من قلب بغداد الصمود.. المسرح ينتصر لقيم النضال والمقاومة

اختارت الدورة 14 للمسرح العربي هذه السنة مدينة بغداد أرض أبو حنيفة النعمان، موطن المتنبي وشاعر المقاومة أحمد مطر، لتكون ملقى عشاق المسرح والفنون. بغداد التي قال عنها اليعقوبي في كتابه البلدان: “ليس لها نظير في مشارق الأرض ومغاربها سعةً وكِبرًا وعمارة وكثرة مياه، وصحة هواء، ولأنه سكنها من أصناف الناس وأهل الأمصار والكور، وانتقل إليها من جميع البلدان القاصية والدانية وآثرها جميع أهل الآفاق على أوطانهم”، وتستضيف العاصمة العراقية دورة استثنائية من دورات المهرجان العربي لأبي الفنون، حيث يتزامن موعد انعقادها مع ما يشهده ثغر من ثغور المرابطة العربية من حرب ضروس تروم تهجير أصحاب الأرض ومحق من اختار البقاء. لتعبر بغداد وضيوفها الذين شدوا إليها الرحال، هذه الأيام، من مختلف بقاع البلاد العربية، عن دعمها الدائم والأبدي لعدالة قضية شعب مكلوم، لا يدافع عن حقه في الحرية فقط، بل على حفظ ماء وجه أمة بكامل شعوبها وجغرافيتها.
يعتبر المسرح واحدا من أهم وسائل التعبير الفني التي تعكس روح المقاومة والصمود في وجه التحديات الاجتماعية والسياسية، فهو وسيلة فعالة لتعزيز ثقافة المقاومة والدفاع عن القضايا الإنسانية المصيرية المشتركة. في هذا السياق، تعد دورة مهرجان المسرح العربي في بغداد فرصة لتجميع الفنانين والجماهير من أجل التعبير عن دعم الشعب الفلسطيني وحقه في الدفاع عن أرضه ونفسه، من جبروت كيان صهيوني غاشم، ما زاده صمود الفلسطينيين شعبا ومقاومة إلا عدوانا وانتهاكا للمواثيق الدولية. وفي الوقت الذي تخاذلت قوى العالم عن نصرتهم، اختارت كل فئة طريقتها في التعبير عن رفضها لما يقع، واختار المسرحيون سلاحهم الدائم في مواجهة ما يرفضون “المسرح”.
من هنا، يظهر المسرح كوسيلة فنية تتجاوز الحدود، حيث يمكنه أن يلهم ويوحد المجتمع بأكمله. بغداد، بوصفها معقل الفن والثقافة، وجارة عاصمة المقاومة غزة، تروم من خلال هذه النسخة تعزيز قيم المقاومة ورفع شعارات الوحدة والصمود، من خلال برمجة عدد من العروض المسرحية والندوات الفكرية، يتقدمها عرض مسرحي من تقديم فرقة مسرح الحرية ـ مخيم جنين، بعنوان: “ميترو غزة” المأخوذ من نص للكاتبة خولة إبراهيم الفائزة بجائزتي أفضل نص وأفضل إخراج في مهرجان فلسطين الدولي عن عملها المسرحي “لندن جنين”، ومسرح الحرية هو مسرح فلسطيني، يعتبر أحد المعالم الثقافية البارزة في الضفة الغربية، والوجه الآخر للمقاومة الفلسطينية. وبين ثورة “الجزائر” و”البؤساء” من مصر، و”قصة تودة” الأمازيغية من المغرب.. تسبح بنا عناوين العروض في عوالم النضال المشروع في انتظار ما ستقدمه الفرق المشاركة من عروض شيقة وملهمة.
كما تقدمت القضية الفلسطينية الندوات الفكرية، حيث أقيمت ندوة في اليوم الأول للمهرجان بعنون “المسرح والمقاومة الثقافية في فلسطين”، أغنى فقراتها مجموعة من المسرحيين والنقاد الفلسطينيين متطرقين لثلاثة تجارب مسرحية من جنين، القدس ورام الله.
وبين أوراق السيناريو وهمسات المقاومة، بغداد تحتضن برحابة وأريحية دورة ضخمة مشاركة وحضورا، وغنية بموضوعاتها النابضة بحب معشوقة الشعوب العربية فلسطين.

بقلم: أميمة بونخلة

Top