كشف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، أول أمس الاثنين، عن ارتفاع نسبة رفض الأذونات المتعلقة بزواج القاصر، مبرزا أنه وصل إلى 65% سنة 2020، بفضل الإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة في هذا الإطار.
وشدد الداكي، أثناء لقاء دراسي حول موضوع “زواج القاصر”، في إطار تفعيل مقتضيات إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء، بمدينة مراكش، على أن الإجراءات المتخذة في هذا الإطار، انعكست “بشكل إيجابي” على عمل النيابات العامة بمختلف محاكم المملكة، إذ عرف موضوع زواج القاصر منذ 2017 إلى 2020، “انخفاضا مضطردا”.
وأضاف المتحدث نفسه أن نسبة رفض الإذن بزواجات القاصر، بلغت سنة 2018 إلى 36 في المائة، ثم 58,4 سنة 2019، لتصل 65% سنة 2019، من مجموع ملتمسات الرفض التي تقدمت بها النيابة العامة في الموضوع.
هذا وأبرزت دراسة تشخيصية قامت بها النيابة العامة، حول زواج القاصر، أن الأوساط التي تنتشر فيها الأمية والجهل هي الأكثر إنتاجا لهذا النوع من الزواج،
وإعادة إنتاجه، مشيرة إلى أنهما جد متفشيان بين القاصرات وأسرهن، وكذا بين أزواجهن، حيث إن أغلب حالات هذا الزواج تتم في وسط مستواه التعليمي متدن، لم يتجاوز فيه غالبا مستوى الابتدائي.
وكشفت الدراسة التي اعتمدت مقاربتين؛ الأولى قضائية استهدفت المعطيات المستقاة من ملفات الإذن بتزويج القاصر، بالمحاكم المختارة، وفق مؤشرات محددة، والثانية ميدانية استهدفت الاستماع إلى القاصرات المتزوجات، في المنطقة المختارة، وتحليل وتتبع أوضاعهن لفهم الأسباب الدافعة لزواجهن من جهة، ومعرفة مصيرهن بعد الزواج من جهة أخرى، (كشفت) أن الهدر المدرسي هو الرافد الأساسي لزواج القاصرات، سواء تعلق الأمر بعدم الالتحاق مطلقا بمقاعد الدراسة، أو التسرب خارج المسار الدراسي بعد الولوج إلى المدرسة، مبرزة أن الأسباب المادية المحضة، وعدم الاستفادة من الخدمات التعليمية، وبرامج دعم التمدرس كبرامج تيسير والإيواء، والنقل المدرسي تبقى هي المسبب الأكبر في هذا الأمر.
وجاء في الدراسة التي شملت 18 قسما لقضاء الأسرة، والمراكز التابعة لها، -تحكمت في اختيارها اعتبارات تتعلق بالتمثيل الجغرافي لكافة جهات المملكة، وكذا المعطيات الإحصائية السنوية المسجلة ارتباطا بأذونات زواج القاصر، وقد غطت هذه الدراسة خمس سنوات من 2015 إلى 2019-، أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي للقاصر وأسرتها وللخاطب أيضا إلا وانخفضت نسبة الزواج المبكر، وبالتالي فإن الزواج المبكر يدخل في علاقة عكسية مع المستوى التعليمي، فكلما ارتفع أحدهما انخفض الثاني.
وبلغة الأرقام، أشارت الدراسة الميدانية التي ارتكزت على إقليم أزيلال لعدة اعتبارات ترتبط بخصوصية بنيته الجغرافية والديموغرافية، حيث يعد الإقليم من أكبر الأقاليم مساحة على المستوى الوطني، ويتميز بطبيعة جغرافية قاسية جدا، كما تتسم الجماعات المكونة له بطابعها القروي، وتشكل الساكنة القروية فيه النسبة الأكبر، (أشارت) إلى أن نسبة تمدرس الفتاة القاصر ضعيفة جدا، حيث أن نسبة الفتيات القاصرات اللواتي يتابعن دراستهن لا يتجاوز 0.35% و13.22% لم يسبق لهن التمدرس فيما 86.43% انقطعن عن الدراسة.
من جهة أخرى، كشفت الدراسة أن التأويل الخاطئ للدين، والتفسير المغلوط لبعض نصوصه والاحتجاج بها في غير محلها، وإخراجها من سياقها دون استحضار لدلالتها الصحيحة وأسباب نزولها، واستيراد مفاهيم مذهبية يفاقم بدوره تكاثر الزواج المبكر.
وتابعت الدراسة أن كل هذه العوامل تتحد لتجعل القاصر المتزوجات مكونا رئيسيا في المعضلة، بسبب رغبتهن الجامحة في هذا الزواج، ما يترتب عنه اتخاذهن قرار الزواج بأنفسهن بنسبة بلغت 94.84%.
< عبد الصمد ادنيدن