اختارت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، الاحتفاء بغابة الأرز انطلاقا من مدينة أزرو، تخليدا لليوم العالمي للغابات، الذي يصادف تاريخ 21 مارس من كل سنة، وذلك تماشيا مع الشعار الذي وضعته الأمم المتحدة هذا العام والذي يتمحور حول “الغابات والمدن المستدامة”، محاولة بذلك التأكيد على أهمية الغابات والأشجار في المناطق الحضرية والمنافع التي تقدمها للمحيط والساكنة.
وفي هذا الصدد، من المقرر أن يشرف عبد العظيم الحافي، المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، خلال إحياء هذا اليوم بمدينة أزرو، على الافتتاح الرسمي لدار الأرزية كفضاء من المنتظر أن يحتضن المنتجات الغابوية وعرضها للعموم بغية التسويق، هذا فضلا عن تسليط الضوء على الاستراتيجية المتبعة لحماية وتثمين المنظومة البيئية الغابوية، خاصة في الجانب المرتبط بغابات الأرز الذي توجد بالمنطقة، كما ستشهد المناسبة توقيع عدة اتفاقيات شراكة وزيارات ميدانية وعملية تشجير واسعة النطاق بالجهة.
هذا علما أن الاستراتيجية المتبعة لحماية وتثمين المنظومة البيئية الغابوية كانت المندوبية قد أطلقت مرحلتها الأولى خلال العشرية الممتدة ما بين سنتي 2000 إلى 2011، والتي عملت من خلالها على مواجهة مختلف التحديات المطرحة على المجالات الغابوية ومقاربة مختلف الأبعاد المرتبطة بها، الاقتصادية منها والاجتماعية والبيئية، هذا مع إعطاء الأولوية فيها للتنمية المندمجة للمناطق الغابوية والمحيطة بها.
ومن جانبها، أفادت منظمة الأمم المتحدة بشأن اختيار شعار هذه السنة، الذي يهتم بوجود الغابات في المدارات الحضرية، والاهتمام بزراعة الأشجار بشكل استراتيجي داخل المدن، أن ذلك يأتي لعدة أسباب على رأسها المساعدة على توفير الطاقة المستخدمة للتدفئة بنسبة تتراوح بين 20 و50 في المائة، واختزان
الغابات والأشجار للكربون الذي يساعد في التخفيف من تأثيرات تغير المناخ في المناطق الحضرية وحولها.
وأفادت المنظمة بهذا الخصوص أن تواجد الأشجار بالمدن والمناطق المحيطة بها، يساهم في الترطيب بما قد يصل إلى 8 درجات مائوية، والحد من استعمال المكيفات والطاقة بنسبة 30 في المائة، هذا بالإضافة إلى أن تواجد الغابات داخل هذه المجالات الترابية وفي المناطق المحيطة، يمكن من خلق حركة سياحية وإحداث عشرات الآلاف من فرص العمل، عدا عن تشجع خطط تجميل المدن من خلال بناء اقتصادات خضراء دينامية ومفعمة بالطاقة ومزدهرة.
ويشار أنه بالنسبة للاستراتيجية الوطنية المتبعة لحماية وتثمين المنظومة البيئية الغابوية، تعتمد المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، في تنفيذها على المقاربة التشاركية، حيث قامت بإعداد تصميم تهيئة الغابات وتعزيز عمليات تحسين المراعي الغابوية خاصة بالمناطق الجبلية، وكذا تنظيم ذوي حقوق الانتفاع في شكل جمعيات وتعاونيات للاستفادة في إطار تشاركي وتعاقدي من القيمة المضافة الناتجة عن استغلال وتسويق وتحويل المنتجات الغابوية.
وامتد إعمال هذه المقاربة التشاركية ذات البعد التنموي المندرجة في إطار البرنامج العشري الممتد ما بين سنوات 2005-2014، إلى إشراك الساكنة من خلال هيئات المجتمع المدني، في عمليات تحديد الملك الغابوي، هذا بالرغم من تسجيل بعض الاحتجاجات على هذا المستوى في بعض المناطق، حيث تحاول المندوبية معالجة وتجاوز مختلف الإشكاليات المرتبطة بها، كما تم إشراك الساكنة في العمليات التي تهم المحافظة على الغابة وتشجير وتخليف الغطاء النباتي بإطلاق مشاريع مندمجة.
هذا ومن بين أبرز التحديات التي تواجهها المندوبية، تأتي الاعتداءات التي تتعرض لها التشكيلات الغابوية بصفة عامة وغابات الأرز من طرف أشخاص يتكتلون في الغالب في إطار عصابات منظمة تنشط في مجال قطع وتخزين وتهريب المواد الغابوية.
وقامت المندوبية السامية، من أجل مواجهة هذا الخطر الذي يهدد الرصيد البيئي في عدة مناطق، بتفعيل المقاربة الأمنية الزجرية، وذلك بمعية شركائها الآخرين، حيث اتخذت عدة تدابير من ضمنها دعم الوحدات الغابوية التابعة لها بالإمكانيات البشرية والمادية اللازمة لحمايتها وتدبيرها بصفة مستدامة، فضلا عن إعداد إجراءات استعجالية عملية منسقة وسريعة مع السلطات المعنية ويتعلق الأمر بوزارتي الداخلية والعدل، والسلطات الإقليمية والمحلية والقضائية والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة.
فنن العفاني