تمر إعادة ابتكار مستقبل الطفولة، خاصة في العالم القروي، بالضرورة، عبر توسيع نطاق الولوج إلى تعليم ذي جودة منذ سن مبكرة. وهذه هي الغاية الأسمى لعدد من مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي رأت النور، مؤخرا، بإقليم فكيك. فمنذ إطلاق المرحلة الثالثة من هذا المشروع التنموي الضخم، تم إنجاز عدد من مشاريع التعليم الأولي في إطار برنامج “الدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة”..  

مكنت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من تعبئة الوسائل الكفيلة بتدارك التأخر المسجل في هذا المجال، لتصبح، اليوم، العزلة والنقل المدرسي ونقص الموارد البشرية، وهي عوائق كانت تحول دون تمدرس الأطفال، جزء من الماضي. وفي هذا الصدد، بذلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مجهودات جبارة من أجل إحداث وحدات للتعليم الأولي في المناطق القوية النائية، لا سيما في جماعة بوعنان، التي تقع على بعد 125 كيلومترا جنوب بوعرفة (عاصمة إقليم فكيك)، وذلك بهدف أساسي تمثل في النهوض بالتعليم الأولي. وقال رئيس قسم العمل الاجتماعي بإقليم فكيك، إدريس موسي، إنه “منذ إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية، تم إنجاز عدد من مشاريع التعليم الأولي ما بين 2019 و2022، وذلك في إطار برنامج “الدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة”، مسجلا أنه تم إنجاز أو برمجة 129 وحدة للتعليم الأولي بالعالم القروي (2019-2022)، منها 48 وحدة تمت برمجتها سنة 2023. وأبرز أن “إحداث وحدات التعليم الأولي بالوسط القروي تأتي في إطار مقاربة ترابية للقرب، تستفيد منها كل الجماعات القروية التابعة لإقليم فكيك. ويكمن الهدف منها في ضمان تعليم ذي جودة يساعد على الاندماج السلس للأطفال من أجل مكافحة كل أشكال الهدر المدرسي”. ولفت إلى أن المدرسات اللائي يؤمنن تأطير هذه الوحدات خضعن للتكوين الملائم لمساعدة الطفل على تلقي تعليم مبكر يتماشى مع المعايير المطلوبة، مؤكدا أن ذلك سيكون له تأثير إيجابي على مساره التربوي وبرنامجه التحضيري للتعليم الابتدائي. من جهتها، اعتبرت نجاة السيداوي، وهي مدرسة بوحدة التعليم الأولي ببوعنان، أن هذه الوحدة تقدم مناهج مبتكرة في التعليم الأولي وأدوات تربوية لتيسير تعلم الأطفال، موضحة أن مهمتها كم درسة تتمثل في مواكبة الأطفال والاهتمام بهم، فضلا عن إعدادهم لمرحلة التعليم الابتدائي. من جانبها، أشادت المدرسة بالوحدة ذاتها، سليمة القاسمي، بمساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في النهوض بالتعليم الأولي بجماعة بوعنان، مشيرة إلى أن هذه المبادرة مكنت من ضمان تعليم أولي مجاني ومتاح، لا سيما بالنسبة للأطفال المتحدرين من أوساط هشة. وأوضحت المتحدثة ذاتها أن “الديكور والأجواء بالقسم تكتسي أهمية قصوى لأنه يجعل الفضاء مريحا لهؤلاء الأطفال”. ويسهم جميع الفاعلين المعنيين في هذا المجهود الجبار لسد الفجوة المسجلة في ما يخص ولوج الفتيان والفتيات، خصوصا، إلى التعليم. وجعلت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، وقسم العمل الاجتماعي بالإقليم، والمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، من تعليم الفتيات أولوية، وذلك من خلال التركيز، بالأساس، على المناطق القروية، وهو ما أعطى أكله مبكرا، بحيث أضحى أزيد من 50 في المائة من تلاميذ الوسط القروي من الفتيات.