واشنطن تلوح بإخراج ملف الصحراء المغربية من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المعنية بتقرير المصير

مع اقتراب موعد الجلسة المغلقة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المقرر عقدها في منتصف أبريل القادم، شدد تقرير حديث نشره المعهد الأميركي لأبحاث السياسات العامة، على إنهاء بعثات حفظ السلام التي فشلت في تحقيق أهدافها، فساهمت في استمرار النزاعات بدل حلها، منها بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية (مينورسو)، التي لم تتمكن من تحقيق أهدافها رغم مرور أكثر من 30 عاما على تأسيسها وإنفاق مليارات الدولارات.
وأشار التقرير إلى أن مينورسو التي أُنشئت في عام 1991 لتنظيم استفتاء بين الصحراويين لتحديد رغبتهم في الانضمام إلى المغرب أو إقامة دولة مستقلة، لم تتمكن من إجراء إحصاء للسكان أو تنفيذ الاستفتاء الذي كانت مهمتها تقتصر عليه، وأن بوليساريو تمنع اللاجئين الصحراويين من العودة إلى المغرب، ما يزيد من تعقيد الوضع ويطيل أمد النزاع، معتبرا أن استمرار الأمم المتحدة في دعم هذه البعثات يعزز شرعية الجبهة الانفصالية ويطيل أمد الأزمة.
وأكد التقرير أن الولايات المتحدة، التي تعترف الآن بالصحراء المغربية كجزء من المغرب، تطرح تساؤلات حول استمرار تمويل مينورسو في وقت تدعم فيه واشنطن السيادة المغربية على الصحراء.
وأفاد الأكاديمي والخبير في العلاقات الدّولية هشام معتضد بأنه “إذا تم تقليص مساهمات واشنطن في بعثات الأمن أو السلام الدولي، ستنعكس سلبا على مهام مينورسو في الصحراء المغربية، خصوصا وأنّ البعثة الأممية في طور استنفاد مهامها في المنطقة، ذلك أن دورها الحالي يفقد فاعليته في خضم تسلسل الأحداث السياسية والدبلوماسية المرتبطة بهذا النزاع المفتعل.”
ودعا في تصريح صحفي إلى “تقليص النفقات الموجهة للمنظمات الدولية ومنها بعثات السلام التابعة للأمم المتحدة التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب،” لافتا إلى أن “مينورسو مطالبة، بمراجعة دورها كمراقب إيجابي، وذلك بغية قيامها بمهمتها، لترجمة رغبة مجلس الأمن في الوصول إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم، باعتبار أن قرارات مجلس الأمن لا تتحدث عن تقرير المصير والاستفتاء وتصفية الاستعمار.”
وبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية هي هيئة تندرج ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تم إنشاؤها عام 1991 بقرار لمجلس الأمن لأجل مراقبة إطلاق النار والاستفتاء على تقرير المصير ونزع الألغام، وكان آخر تمديد لمهامها في أكتوبر الماضي لمدة عام.
ومن المنتظر أن يقدم المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا تقريرًا مفصلًا لمجلس الأمن خلال اجتماع أبريل المقبل، حول الوضع الراهن لمسار العملية السياسية، مع توسع دائرة الاعتراف الدولي بموقف المغرب، بالتوازي مع تقديم ألكسندر إيفانكو، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مينورسو، إحاطة حول الوضع الميداني في المنطقة.
ومن الواضح أن قرارات مجلس الأمن واللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة (لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار)، لم تعد تتطرق إلى مبدأ تقرير المصير والاستفتاء الذي كان ضمن مهام مينورسو، وركزت بدل ذلك على الحديث عن مقترح الحكم الذاتي باعتباره حلا سياسيا تقدم به المغرب عام 2007.
ويرى خبراء في العلاقات الدولية أن تقرير معهد “أميركان إنتربرايز” حول مستقبل مينورسو يؤشر على قرب إخراج ملف الصحراء المغربية من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المعنية بتقرير المصير، حيث أكد عباس وردي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس في الرباط، أن سحب ملف النزاع المفتعل من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة أصبح واقعا وبات مسألة وقت لأجرأة القرار، كونه يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التي تؤكد أن مبادرة الحكم الذاتي تحظى بالقبول، مع مواصلة الاعترافات الدولية المقترنة بفتح مجموعة من القنصليات الدبلوماسية بالعيون والداخلة.
وفي الوقت الذي اقترح فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن يتم تخصيص ميزانية 70 مليونا و711 ألف دولار للفترة الممتدة من 1 يوليو 2024 إلى غاية 30 يونيو 2025، دعا المعهد إلى إنهاء بعثات حفظ السلام التي لا تؤدي إلى نتائج ملموسة، مؤكدا على ضرورة أن تتوقف الأمم المتحدة عن دعم العمليات التي في أفضل الحالات لا تفعل شيئا، وفي أسوأ الحالات تساهم في إشعال النزاعات.
وسبق للرئيس الأميركي أن قرر أثناء ولايته الأولى تقليص تمويل واشنطن لبعثات حفظ السلام برسم سنة 2019 بنسبة 54 في المئة، منها مينورسو التي تضم 245 عسكريا منذ يناير 2025، إلى جانب 466 من الموظفين المدنيين والأمنيين.
وعلى ضوء قرار ترامب تجميد المساعدات الخارجية، كشف تقرير اللجنة الاستشارية لشؤون الإدارة والميزانية التابعة للأمم المتحدة أن ميزانية مينورسو وصلت في العام الجاري إلى 70 مليون دولار، مرتفعة بما يزيد على 6 ملايين دولار عن العام المالي 2024.
وتعد الولايات المتحدة أكبر مساهم في المناصب المقررة في عمليات حفظ السلام، ولهذا تطرق المعهد الأميركي إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على وشك سحب دعمها لهذه البعثات في إطار سياسة تقليص الإنفاق على الأمم المتحدة، بشكل أكبر بكثير من السياسات التي كان يتبعها الرؤساء الأميركيون السابقون، وهو ما قد يعرض بعثات حفظ السلام التي لم تحقق نتائج ملموسة لخطر إنهاء نشاطها بشكل نهائي، ومنها مينورسو.

Top