أعلن الجيش الأوكراني الأحد انسحاب جنوده من ليسيتشانسك، المدينة الرئيسية في شرق أوكرانيا، فيما قالت روسيا إنها حققت انتصارا كبيرا من خلال السيطرة على كل منطقة لوغانسك.
وقالت هيئة أركان القوات المسلحة الأوكرانية في بيان “حفاظا على أرواح المدافعين الأوكرانيين، اتخذ قرار الانسحاب” من المدينة، مشيرة إلى “تفوق” الجيش الروسي على الصعيد الميداني.
وجاء الانسحاب الأوكراني بعد أسابيع من القتال العنيف وكان بمثابة اختراق حاسم لقوات موسكو بعد أكثر من أربعة أشهر على بدء غزوها لأوكرانيا وتحويل تركيزها بعيدا عن كييف.
وكانت ليسيتشانسك آخر مدينة كبيرة تخضع لسيطرة الأوكرانيين في لوغانسك في حوض دونباس في شرق أوكرانيا. وتشكل السيطرة عليها مؤشرا إلى تقدم روسي كبير في دونباس.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال في وقت سابق الأحد إنه من المستحيل القول إن ليسيتشانسك تحت السيطرة الروسية، مؤكدا استمرار القتال في ضواحي هذه المدينة التي أعلنت موسكو في وقت سابق السيطرة عليها.
وأوضح خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي “لا يمكننا القول إن ليسيتشانسك تحت السيطرة الروسية”، مضيفا “هناك قتال في ضواحي” هذه المدينة المحاصرة منذ أسابيع.
ومن شأن السيطرة على ليسيتشانسك في شرق أوكرانيا أن تتيح لموسكو السيطرة على كل منطقة لوغانسك وتسمح لقواتها بتهديد مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك الرئيسيتين في منطقة دونباس الصناعية التي تسيطر عليها كييف.
وأضاف زيلينسكي “هناك خطر احتلال كامل لمنطقة لوغانسك. هناك خطر ونحن نفهم ذلك”، معتبرا أن ليسيتشانسك تشكل “الوضع الأكثر صعوبة والأكثر خطورة” بالنسبة إلى أوكرانيا.
وتابع “الأفضلية ليست لنا هناك، هذا صحيح. إنها نقطة ضعفنا لكننا نتقدم في نقاط أخرى”.
وجاءت هذه الضربة بعدما تعهد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الأحد مزيدا من الدعم العسكري لكييف خلال اجتماع مع زيلينسكي في العاصمة الأوكرانية، بما فيه مدرعات وطائرات مسيرة.
وجاء ذلك بعدما أعلنت بيلاروس اعتراض صواريخ أطلقتها كييف واتهمت روسيا أوكرانيا بإطلاق ثلاثة صواريخ عنقودية على بيلغورود في هجوم أسفر عن سقوط أربعة قتلى.
وفي سيفيرسك التي تبعد 30 كيلومترا غرب ليسيتشانسك، سجل قصف ليل السبت الأحد كما ذكر سكان ومسؤول لوكالة فرانس برس.
وجاء الإعلان الروسي بينما أفادت موسكو أن دفاعاتها المضادة للطائرات أسقطت ثلاثة صواريخ عنقودية من طراز “توشكا-يو” أطلقها “قوميون أوكرانيون” على بيلغورود، المدينة الروسية القريبة من الحدود الأوكرانية.
وذكر حاكم بيلغورود فياشيسلاف غلادكوف أن الهجوم أحدث أضرارا في 11 مبنى سكنيا و39 منزلا.
واتهمت موسكو كييف في السابق بشن ضربات على الأراضي الروسية، تحديدا في منطقة بيلغورود.
من جهته، اتهم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو كييف بـ”استفزاز” بلاده. وقال إن جيشه اعترض صواريخ أطلقتها قوات أوكرانية على بيلاروس قبل “نحو ثلاثة أيام”.
وبيلاروس من أبرز حلفاء روسيا منذ فترة طويلة، ودعمت الغزو الذي بدأ في 24 فبراير بينما اتهمتها كييف بشن هجمات على الأراضي الأوكرانية.
لكن لوكاشنكو نفى أي دور لبلاده في حادثة عبر الحدود. وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (بلتا) السبت “أكرر لكم، كما قلت قبل أكثر من عام، لا نية لدينا للقتال في أوكرانيا”.
في هذه الأثناء، تواصل القصف الروسي الذي يسفر عن مقتل العشرات في جميع أنحاء أوكرانيا والمعارك العنيفة، حسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقال زيلينسكي في خطاب السبت “يتواصل القتال العنيف على طول خط الجبهة في دونباس”، مضيفا أن “العدو يكثف نشاطه في منطقة خاركيف”.
وقالت السلطات المحلية في دونيتسك إن شخصين قتلا وجرح ثلاثة آخرون بينهم طفلان، في ضربة استهدفت بلدة دوبروبيليا.
وصرح مسؤول أوكراني الأحد أن قوات بلاده نجحت في “وقف عمل” قاعدة عسكرية روسية في ميليتوبول، بينما أعلن الجيش الأوكراني أن القوات الجوية دمرت نحو 20 وحدة روسية ومستودعين للذخيرة.
وقال إيفان فيدوروف رئيس بلدية ميليتوبول إن “الدخان يلف البلدة”.
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني “لم تنته الحرب بعد (…) وقسوتها تشتد في بعض الأماكن ولا يمكن أن ننساها”.
وتحدث زيلينسكي في خطابه أيضا عن مؤتمر لإعادة إعمار أوكرانيا من المقرر أن ينطلق الاثنين في سويسرا. وسيجتمع قادة عشرات الدول والمنظمات الدولية في مدينة لوغانو بهدف وضع خارطة طريق لتعافي البلد الذي تمزقه الحرب.
وقال زيلينسكي إن إعادة إعمار أوكرانيا “تحتاج إلى استثمارات ضخمة — مليارات وتكنولوجيا جديدة ومؤسسات جديدة وبالطبع، إصلاحات”.
وأشار إلى أن الحرب أثرت على عشر مناطق في أوكرانيا فيما بات يتعين “إعادة بناء” العديد من البلدات والقرى “من الصفر”.
ويتوقع أن تحدد خارطة الطريق حاجات إعادة الإعمار بما في ذلك البنى التحتية المدمرة والمتضررة واقتصاد أوكرانيا المنهار إلى جانب الاحتياجات البيئية والاجتماعية. وتقدر الكلفة بمئات مليارات الدولارات.
كما ستواجه أوكرانيا مطالبات بإصلاحات واسعة، خصوصا في ما يتعلق بمكافحة الفساد.
وشددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين على الحاجة إلى الإصلاحات وقالت إن عضوية الاتحاد الأوروبي المنشودة “في متناول” أوكرانيا، لكنها حضت كييف على العمل على إجراءات لمكافحة الفساد.
وقبل الحرب، كانت أوكرانيا مصدرا رئيسيا للمنتجات الزراعية، لكن الغزو الروسي أحدث أضرارا في الأراضي الزراعية وسيطرت موسكو خلاله على موانئ أوكرانية أو جرفتها أو حاصرتها، ما أثار مخاوف حيال النقص في الغذاء وخصوصا في الدول الفقيرة.
واتهمت القوى الغربية بوتين باستخدام المحاصيل العالقة سلاحا لزيادة الضغط على المجتمع الدولي بينما اتهمت روسيا بسرقة الحبوب.
أ.ف.ب