أثارت الدورة العاشرة للمهرجان الوطني للدقة والإيقاعات الذي نظم بتارودانت ردود أفعال متباينة في أوساط المجموعات الفنية المعنية والجمهور المعتاد تتبع هذه التظاهرة التي ستختتم فعالياتها غدا الأحد.
فإذا كان المهرجان وطيلة دوراته السابقة قد راكم أخطاء مرتبطة بمطبات المأسسة وهفوات التجربة المبتدئة المفروض أن تكون قد نضجت، فإن الدورة الحالية وخلال الإعداد لها بدأت بإقحام التظاهرة في خندق تجاذبات حزبية ومتاهات سياسوية، من طرف بعض أعضاء لجنة التنظيم المحليين بمديرية تارودانت، وكان ذلك وراء إصدار العديد من المجموعات لبيان ناري مشترك، يحمل أكثر من توقيع (تسع مجموعات)، تستنكر في مضمونه الزبونية والمحسوبية المتحكمة في وضع مقاييس الاختيارات المختلفة، المركونة للولاء الحزبي أو الانتساب لمكاتب تسيير المجموعات والفرق المحظوظة.
ومن بين الجمعيات المعنية بالإقصاء: جمعية الدقة وإحياء التراث، جمعية الدقة الرودانية والأصالة الرائدتان بالمدينة، جمعية الطائفة العيساوية العريقة، جمعية هواة الملحون، جمعية كناوة، جمعية الأمل الرودانية، إضافة إلى جمعيات أخرى شابة في فنون الدقة، الملحون، الكريحة، كناوة، الفراجة الرودانية، وكلها فرق مهتمة بالحفاظ على موروث تارودانت الثقافي الروحي، وتساهم بإمكاناتها الذاتية لضمان استمراريته. فقد كان منتظرا من هذا المهرجان الذي نظم تحت رعاية جلالة الملك محمد السادس بتعاون بين وزارة الثقافة وكل من مجلس جهة سوس ماسة، والمجلسين الجهوي والإقليمي للسياحة، وعمالة الإقليم والمجلس البلدي لتارودانت، أن يكون محطة حقيقة عوض منصة عبور، من أجل تثمين ألوان الإيقاعات السوسية الصوفية، وعموم التراث الحضاري اللامادي، وكذلك للاهتمام بموارده البشرية، وتشجيع ممارسيه القدامى والشباب لمواصلة رسالتهم في المحافظة عليه وضمان استدامته، على الأقل بإتاحة فرصة المشاركة لفرق المدينة والإقليم، عوض حمل مقصلة الإقصاء في كل الدورات لما هو محلي مقابل الاكتفاء بالمقربين.
ولعله الهاجس نفسه الذي كان ولازال يتحكم في معايير اختيار المجموعات التراثية، دائمة الترشيح لتمثيل تارودانت في كل المهرجانات الثقافية الوطنية والدولية، إلى حد أن الجمعيات المهتمة وخاصة منها، المقصية خرجت إلى العلن باتهام أعضاء لجنة التنظيم (رودانيين) بالارتكاز على النسبة المائوية من المستحقات تحت الطاولة كمحدد للاستفادة من كعكة مثل هذه المناسبات وغيرها.
فماذا يرجى من مثل هذه المهرجانات، ولو كانت يتيمة وطنية، والتي ترصد لها أغلفة مالية تطرح أكثر من سؤال، خاصة وأنها من مصادر عمومية ومؤسسات خصوصية منها الداعمة والحاضنة، إن لم تستهدف إشراك كل أو أغلب الفرق المحلية المهتمة في مثل مدينة عريقة كتارودانت، الضاربة بجذورها في عمق التاريخ والحضارة الإنسانية، والغنية بمختلف أنواع الأهازيج الشعبية والصوفية والإيقاعات التراثية.
محمد مواد
