الفنانة التشكيلية نبيلة الشوفاني: أعمال متوازنة تحتفي بمخزون بصري هائل

نبيلة الشوفاني فنانة تشكيلية عصامية من مواليد 1996 بآزمور، تميزت بعفويتها وخروجها عن المألوف، مما أضفى على أعمالها لمسة متميزة و منفردة، تعبر عن أحاسيسها من خلال الأوان و حركة الفرشاة، وجدت نفسها بين أحضان الصباغة و الأوان في وسط تشكيلي بامتياز، لتنهل من معين تجربة والدها الفنان محمد الشوفاني و أختها حياة، و هي في ربيعها السابع لدرجة أنها أصبحت تجد متعتها و هي تداعب الفرشاة و تعبث بالأصباغ محولة إيها لأعمال تنبأت لها بمسار فني متألق من قبل عدد من الفنانين و المتتبعين، تدرجت نبيلة الشوفاني في رسم شخصيتها الفنية بهدوء موازاة مع دراستها، خالفة أسلوبها الخاص وطريقة عملها الخاصة أيضا، رغم أنها لا أخفي تأثرت في البداية بوالدها و أختها ثم بالفنانة المقتدرة الراحلة الشعيبية طلال، والركراكية بنحيلة وفاطمة لكبوري، رموز الفن العصامي النسوي بالمغرب، اللواتي أثبتن تواجدهن في الساحة التشكيلية الوطنية و العالمية، كما شاركت في عدد من المعارض التي أتاحت لها التعرف عن قرب على تجارب و أسماء وطنية و عالمية، شجعوها على المضي قدما في مسارها الفني، لما تمتلكه من حس إبداعي و جمالي.
تزخر أعمال الفنانة التشكيلية نبيلة الشوفاني بالخيال المبتكر الذي تعتمد فيه الأشكال الرمزية وتجريدها بطريقة مميزة مع محاولة المزج بين الرمزية المقصودة والتجريدية المبسطة مستخدمة ألوان خامة تارة و أخرى ثانوية، من قبيل الأحمر و الأزرق و البرتقالي و الأحمر و البني، و هي الألوان الدالة على مدى تعلقها بالحياة كامرأة و بالحب و الصفاء و القيم الإنسانية، معتمدة على تيمة المرأة، المرأة المشعة بالعطاء و الحنان و العطاء، المرأة التي تعبر رمزيتها إلى الأم و الحبيبة و الأخت و الوطن و المجتمع و كل القضايا التي تخلق توازنا كونيا، جاعلة من الألوان لعبتها التي أتقنتها و جعلتها تشاكس المتلقي خلال قراءته لأعمالها التي تحتفي بمخزون بصري هائل، رغم سهولتها وبساطتها لأنها تمكنت من اختزال الكتل والأشكال المجردة ذات الرموز وفق تنوع وتوزيع رائع، تقول عن علاقتها باللوحة ” علاقتي باللوحة علامة حميمية أعتبرها دنياي كونها تشعرني بالسعادة كلما اقتربت منها، و خاطبت أحاسيسي التي وظفت فيها، حيث أني أنسى كل ما يشغل بالي و تزيدني تعلقا بها و تأهبا لأعمال أخرى تكون بقيمة أكبر، فهي بكل بساطة حبي الدفين” . لتبقى أعمال نبيلة الشوفاني أعمال تحمل في طياتها مجموعة من المعاني و الرموز التي تعكسها حركات ريشتها و ألوانها المتمثلة في تلك الوجوه النسائية و نظرات عيونها الواسعة، تقدم خطابا بصريا يبعث الأمل والإيجابية والتفاؤل إلى نفس المتلقي، يقول عنها أستاذها في مادة التربية التشكيلية خالد الكحلاوي ” نبيلة الشوفاني تعتبر إحدى تلميذاتها في الفترة الإعدادية، عرفتها كتلميذة خلوقة، محتشمة ومحافظة نشيطة و لها اهتمام بالغ بمادة التربية التشكيلية، مما جعلها تنغمس بشكل تلقائي في بحبوحة الرسم، ربما حتى الوسط الذي ترعرعت فيه كوسط غني عهن التعريف في المجال التشكيلي كان له دور أيضا، لدرجة أن أعمالها كانت لا تفارق محفظتها مما جعلها تصب أولى اهتماماتها في الميدان التشكيلي، باحثة عن كل ما هو جميل ويخدم تجربتها الفنية في سبيل تطويرها.. على عكس أغلبية التلميذات والتلاميذ الذين يعتبرون مادة التربية التشكيلية ثانوية في مشوارهم الدراسي.. كانت نبيلة جادة ومجدة في مادتها متطلعة لتحقيق طموحها الفني واثبات عزيمتها القوية…حقيقة كانت تلميذة مواظبة، متميزة، كما كانت و مازالت مهتمة جدا بالثقافة التشكيلية لمعرفة التيارات والمدارس الفنية والتقنيات المتداولة ”
نبيلة الشوفاني فنانة استطاعت أن تنثر الجمال و المحبة من حولها من خلال لوحاتها التي تجلب الناظرين و تجعلهم يسبحون في عالم واسع و بعيد الرؤى و الخيال و التصور، لما تستحضره من بساطة في اختزال الصورة، التي تمزج فيها ما بين التجريد و الرمز الذي يحاكي ثقافة تراثية تلامس الذاكرة المكانية و الزمانية، من خلال المواضيع و التيمات المفضلة في الفن الخاتم، خاصة تلك التي تعنى بالحياة اليومية في بساطتها و عنفوانها الطفولي، إلى جانب مخاطبة هوامش الحياة الاجتماعية، بلمسات تقليدية، منفتحة على تجارب أخرى، مما أضفى عليها جمالية خاصة، تنم عن موهبة تتمتع بإحساس رهيف وعميق في داخلها.

> محمد الصفى

Related posts

Top