لم يجد الكثيرون تفسيرا لكل هذا الإقبال الذي فاق كل التوقعات، حول شراء التذاكر الخاصة بمباراة الوداد البيضاوي ضد الأهلي المصري، برسم إياب نهاية عصبة الإبطال الأفريقية، والتي سيحتضنها مركب محمد الخامس بالدار البيضاء.
إقبال خلق الحدث، مع ما رافقه من مشاكل كثيرة، عجز المكلفون بالتنظيم والعشرات من رجال الأمن، عن ضبط الأمور، نظرا للإقبال الذي عرفته عملية البيع، وسط ظروف صعبة من جراء التدافع وحرارة الطقس، الشيء الذي نتج عنه إصابات وحالات إغماء، ومشاكل أخرى متعددة، من جراء حضور أكثر من أربعين ألف في وقت واحد ومكان واحد ولنفس الغرض.
فمنذ السابعة الرابعة صباحا من يوم الأربعاء، كان المئات من محبي الوداد واقفين في طابور طويل، ينتظرون انطلاق عملية البيع، لتلتحق بهم بعد ذلك الآلاف من الراغبين في حضور المباراة التي تشكل حدثا استثنائيا في تاريخ هذا النادي العريق.
وغير بعيد عن الوداد، فالمقابلات الأخيرة للجار الرجاء تجرى بشبابيك مغلقة، إذ تنفذ التذاكر بمجرد وضعها للبيع، كما هو الحال للمقابلة التي جرت مساء أمس الخميس بين الرجاء والجيش برسم إياب نصف نهاية كأس العرش.
كل هذا الإقبال الكبير والحب اللامتناهي، يؤكد حقيقة واحدة ألا وهى أننا أمام ناديين غير عاديين، ناديان بقاعدة جماهيرية كبيرة ليس فقط بمدينة الدار البيضاء، بل يمتد هذا العشق للحمراء والخضراء صوب باقي المدن المغربية، والأكثر من ذلك تواجد محبين بمختلف بقاع العالم، كما تابعنا ذلك من خلال احتفالات الجماهير الودادية بمختلف بلدان المهجر، نفس الشيء للرجاويين عندما حقق فريقهم نتائج دخلت التاريخ.
قيمة الناديين لا تقارن، ولا تقف عند محطة من المحطات، أو تتزامن مع حدث معين، بل تمتد لعشرات السنين وتزداد زخما مع توالي الحضور المؤثر في الأحداث الرياضية، ورغم تسجيل بعض حالات التراجع بين الفينة والأخرى، إلا أن الناديين محكوم عليهما بالبقاء دائما في القمة.
انطلاقا من هذه القيمة غير العادية والأهمية الاستثنائية، فإنه من الضروري أن يحاط تسيير الناديين بكثير من العناية والتتبع، مع الحرص على تطبيق القانون ومعاقبة المخالفين.
هذا الحرص والتتبع والمراقبة من شأنه حماية الناديين من الانزلاقات والأخطاء الفردية واستغلال إشعاعهما لتحقيق مكاسب شخصية بل تحويلهما إلى أداة للكسب والاغتناء، مع ما يرافق ذلك من ضرب لمصالح الناديين، ولنا في واقع الرجاء حاليا أكبر دليل على سوء التسيير الذي يمكن أن يقود النادي نحو الإفلاس الحقيقي.
وحينما نتحدث عن ضرورة فرض مراقبة وتتبع على ناديين كبيران كالوداد والرجاء، فلا نطالب بتطبيق الوصاية على الناديين ونزع الاستقلالية عنهما، بل يقف الأمر عند سن قوانين قادرة على حماية الناديين وعدم التساهل مع المخالفين أو المتورطين، مع تشكيل لجان تتكون من شخصيات وازنة، ارتبطت بالتسيير ويشهد لها بالاستقامة والاستقلالية ونظافة اليد، مهمتها التتبع وإمكانية التدخل في أي لحظة يسجل فيها أي خروج عن النص.
الكبيران الوداد والرجاء خلقا ليبقيا دائما في القمة، وهذه القيمة غير العادية يجب أن يستحضرها كل من يفكر في تحمل مسؤولية قيادتهما …
محمد الروحلي