عرف قطاع المقاهي والمطاعم توسعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، سواء بالمدن، أو بالمناطق القريبة منها، أو بالطرق التي تربط بينها، حيث تم إنشاءُ العديد من محطات الاستراحة بالطرق السيارة، كما عرف هذا القطاع تطوراً كبيراً فيما يتعلق بطريقة بناء وتجهيز وزخرفة هذه المقاهي والمطاعم، حيث أصبحت تتوفر على فضاءات ذات مستوى عال مما جعل المواطنين يقبلون عليها بكثرة لتناول وجبات الأكل بعد الخروج من العمل وأثناء فترات الفراغ والعطل من أجل الراحة والاستجمام وقد أصبحت تشغل عشرات الآلاف من العمال والعاملات.
غير أن هذه المقاهي والمطاعم جلها لا تطبق قانون الشغل، حيث لا وجود لبطاقة الشغل، ولا لبيانات الأجر، ولا يتم احترام الحد الأدنى القانوني للأجر، ولا توفر شروط صحة وسلامة في العمل، ولا تطبق قوانين الحماية الاجتماعية، حيث لا يتم تعميم التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وعند توفرها فجلها غير سليمة من العيوب حيث لا تتضمن حقيقة أيام وساعات العمل المنجزة، ولا تعكس حقيقة الأجور المتوصل بها، وإن كانت هناك نسبة من المقاهي والمطاعم التي تطبق القانون، غير أنها تشكل أقلية، ولتغيير هذه الوضعية يتعين اتخاذ التدابير التالية:
> فيما يتعلق بالمقاهي والمطاعم التي تحقق مداخيل مرتفعة، عليها أن تدفع لعمالها أجوراً أكثر من الحد الأدنى لقانون الأجر، إذ ليس هناك ما يمنعها من ذلك، وإذا كانت بعض المقاهي والمطاعم تقوم بهذا الواجب فعليها أن تحافظ على هذه الحقوق المكتسبة، وأن تعمل على تحسينها مراعاة للمهارات والكفاءات المهنية التي يتوفر عليها العمال، وعلى المجهودات التي يبذلونها.
> بالنسبة للمقاهي والمطاعم التي لا تحقق مداخيل مرتفعة بالمقارنة مع الأخرى، عليها أن تطبق ما تنص عليه مواد مدونة الشغل حول توزيع الحلوان ومراقبته بدءاً من المادة 376 إلى المادة 381 وأن تعمل على تسليم الزبناء تذكرة تتضمن قيمة المنتوج، ونسبة أداء الخدمة وهو ما سيجعلها قادرة على القيام بالتزاماتها تجاه العمال.
> وقصد إيجاد الحل لهذه الوضعية يجب على أرباب المقاهي والمطاعم تحديد الأثمنة بما يأخذ بعين الاعتبار وضعية الزبناء وتطبيق القانون على العاملين بهذا القطاع، ويلاحظ أن هناك مقاهي ومطاعم تقدم منتوجاتها بأثمنة مرتفعة، إلا أنها لا تطبق القانون.
ومن أجل تطبيق قانون الشغل وقوانين الحماية الاجتماعية يجب على وزارة الشغل والإدماج المهني أن تعمل على وضع برامج قطاعية تشمل جميع القطاعات، من بينها هذا القطاع، بتنسيق بين مفتشي الشغل ومفتشي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومع مصالح القطاعات الحكومية ذات العلاقة، لكون تطبيق القانون من مسؤولية الحكومة بجميع مكوناتها، بدءً بعمل تحسيسي يشمل جميع المقاهي والمطاعم على الصعيد الوطني، وبعد ذلك يتم الانتقال إلى اتخاذ الإجراءات الواجب القيام بها من أجل فرض احترام القانون وضمان استقرار العمل لعشرات الآلاف من العمال والعاملات، ويمكنهم من الاستفادة من التغطية الصحية والاجتماعية.
وأملنا أن يتم ذلك في أقرب الآجال لكون ذلك يؤدي إلى ضمان حقوق العمال دون أن يحدث أي ضرر على أصحاب المقاهي والمطاعم، كما أنه قابل للتطبيق دون أية صعوبة.
ملحوظة: سبق لي أن أثرت هذا الموضوع في العديد من المناسبات السابقة عبر الصحافة الوطنية، غير أن الوضع ظل على ما هو عليه، وبعد اجتياح فيروس كورونا أصبح من الضروري تطبيق القانون الاجتماعي بفرعيه: قانون الشغل، وقوانين الحماية الاجتماعية، وهو ما دفعني إلى إثارة الانتباه من جديد.
بقلم: عبد الرحيم الرماح