تحت شعار: ” تقوية القدرات الإبداعية للسحناء رافعة للإدماج”، انطلقت صبيحة أمس فعاليات الجامعة الخريفية للسجون في دورتها الخامسة بالسجن المحلي آيت ملول 2 بأكادير، بحضور وزير الثقافة والاتصال وسفير المملكة المتحدة بالمغرب وممثلي مؤسسات ومنظمات وطنية، ومشاركة أزيد من 200 سجينا جامعيا.
فعاليات الجامعة الخريفية للسجون تعتبر مناسبة ستتيح للسجناء إبراز كفاءاتهم المعرفية وتثمين ما تحصلوا عليه من تعليم وتكوين خلال مسارهم الدراسي، يقول محمد صالح التامك المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، الذي أضاف أن تنظيم الدورة الخامسة الحالية، تندرج في إطار الدينامية المتجددة والجيل الجديد من البرامج التأهيلية، التي تروم تثمين قدرات السجناء وتمكينهم من اكتساب مهارات تساعدهم على معالجة المشاكل التي تعترض مسارهم والتفاعل بشكل إيجابي مع مستجدات الحياة اليومية، وتسمح لهم بتحصيل المعرفة واستدماج القيم الصحيحة والفضلى للمجتمع والقدرة على تجسيد كل ذلك وجدانا، فكرا وابداعا.
وأضاف، في افتتاح أشغال هذه الدورة، أن المندوبية العامة جعلت من تشجيع المبادرات الفنية للسجناء والنهوض بإبداعاتهم أحد ركائز استراتيجيتها المتعلقة بتأهيل السجناء للإدماج من خلال تنزيل مجموعة من البرامج تشجع على الخلق والابتكار والابداع.
وعن البرنامج الوطني للمسابقات، أشار المندوب العام، أنه يشتمل على 34 مسابقة من بينها 11 مسابقة في مجال الابداع وهي: الفن التشكيلي، الخط العربي، الشعر، الزجل، القصة القصيرة، الراب لفائدة النزلاء الأحداث، المسرح، الموسيقى، العزف المنفرد، الأشغال الفنية اليدوية لفائدة النزيلات وأسبوع الكتاب، كما تم برسم سنة 2018 إحداث مسابقة “كوميك” تهدف إلى إبراز ابداعات السجناء في مجال الكوميديا وصقلها وتطويرها على يد فنانين محترفين.
ومن جانب آخر، أوضح المندوب العام، أنه تم إصدار مؤلفين يتعلقان بإبداعات السجناء: الأول بعنوان cARTcéral ويضم أفضل ابداعات السجناء في مجال الفن التشكيلي والخط العربي، والثاني تحت عنوان “صناع مصير مغاير” وهو عبارة عن قراءات وتأويلات فلسفية تحاول تقريب القارئ من الأبعاد الوجودية والإنسانية العميقة للإبداعات اليدوية للنزلاء في المجالات الحرفية المتعددة كالخزف والنجارة والزرابي والحدادة وغيرها.
كما أشار أيضا، أنه تم تنظيم مسابقة أفضل منتوج حرفي وذلك في إطار الشراكات التي تعقدها المندوبية العامة لتشجيع الابداع مع منظمة البحث عن أرضية مشتركة في إطار مشروع “حياة جديدة، أمل جديد”، وتهدف هذه المسابقة إلى تشجيع إبداعات السجناء والرفع من مستوى قدرتهم وكفاءتهم في مجال تصميم وصنع منتجات ذات قيمة حرفية وفنية وابداعية عالية. وسيتم تتويج السجناء الفائزين في هذه المسابقة خلال الحفل الختامي لهاته الجامعة.
وتحفيزا للسجناء على الخلق والابداع، أعلن المندوب العام، أنه تقرر بموجب مقرر تنظيمي منح مقابل مادي في حدود 2000 درهما للمعتقلين الذين يزاولون نشاطا أدبيا أو فنيا بالمؤسسات السجنية، وذلك عن طريق لجنة مركزية تناط بها مهمة معاينة الأعمال الأدبية والفنية للمعتقلين حسب معايير تضعها اللجنة وتأخذ بعين الاعتبار المجهود الإبداعي للمعتقلين ومدى انخراطهم في برامج التأهيل لإعادة الادماج. وسنعود في عدد الغد لباقي الكلمات التي ألقيت في الجلسة الافتتاحية.
