> بقلم: حسناء شهابي
جميل أن يكون لنا موعدا مع يوم تهب فيه رياح الهيام، لتطير بنا في سماء الغرام، ونحن على صهوة الريح وفوق بساط العشق نستحضر قصص وأساطير الغرام في عيد الحب. إنه عيد القلوب الحمراء والشكولاتة والشموع.
عيد تملأ الحمرة فيه كل واجهات المحلات التجارية في موسم التخفيضات خدمة للعاطفة والقلوب الولهانة، حيث العشاق لا يتحدثون إلا لغة الهدايا. التخفيض الحقيقي في القلوب والمشاعر وأجسادنا التي تئن من الصقيع الذي يدب في العلاقات بين النساء والرجال. نجهل بعضنا البعض، ويصعب علينا أن نتعرف على أنفسنا. هكذا نشعر بالحرج أمام عيد الحب لأن برودة الأحاسيس والعواطف أماتت ألسننا وصارت عاجزة عن الكلام، ليعلو بدلها الصمت القاتل. في أحسن الأحول تخرج من أفواهنا بضع كلمات عن العمل ومشاكل الحياة، وفوق فراش النوم يواصل الصمت حضوره.
في حضرة الحبر الأحمر الأعظم بجرح دماء قلبه والمجتمع سفاح فيه
كثيرا ما نلجأ إلى اللامبالاة لعلنا نفتقد غيرنا، أو نتخلى عن بعضنا. في حضرة الحب يزداد جبروت نذرة المشاعر والعواطف لنصبح اثنين لا يربط بينهما إلا منزل بأقفال وبضع أطفال. عيد القلوب ثقافة دخيلة على مجتمعنا لم يحتفل به إلا في الأعوام الأخيرة، أما الحب فهل دخل مجتمعنا قبل أن يدخل بيوتنا و يصير له مكانا في قلوبنا؟ كيف و نحن في أوطاننا نعيش في الظلام. حتى الكهرباء لم تعمم بعد في كل ربوع الوطن. استأنسنا الظلام فكيف لنا أن ندخلها في أجسادنا لننور عقولنا و نجعل الحب أرضنا؟.
الشرعية الوحيدة للحب هي شرعية السرية. نمارسه في صمت مثل حديقة لا ترى الشمس. رغم ذلك نسعى جاهدين أن نزرع فيها العاطفة لنقطف منها ثمار العشق. تعودنا أن نعيش الحب في الأغاني. نغنيه، نتغناه، و نتغنى به، فيسري كالريح مع هبوب أغاني أم كلثوم وعبد الحليم وفريد الأطرش. مع هذه الخالدات تنبعث نسمات الهوى وتحرك ما بداخلنا. تضغط على الجروح العميقة لتوقظ الوحش الراقد أو النائم فينطلق كالحصان الأبيض المجنح. يطير بنا إلى صندوق الأسرار ذو التاريخ الجميل.
يوم 14 فبراير منصة نطل من خلالها على كل مشاهد الحب. فليكن الحب بطل الشاشة حتى نراه في كل أفلام حياتنا. نحتفل به، نعيشه، نغازله ونتغزل فيه. وحتى لا أستفز نفسي والقراء على صفحة نشر غسيل القلوب، نتساءل دائما كيف نهدي باخرة فخمة للحب في مكان لا يوجد به بحر للعشاق.
الحب هو الأجل فلا تدعوه في أخر الآجال
من لا يحب فهو ميت، ومن عاش بالغش والكذب والخداع فقد مات. يفنى الحب عندما تحضر تلك الصفات القبيحة. الحب رديف الموت يأتي دون استئذان، كما الموت فلا نعرف لم يموت الصغير قبل الكبير؟ والسليم قبل المريض؟. في الحب لا ندري لم يحب الغني الفقير، ولم ينجذب الطويل إلي القصير، ولا القريب للبعيد؟ كل شيء يبدأ بالحب وينتهي بالموت، ورأس الأمر حب وقدماه موت.
الموت والحب انتقال من عالم إلى عالم، ومن دنيا إلى أخرى. بعد الموت وفي معمعان الحب يتغير شكل المرء وتختلف روحه. تصير له بسمة أخرى ونظرة أخرى كأنه كائن آخر. في النهاية لا أحد يستطيع أن يخفي أثر الحب أو الموت.
خطبة الحب
لا تجعلوا بيوتكم تئن من ضجر الروتين. افتحوا شبابيك قلوبكم وعانقوا نسمات الحرية. افتحوا شرفات ضمائركم و عقولكم ودعوا ثقافة الحب تستوطنها. اسهروا على إنتاجها واستهلكوها علنا أمام أبناءكم. علموهم أن أنبل العواطف الحب. بالحب يفنى الحقد والكراهية والتكفير. كونوا وقود وبيارق ثورة للحب لم تنتفض في الشوارع والطرقات، بل انتفضت على صفحتي هاته لتغسل ما في قلوبنا.
لنطالب معا – على غرار وزارة الدولة للسعادة في دولة الإمارات – بوزارة للحب والشؤون العاطفية لرعاية المودة وتقديم العاطفة للمؤازرة وحل كل الأزمات واستهداف من يعيش فقرا في الحب، وحت المواطنين على التفاؤل و دعمهم للحصول على السعادة. وزارة سوف تشتغل من أجل الرحمة و توطيد العلاقات لهذا لابد لكل الوزارات الاستشارة معها قبل أن تصرح يأي قرار صارم في وجه الشعب. نريد وزراة للحب لـ:
تخرجنا من نفق مظلم سبق وأن استسلمنا داخله لليأس؛
قادرة على أن تصالح الناس مع أنفسهم ومع الحب لينعموا بالأمن النفسي؛
لتصالح الناس مع أنفسهم بعدما دمرتها السياسة؛
توفر الحد الأدنى من الحب والعمل على استقراره.
لا تسألوا بعد حين
هل الزواج موطن للحب، وهل علينا أن نحب من نتزوج أم نتزوج من نحب؟. الحب حرية وليس قفصا. والزواج قفص ذهبي فهل صيغ لتتحرر المشاعر أم لاعتقال الأزواج والأحباء أو لحبس مشاعرهما فقط؟ فكرة القفص فيها بعض الاتهام، ربما هو قفص الاتهام !! كلاهما هنا وهناك ليتهم الأخر.
النقطة الأخيرة تتململ فأين سأضعها؟ لكن السؤال ما زال يراودني. أظن أنكم أنتم من سيجدها. نقطة.
يوم لوزارة الحب والشؤون العاطفية
الوسوم