عبر أعضاء بالمعارضة الجزائرية، الاثنين الماضي، عن رفضهم للأجندة الانتخابية للنظام، الذي يجري حاليا مشاورات مع الأحزاب السياسية، من أجل تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة.
ونقلت وسائل الإعلام الجزائرية عن رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، زبيدة عسول، تأكيدها أن إجراء انتخابات تشريعية ومحلية، هو «هروب إلى الأمام»، ولا يساير القضايا المستعجلة للبلاد والانشغالات الكبرى للمواطنين.
وأوضحت أنه «لا يمكن الحديث عن انتخابات في ظل ظروف الأزمة الوبائية، وأزمة اقتصادية واجتماعية وانتهاك الحريات الديمقراطية»، ملاحظة أن وسائل الإعلام العمومية ما تزال مغلقة أمام المعارضة والمواطنين، كما أن عشرات المواطنين ما يزالون في السجون لأنهم عبروا عن آرائهم.
ووجهت عسول انتقادات لاذعة لمحرري مشروع قانون الانتخابات، المتهمين بالسعي إلى « إضفاء الشرعية على الفساد».
من جهتها، انتقدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بشدة «خارطة طريق أحادية، استبدادية وغير ديمقراطية»
ونددت الرابطة، في بلاغ، عشية الذكرى الثانية للحراك، بكون «النظام، وعلى الرغم من الرفض القاطع لخارطة الطريق هذه، والفشل الذريع مرة أخرى خلال الرفض المكثف للتصويت على الدستور، الذي كان يتعين أن يؤسس الجزائر الجديدة، يستمر في تعنته، بمنع أي تعبير ديمقراطي أصيل، وبإغلاق كافة مجالات ممارسة الحريات وحقوق الإنسان الأساسية»، متحدثة عن «ترسانة (تشريعية، قضائية وأمنية) لتركيع الحراك السلمي».
وأضافت أن «النظام وعوض أن ينصت، يحاول باستمرار استرجاع هذا الحرك نفسه، وفي كل مرة بحلول خاطئة ووعود كاذبة، غير أن هذا الحراك، في نظر الشعب، لم يحقق بعد أهدافه».
وذكرت بأن الحراك «لم يجلب لا الديمقراطية ولا العدالة، ولا الحريات الموعودة، ومن هنا تأتي النداءات المشروعة لمواصلة العمل من أجل إنقاذ البلاد وتغيير النظام».
من جانبه، أكد حزب جبهة القوى الاشتراكية، أعرق أحزاب المعارضة الجزائرية، أن مشروع قانون الانتخابات الجديد، الذي يوشك إعداده على الانتهاء، تحسبا للانتخابات المحلية والتشريعية المبكرة بالبلاد، «لا يهدف في الحقيقة سوى إلى توفير واجهة ديمقراطية لنظام استبدادي».
وأوضح مسؤولو الحزب أن «النظام، هو بالتأكيد، تلميذ غير نجيب. فقد نسي درس الاستفتاء الدستوري الأخير الذي جوبه برفض شعبي واسع وتاريخي».
وأعرب جبهة القوى الاشتراكية عن استنكاره ل»الجمود السياسي للنظام، والذي يحافظ، أمام تنامي المخاطر على الجبهتين الداخلية والخارجية، على خارطة طريقه، بهدف وحيد هو الإبقاء على الوضع القائم، تحت حماية القوة وليس القانون».
وأكد أنه و»بالإضافة إلى تعقد وخطورة الأزمة متعددة الأبعاد التي تسبب فيها تدبير مناهض للحرية وفوضوي منذ الاستقلال الوطني»، فإن الجزائريين يواجهون «وضعا اجتماعيا واقتصاديا كارثيا، والذي تبقى عواقبه، للأسف، عصية على المراقبة، ومأساوية على المديين القصير والمتوسط».
وبالنسبة لجبهة القوى الاشتراكية، فإن الوضع «أصبح لا يطاق وقابل للانفجار، في ظل مناخ سيء جدا وخانق، وزاد من تفاقمه بروز أجواء من انعدام الأمن والدعاية المدمرة التي تهدف إلى نشر الاضطراب والقلق وسط الساكنة، التي تواجه أصلا جميع أنواع المعاناة والحرمان».
التغيير الجذري
من جهة أخرى، دعت ستة ائتلافات مواطنة بالجزائر إلى مباشرة «مسلسل التغيير الجذري» في البلاد.
ويتعلق الأمر بائتلاف أصدقاء البيان من أجل الجزائر الجديدة، وائتلاف المبادرة المواطنة من أجل التغيير، وائتلاف مونريال من أجل مؤتمر للمواطنة، والنواة من أجل تنوير الجامعة بالفكر الحر (عنابة)، ومواطنون من أجل العمل والتغيير، والتنسيقية الوطنية من أجل مؤتمر للمواطنة.
كما طالبت هذه الائتلافات، في بيان مشترك، بـ «رفع العراقيل أمام الحريات العامة، وكذا بإلغاء كافة القوانين التي تحد من الحريات»، مشيدة بـ «التزام الشعب الجزائري مواصلة وإنجاح ثورته المواطنة بكافة الوسائل السلمية، وطمأنته بأن تكون دائما في صفوفه».
وجددت، عشية الذكرى الثانية للحراك، الذي انطلق في 22 فبراير 2019، تضامنها مع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، مطالبة بالإفراج الفوري عنهم، ورد الاعتبار لهم معنويا وماديا، وبإسقاط المتابعات القضائية في حقهم.
ودعت، بالموازاة مع ذلك، إلى تنظيم مؤتمر وطني محايد عن النظام «قصد تحقيق انتقال ديمقراطي مكرس لعملية تأسيسية ذات سيادة»، باعتبارها السبيل الوحيد «للترسيخ الفعلي لدولة الحق والقانون، دولة مدنية ديمقراطية واجتماعية، تكون السيادة فيها للشعب، والعدالة مستقلة». وبخصوص المشاورات الجارية بين النظام والأحزاب السياسية، ندد الموقعون على البيان، بـ «إصرار أصحاب القرار على إجراء انتخابات، قصد تجديد المجالس الوطنية والمجلية، دون مشاركة الساكنة».
كما نددوا بـ «عملية ممنهجة»، يتم تسخيرها من أجل إفساد مجموعة سياسية جديدة بواسطة السخاء المالي، والمحاصصة، والزبونية، لتجنب الإشكالية الحتمية المتمثلة في تغيير جذري للمنظومة السياسية.
واتهموا، في هذا السياق، الأحزاب السياسية بالاستسلام للإغراء، والارتماء في أحضان السلطة، دون أمل، لوأد الحركة المواطنة.
وأعربت عن أسفها لكون وجوه توصف بأنها من رموز الحراك، والتي تعارض أي شكل من أشكال التنظيم الذاتي الوطني للمواطنين، تضاعف، بشكل خفي، من اللقاءات على أعلى مستوى، ومن عروض الخدمة، مع الاستمرار، في الوقت ذاته، في ترديد شعارات ثورية.
وأبرزت أن الأمر يتعلق بأحداث تعد بمثابة «انزلاقات خطيرة، وخيانة للطبيعة الحقيقية لهذه الجبهة الداخلية، التي يلتقي النظام الاستبدادي والإسلاميون في مساعيهما لمحاصرتها، وهي ليست تهديدات خارجية، حقيقية أو مزعومة، وإنما الحراك ومطالبته بتغيير ديمقراطي جذري».