وجوه فنية راسخة في القلوب والذاكرة -الحلقة 10-

يضرب المغاربة منذ سنوات طويلة، موعدا خاصا واستثنائيا خلال شهر رمضان الأبرك، مع وجوه فنية مميزة ومتألقة تضفي طابعا خاصا على مائدة الإفطار العائلي، وتزيد من قوة الطابع الاستثنائي لهذا الشهر الفضيل، سواء عبر الشاشة من خلال الوصلات الفنية المتنوعة طيلة اليوم، أو عبر المواعيد المباشرة مع جمهور الركح أو السينما أو الحفلات…
وتتميز الساحة الفنية المغربية بصعود أسماء جديدة بشكل متواصل، إلا أن هناك وجوها فنية خاصة ألفها المغاربة وأصبح غيابها عن الساحة بشكل عام وخلال الشهر الفضيل بشكل خاص، يشعرهم بفجوة في أجواء رمضان.
ورغم أن الأسماء الجديدة منها ما تميز وأبدع ووصل إلى قلوب المغاربة، إلا أنه من الصعب جدا تعويض الوجوه التي كبر وترعرع معها جيل من المغاربة وشكلت جزءا كبيرا من ذكرياتهم، حيث إنه في الأخير يبقى للجيل الجديد دوره ومكانته في إغناء الساحة، لكن ما من أحدهم قد يعوض آخر أو يحتل مكانته، خاصة في الذاكرة والقلوب.
وحيث إننا نضرب موعدا خلال هذا الشهر الكريم مع إبداعات فنية متنوعة سواء عبر الشاشة أو المسرح والسينما وغيرهما، يساهم فيها خليط من أجيال متعددة، سنستغل هذه المناسبة بجريدة بيان اليوم، لنستحضر عددا من الوجوه الفنية المغربية التي غادرتنا إلى دار البقاء في مجالات التمثيل والغناء التمثيل والإخراج، التي بصمت الساحة الفنية الوطنية بعطاءات ظلت شاهدة على تفرد موهبتها، التي رسختها في سجل تاريخ الفن بالمغرب والعالم بمداد من ذهب.

الراحل عزيز الفاضلي.. كوميدي الزمن الجميل وفنان من طراز عال

أبى العدو الشبح كوفيد إلا أن يخطف من ساحتنا الفنية، في نونبر 2021، اسما آخر بارزا هو الفنان الكبير عزيز الفاضلي، المتعدد المواهب الذي ترك بصمته الخاصة في عدة مجالات: مسرح الدمى، الدراما التلفزيونية والسينما، النشاط الإعلامي، ونخص بالذكر هنا تكلفه بتقديم النشرة الجوية في ثمانينات القرن الماضي، حين تم التفكير في الرقي بالبرمجة التلفزية وتكسير نمطيتها، وفعلا كانت له الجرأة في تقديم النشرة بنمط آخر مختلف ومبتكر.

يعتبر عزيز الفاضلي، الذي غادرنا عن عمر يناهز 78 عاما في هولندا، واحدا من عمالقة وأهرام الفن والثقافة في المغرب. استطاع بفضل تعدد مواهبه سواء في مجال المسرح والسينما أو التلفزيون، أن يثري الخزانة الفنية بأعمال ستظل خالدة خلود صاحبها في قلوب الجماهير.

اشتهر عزيز الفاضلي بشخصية بئيس الديس، التي قدمها في سنوات التسعينات ضمن سلسلة تلفزيونية لعب بطولتها تحت عنوان “صور عائلية”، لتصبح من أكثر الشخصيات، التي لعبها في مساره، قربا من الجمهور. اشتهر كذلك كما سبقت الإشارة، بطريقته الفريدة من نوعها في تقديم النشرة الجوية على التلفزيون المغربي، في سنوات الثمانينات، إلى درجة أصبحت من ضمن أكثر الفقرات التي يتابعها المشاهد المغربي ويقبل عليها، فقط من أجل الاستمتاع بالطريقة المذهلة لعزيز الفاضلي في التقديم.

كان لعزيز الفاضلي، الذي ولد سنة 1934، دور كبير أيضا في تطوير مسرح الطفل في المغرب، كما كانت له تجربة رائدة في مجال مسرح الدمى والعرائس، الذي لم تكن له في تلك الفترة، مكانة مهمة داخل المشهد الفني المغربي.

قدم عزيز الفاضلي للجمهور المغربي والساحة الفنية المغربية، واحدة من أشهر الكوميديانات وأقربها إلى قلوب المغاربة. ويتعلق الأمر بابنته حنان الفاضلي، نجمة السكيتشات الساخرة، التي اشتغلت إلى جانبه في العديد من الأعمال، دون الحديث طبعا عن ابنه المخرج الموهوب عادل الفاضلي، الذي أثرى الخزانة السينمائية في المغرب بأعمال ذات جودة سينمائية عالية، جعلت منه واحدا من أهم المخرجين المغاربة.

شارك عزيز الفاضلي في عدد من المسلسلات والأفلام التي أحبها الجمهور المغربي، في أدوار متنوعة ومختلفة، أظهرت قدرته على تقمص مختف الشخصيات وتنويع الأدوار، من بينها سلسلة “لا بريكاد” وأفلام “عرس الآخرين” و”أبواب الليل السبعة”.

قل ظهور الفنان الكبير على الشاشات بعد إصابته بمرض مزمن في القلب، قبل أن يفجع المغاربة بوفاته جراء إصابته بفيروس كورونا، وهو في زيارة رفقة زوجته، إلى ابنته غزلان الفاضلي، التي تشتغل كذلك في المجال الفني، وتقيم بهولندا، حيث وافته المنية بأحد المستشفيات هناك، عن سن تناهز 78 سنة، ثم ينقل جثمانه إلى المغرب، ليشيعه جمهوره ومحبوه وزملاؤه من داخل الوسط الفني، في جنازة ترجمت مدى الحب والتقدير الذي يحظى به الفنان الراحل.

< عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top