وتستمر مآسي الراجلين عند التجوال والعبور

يتضح جليا هول معاناة ومآسي شعب الراجلين مع التسيب والتسلط البشري الموالي لهم على مستوى التجوال والتبضع. حيث الاحتلال تجاوز الأرصفة إلى أجزاء كبيرة من الأزقة والشوارع. من طرف أصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية والخدماتية والباعة الجائلين.. وحيث العشوائية أو الغياب شبه التام لممرات الراجلين، إلا ببعض واجهات المدن ومداخلها (الفيترينات)، ومراكزها. وحيث غياب الاحترام اللازم من طرف السائقين لتلك الممرات البعيدة من الإشارات الضوئية. وانتشار العربات المجرورة من طرف الدواب بعدة مناطق حضرية، إضافة إلى تنامي انتشار القطط والكلاب الضالة والدواب التي تتغذى من حاويات القمامة والحدائق العمومية والخاصة. والتي باتت تشكل خطرا على الراجلين والسائقين على حد سواء.
ما جدوى فرض قوانين غير قابلة للتطبيق. ليس بسبب الرفض أو العصيان الشعبي. ولكن بسبب غياب آليات التنفيذ والموارد البشرية اللازمة لتطبيقه.
شعار (التخفيف من حوادث السير)، لا يمكن ترسيخه مثلا، عندما يتم استهداف فئة من المغاربة مغلوب على أمرها.. يصعب عليها الامتثال له. كما يصعب عليها أن ترى وتعيش جحيم التسلط عليها من طرف مغاربة، صنفوا أنفسهم في خانة الأقوياء والحكام الذين يفرضون علنا أمنهم وقوانين خاصة بهم. احتلوا أرصفتهم ومساحاتهم الخضراء وأبواب وجنبات منازلهم، وألقوا بهم وسط الشوارع والأزقة.
صحيح أن كل مغربي معرض لتقمص شخصية الراجل. لكن هناك فرق بين من يترجل بالأحياء الراقية والفضاءات التي لا تعرف أدنى ازدحام. وبين من يترجل بالأحياء الهامشية والأزقة والشوارع المزدحمة، وبالقرب من المراكز والأسواق التجارية والشعبية. هناك فرق بين من يمنع من الرصيف، فيرغم مكرها على السير وسط الشارع، والبحث عن فجوات وسط كتلة من العربات والسيارات والدراجات النارية والحافلات والعربات والدواب. وبين من يمكنه حتى اللعب أو النوم وسط الرصيف أو حتى شارع أو (زنقة). إذ لا صوت محرك يدوي به (ها). لقد اعتاد المغاربة على تواطؤ البرلمان والحكومة، عندما يتعلق الأمر بعجزهما في مواجهة أية معضلة أو التصدي لأية ظاهرة تؤرق المجتمع المغربي. حيث يتم إصدار قوانين غير قابلة للتطبيق. ومحاولة إخلاء مسؤولياتهما بالإعلان عن بدء العمل بها. علما أن أول من يجب عليه أن يعاقب.هما الغريمين (البرلمان والحكومة)، اللذان لم يوفرا الظروف والوسائل للمغاربة من أجل الامتثال لتلك القوانين.
كيف إذن سيتعامل شرطي مرور مع طفل ارتكب مخالفة عدم استعمال ممرات الراجلين؟. وكيف سيتعامل في ظل غياب ممرات للراجلين، وفي ظل احتلال الأرصفة؟. وفي حالة عدم تواجد تلك الممرات، هل يرغم الراجل على استعمال سيارة أجرة من أجل التنقل من رصيف لآخر يقابله؟. على الأقل فثمن الرحلة لن يتجاوز 7 دراهم، عوض تأدية غرامة 25 درهم.
إن استعمال ممرات الراجلين من أجل العبور من الرصيف إلى الرصيف المقابل، يجب أن يكون سلوكا مترسخا في أذهان كل المغاربة منذ طفولتهم. وثقافة العبور لا تحتاج إلى استصدار قوانين وعقوبات. لأنها تدخل ضمن الواجبات المفروض أن يؤمن بها كل مغربي. لكن كيف يمكن للمغربي أن يؤمن بثقافة العبور وسط عالم يؤمن بالفوضى والمحظور. لقد تم تفعيل المادتين 94 و187 من القانون رقم (52.05) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5824 بتاريخ 25 مارس 2010. أي بعد مرور أزيد من سنوات على صدوره. وكان بالأحرى استغلال تلك السنوات من أجل إيجاد توطئة من أجل حماية الراجلين، قبل تفعيله. كلنا نتذكر القانون رقم 15.91 المتعلق بمنع التدخين بالأماكن العمومية، والذي لازال عالقا، علما أنه صدر بالجريدة الرسمية سنة 1992. فالأمر كان يتعلق كذلك بسلوك فقط، وجب ترسيخه لدى المغاربة. القانون لم يطبق، لكن الظاهرة بدأت في الزوال بل تلاشت تقريبا.. وكلنا نتذكر القانون رقم 77-15 الذي يمنع تصنيع واستيراد وتصدير وتسويق واستعمال الأكياس البلاستيكية. دخل حيز التنفيذ قبل حوالي سنة. لكن الأكياس لازالت تنتج وتسوق بالمغرب. وطبعا الحكومة تكتفي بإحصاء المحجوزات وعدد المخالفين المعاقبين وهم فئة المستضعفين في البلاد. بينما زاد ربح شركات إنتاج الأكياس بعد أن رفعوا من سعرها.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top