تجدر الإشارة، أن أنشطة هذه الدورة تتوزع على خمسة جلسات ستبحث في كيفيات تقوية القدرات الإبداعية للنزلاء انطلاقا من عدة زوايا: مهنية وأكاديمية ونفسية وحقوقية ومؤسساتية وكذا سوسيولوجية.
وفي إطار الانفتاح على التجارب الدولية في مجال التأهيل لإعادة الادماج، اختير للجلسة الأولى موضوع “الابداع بالسجون تجارب دولية” ستعرض خلال هذه الجلسة تجارب دول كفرنسا والولايات المتحدة الامريكية، بالإضافة الى تجربة المغرب. وسيؤطر الجلسة خبراء معهود لهم بالكفاءة والمهنية ويتعلق الأمر بكل من الخبيرة الفرنسية السيدة Christine Lopez بصفتها مديرة للإدماج والتهييئ للإفراج بــ Orléans.والخبير الأمريكي السيد Richard Courseyبصفته مستشارا في مجال السجون، بالإضافة إلى السيدة فاطنة البيه الكاتبة العامة لجمعية “حلقة وصل سجن مجتمع” والسيدة Catherine Barut الكاتبة العامة لجمعية “سقالة”.
أما الجلسة الثانية فستناقش موضوع “الإبداع والمواطنة: تجليات الإبداع في إنماء روح المواطنة”، وذلك من منطلق الخصوصية التي تتميز بها المؤسسة السجنية كمؤسسة تضطلع بمهمة حفظ الأمن العام وتقوم في نفس الوقت بدور الإصلاح والتهيء للإدماج. وستساهم هذه الجلسة في إغناء النقاش عبر مداخلات ثلة من الأساتذة الأكفاء، ويتعلق الأمر بالسيد هيثم شلبي عن المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، شريكة المندوبية العامة في عدة برامج تأهيلية، والأستاذة منية النجار كباحثة أشرفت على إصدار ونشر مؤلفين خاصين بإبداعات السجناء والأستاذ جواد السوناني باعتباره مديرا لفرقة Daba théâtre والأستاذ أحمد الدافري، الناقد الفني والباحث في الإعلام والتواصل، والأستاذ شباكي عبد الكريم بكلية علوم التربية بجامعة محمد الخامس بالرباط.
وستعرف الجلسة الثالثة تناول موضوع ” الخصوصيات الثقافية للوسط السجني”. من خلال طرح أسئلة من قبيل: هل هناك خصوصيات ثقافية خاصة بالسجن؟ ما هي هذه الخصوصيات؟ وما علاقة هذه الخصوصيات بتحديات تدبير المؤسسات السجنية وتأهيل السجناء من أجل الادماج بعد الافراج؟ هذه الأسئلة وأخرى ستكون موضوع عروض وتدخلات من طرف الأساتذة عبد القادر الشاوي وحسن البحراوي وسعيد بنحسون.
أمــــا الجلســـة الرابعة فستحــــاول الإجابة على الســـؤال التــالي: “أي دور للإبداع في تأهيل السجناء للإدماج؟”. تكمن أهمية هذا الموضوع في ارتباطه بدور الابداع في عملية إصلاح وتأهيل السجناء للإدماج وتحصينهم ضد التطرف والغلو والعنف والانحراف. وستتم معالجة هذا الموضوع انطلاقا من مقاربة احترافية من طرف الأساتذة يوسف وهبون في الفن التشكيلي وبلال مرميد ورشيد العدواني في السينما وعبد الكريم برشيد وعبد الحق الزروالي في المسرح.
وستختتم أشغال الجامعة الخريفية بجلسة خامسة حول موضوع: “حق السجين في الثقافة”. وهو محور ينطلق من حق كل فرد في الثقافة بكل تجلياتها المعرفية والفكرية والابداعية. وتكريسا لهذا الحق الذي تكفله المواثيق الدولية والمرجعية الدستورية والقانونية الوطنية، سيكون للسجناء الطلبة موعد مع متدخلين يناقشون هذا الموضوع من منطلق الاختصاص الذي يجمع بين الأبعاد الحقوقية والقانونية والاصلاحية.
< حسن عربي: مبعوث بيان اليوم إلى أكادير