهور عريض من طلبة المعهد، وعدد من السينمائيين، كل من الناقد عادل سمار، وأستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء الأستاذ عبد الله سرداوي، فيما نشطتها وسيرتها جميلة عناب.
جميلة عناب اعتبرت في استهلالها، أن كل ما يتحرك هو سينما، هذه الأخيرة هي كتابة، وحكاية ومونتاج، وأن كل فيلم هو آلة للمناورة، ليبقى مفهوم الفيلم الوثائقي ذا طبيعة إشكالية، تتعدد مفاهيمه وتعريفاته.
عادل السمار، استلهم تدخله من ديباجة الأستاذة جميلة عناب، للحديث عن مفهوم الوثائقي، مبرزا أن السينما الوثائقية مدعوة إلى تحديد ذاتها كشكل فني وتعبيري، وأن ألوثائقي هو أصل السينما، ضاربا المثال بتجربة الإخوة لوميير، أثناء تصوير العمال وهم خارجين من المعمل ومحطة القطار.. الخ.
كما لامس رصد الواقع عند تجربة فلاهرتي، وكتابة الفيلم بالكاميرا والمونتاج، متطرقا إلى مرحلة تكوين الوثائقي وتاريخه، فضلا عن الوثائقي الإبداعي، وحرية الإبداع، وتجربة الفيلم الوثائقي الفلسطينية من خلال رائد اندوني وحكيم بلعباس وتجربة “ويب دوك” عند نبيل عيوش.
أما الأستاذ الجامعي عبد الله سرداوي، فتمحورت مداخلته، حول موضوع الموثوقية والمصادقة في الفيلم الوثائقي، حيث عرج على تجربة المهرجان الوطني الأخير بطنجة والتي عرضت نحو 27 فيلما.
ورأى أن الأفلام المغربية فيها ما هو بديع، من خلال تجارب شبابية حالمة، من الضروري الالتفات إليها ودعهما، فضلا عن تجارب وصفها بالضعيفة، وأخرى قال إنها بعيدة عن المصداقية الموثوقية.
وقال سرداوي الذي أثنى على تجربة الغرفة من خلال هذه التظاهرة السينمائية، أن الوضع الإشكالي للمجال برمته يهدد الوثائقي، مسلطا الضوء على الواقعية والمصداقية والنزاهة والمنفعة والغواية في الفيلم الوثائقي.
وكشف عن مواضيع مستهلكة وقديمة مثل موضوع الهجرة، مبرزا أن الفيلم الوثائقي يتطلب جهدا أكبر، وأن الكاميرا لا تقول كل شيء، والمقابلات في الفيلم الوثائقي مزعجة، حيث حمل المسؤولية لصناع الفيلم الوثائقي لأنهم هم حماة الحقيقية.
وشدد رشيد القاسمي في تدخله على أن مفهوم الوثائقي يتغير من حين لحين، متسائلا عن مقياس المصداقية في كل فيلم على حدة، مؤكدا أن الفيصل يبقى هو الشاشة والإبداع والجمهور، وأن لكل صانع للفيلم حريته، لأن المهم عنده هي وجهة النظر، في ظل صعوبة الحديث عن المصداقية المطلقة في كل عمل وثائقي.
وشكلت الندوة بمحورها وتدخلاتها مشتلا خصبا ومفيدا لطرح فيض من الإشكالات والأسئلة الحارقة، ما يبرز قيمة محور الندوة، التي تفاعل معها الحاضرون، للخروج بخلاصة مفادها أن الفيلم الوثائقي عالم مليء بالأسرار، وأن صناعته تحتاج إلى جهد كبير ودعم مهم، ومواكبة مستمرة، بحثا عن سحر الإبداع الذي يختزنه من خلال تناوله لعدة مواضيع ذات بعد إنساني ومجتمعي وتاريخي وكوني وجمالي.
يشار إلى أن فعاليات النسخة الأولى من أسبوع الوثائقي بالرباط، الذي تنظمه الغرفة المغربية لصناع الفيلم الوثائقي، حتى الجمعة المقبلة، تتميز ببرمجة خصبة، من ورشات وعروض أفلام ولقاءات مفتوحة مع صناع الفيلم الوثائقي، فضلا عن توقيع إصدارات، رهانا من الغرفة، تأسيس مهرجان سنوي يكرم الوثائقي في عاصمة الأنوار.

Related posts

Top