نمط الغذاء الغربي في قفص الاتهام من جديد ودعوات بالعودة إلى الأكل الصحي

> سميرة الشناوي
أظهرت دراسة أمريكية جديدة أن المستويات المرتفعة للسكريات التي تتواجد في المشروبات الغازية والأطعمة السريعة مثل الكيتشاب والبسكويت وغيرها قد يزيد فرص الإصابة بسرطان الثدي بل وانتشاره أيضا في أعضاء أخرى بالجسم.
وقال القائمون على الدراسة من جامعة تكساس إنهم قاموا بتغذية فئران التجارب بالنظام الغذائي الغربي الغني بالدهون والسكريات فوجدوا تزايدا في معدلات نمو الأورام السرطانية في الثدي فضلا عن إمكانية انتقال المرض للرئتين.
وأوضح الباحثون وفقا لصحيفة ديلي ميل البريطانية أنه تمت تغذية الفئران بشكل رئيسي بالسكروز وهو مركب أساسي موجود في الطعام، وعادة ما يضاف للمشروبات الغازية والعصائر وبعض الأطعمة كاللحوم المصنعة والكيتشاب وصلصات المكرونة إلى جانب بعض المقرمشات والشيكولاته.
وأضاف الباحثون أن الفئران التي تغذت على أنظمة خالية من السكريات وغنية بالنشا قلت لديها فرص الإصابة بالسرطان.
وأعطى العلماء في جامعة تكساس مجموعات من الفئران واحدة من أربع وجبات مختلفة ووجدوا أنه في ستة أشهر، أعطت 30% من تلك الفئران قياسات عن وجود أورام بسبب الوجبات التي تحتوي على نسب عالية من السكر. وأشار إلى أن ما بين 50% إلى 80% من هذه الفئران طورت سرطان الثدي. ويعتقد الباحثون أن تلك الدراسة هي الأولى التي تبحث التأثير المباشر لاستهلاك السكريات والإصابة بالسرطان وأيضا إمكانية انتقاله لأجزاء أخرى.
وتأتي نتائج هذه الدراسة لتعزز دراسات أخرى سابقة وتقارير أكدت على ما يحتويه نمط الغذاء الغربي من مخاطر على الصحة وتوصي بالعودة إلى نمط غذاء صحي حفاظا على توازن الجسم ووظائفه وحماية له من الأمراض، وكان آخر هذه التوصيات تلك التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية حول اللحوم الحمراء المعالجة كالنقانق والمدخن، مؤكدة على ضرورة تجنبها والتقليل من اللحوم الحمراء بصفة عامة، تفاديا للإصابة بأمراض السرطان.

المطبخ المتوسطي هو الحل

وتأتي هذه الدراسات أيضا لتعيد إلى الواجهة الدعوات التي ما فتئت ترتفع بضرورة الابتعاد عن النمط المستحدث في التغذية في مجتمعاتنا، والعودة إلى أنماطنا التقليدية التي تثبت الدراسات والابحاث الحالية أهميتها للصحة. ويعد المطبخ المتوسطي التقليدي من أكثر المطابخ العالمية مراعاة للشروط الصحية، إذ ثبت أنه يقلل من أخطار الإصابة بالأمراض المزمنة والخطيرة وعلى رأسها السرطان وأمراض القلب. فالغذاء المتوسطي معروف باحتوائه على معدلات منخفضة من الكولستيرول الذي ينتج عنه تراكم الدهون في الشرايين. وهو يرتكز أيضا على مكونات أساسية تتضمن كميات عالية من الفواكه والخضر الغنية بالألياف، وأنواع صحية من الدهون كزيت الزيتون، والمكسرات، والأسماك.. بينما تنخفض فيه نسبة استهلاك اللحم الأحمر.
ويتناول سكان المتوسط الكثير من الخبز والحبوب خاصة إذا كانت هذه الحبوب كاملة. كما أن استخدام المطبخ المتوسطي للأسماك ولزيت الزيتون، يمنح الفرصة للذات للاستفادة بصفة خاصة من فوائد الدهون غير المشبعة وعلى رأسها الأوميغا 3 التي تركز معظم الأبحاث اليوم على أهميتها في منح الجسم مناعة ضد الأمراض.
وللأسف، أضحى النظام الغذائي المتوسطي بدوره خاضعا لتحولات الحياة العصرية وسرعتها وكذا لعولمة نمط الاستهلاك والطعام. إذ أصبحت مجتمعاتنا المتوسطية وبينها المجتمع المغربي تبتعد شيئا فشيئا عن الأكل المحضر في البيت بطريقة تقليدية، لتعتمد أكثر على الوجبات السريعة والخفيفة التي تحفل بها محلات «السناك» والمتاجر الكبرى. وحتى أكل البيت أضحى بدوره يستمد عددا من العادات من النمط الغربي بحيث قل استعمال زيت الزيتون وازداد الإقبال على بعض المحسنات التي لا تكاد تخلو المطابخ والموائد منها، ونذكر على سبيل المثال مكعبات الطبخ المختلفة، والمايونيز والكيتشاب والصلصات الجاهزة غزت أسواقنا بقوة.. كما ابتعدت الأمهات، تحت ضغط الوتيرة السريعة للحياة اليومية، وأحيانا تحت ضغط أطفالهن وأفراد من الأسرة، عن تحضير الأكل التقليدي لحساب الأكلات المعتمدة على المقليات والوجبات الغنية بالسكريات والملح والسعرات الحرارية.

العودة إلى الأصل

تشير معظم الدراسات إلى أن 30 في المائة من الأمراض السرطانية مرتبطة بطبيعة النظام الغذائي، وخلص الخبراء إلى أن الغذاء يقف جنبا إلى جنب مع التدخين في صدارة الأسباب المؤدية إلى السرطان. كما أثبتت 80% من الدراسات أن الغذاء الذي يرتكز على الخضر والفواكه يؤدي إلى تخفيض نسبة الإصابة بسرطان الجهاز الهضمي.
وتركز الأبحاث اليوم أيضا على أهمية العودة إلى الأنماط الغذائية التي كان أجدادنا يتبعونها، والتي يبدو جليا أنها كانت متلائمة أكثر مع أهداف الحفاظ على الصحة واللياقة البدنية حتى عند التقدم في السن.   
وتتأكد أهمية العودة إلى الأصل فيما يتعلق بنمط الغذاء، في حاجة السياسات الصحية، خاصة في بلداننا النامية، إلى التركيز على الوقاية من الأمراض بالموازاة مع الارتفاع المقلق لنسب الإصابة بالأمراض المزمنة والخطيرة، مع ما يعنيه ذلك من كلفة ثقيلة على ميزانيات الصحة العمومية خاصة في ظل الخصاص والعجز الذي تعاني منه منظوماتنا الصحية.  
وتجدر الإشارة إلى أهمية تغيير أنماط السلوك الغذائية، ليس فقط عند البالغين، بل وخصوصا عند الأطفال والشباب، وضرورة تنشئتهم على عادات استهلاكية وغذائية صحية وواعية بضرورة تفضيل الأكل الصحي الذي يقوي مناعة الجسد ويحميه من الأمراض، بدل الأكل «الممتع» الذي يضر أكثر مما يفيد ويشبع!

Related posts

Top