الممثلة رجاء خرماز : لا سينما بدون مال

 شهدت الدورة السادسة لمهرجان تافسوت للسينما الأمازيغية المغاربية المقامة مؤخرا بمدينة تافراوت، تكريم نخبة من الفنانات السينمائيات الأمازيغيات، من بينهن الممثلة رجاء خرماز المعروفة بمشاركاتها المتعددة في الأفلام الناطقة بأمازيغية الأطلس المتوسط، وكذلك في الأفلام الناطقة بالدارجة، ناهيك عن مساهماتها المتميزة في المسرح المغربي. وبهذا تكون الفنانة رجاء خرماز، وهي خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي منذ سنة 2012، من الممثلاث اللواتي يجمعن بين الاشتغال في المجال المسرحي وفي الدراما التلفزيونية.. بيان اليوم التقت بها في تافراوت على هامش حفل تكريمها وأجرت معها الحوار السريع التالي:

* ماذا تشكل لك لحظة تكريمك في مهرجان سينمائي بأعالي الجبال؟

** كان لي عظيم الشرف أن يتم تكريمي في إطار مهرجان تافسوت للسينما الأمازيغية المغاربية في دورته السادسة بمدينة تافراوت.. تلك المنطقة الجبلية الساحرة.. وذلك الفضاء الرحب الذي يختزن تراثا غنيا من الثقافة الأمازيغية العريقة والتي تثير دائما اهتمام زوارها من جميع أنحاء العالم.. لا أخفيكم سعادتي بهذا التكريم خصوصا أنه يأتي في إطار مهرجان للسينما، وفي منطقة أمازيغية أكتشفها لأول مرة، ووسط نخبة من الفنانات والفنانين الذين أعزهم.. ولا شك أن هذا التكريم سيشكل بالنسبة لي حافزا للمزيد من العطاء في فن التمثيل الذي أحبه وأعشقه…

* في ندوة المهرجان يكاد يجمع جل المشاركين على تراجع السينما الأمازيغية إنتاجا وإبداعا.. فما هي أسباب ذلك في نظرك؟

** من وجهة نظري كيف لنا أن نتساءل عن التراجع ونحن نشهد تجارب جد قليلة إن لم نقل شبه منعدمة.. بل أكثر من ذلك أغلب ما أنجز لحدود اليوم، في مجال السينما الأمازيغية، هي أعمال سينمائية وتلفزيونية تتميز فقط بكونها ناطقة باللغة الأمازيغية والحال أنه لا يمكننا أن نختزل السينما الأمازيغية في الأفلام الناطقة بها فقط، أو نعتبر أن اللغة هي وحدها من تشكل الثقافة لأي حضارة ما.. صحيح أن هناك نصوصا وسيناريوهات باللغة الأمازيغية تطرح قضايا ومواضيع اجتماعية فيها المشترك بين المغربي الأمازيغي الناطق باللغة وغير الناطق بها، ولكن قليلة هي التجارب والنصوص والسيناريوهات التي تهتم في تيماتها بالثقافة الأمازيغية العميقة كهوية وحضارة وتراث ككل. ومن ثمة يحق لنا أن نطرح سؤال الهوية الذي طرحته الندوة في هذا الباب، هل السينما الأمازيغية هي التي تهم فقط الأفلام الناطقة باللغة الأمازيغية أم تتسع لتشمل السينما والدراما التي تتمثل الثقافة والحضارة الأمازيغيتين بلغتها وبتاريخها وفضاءاتها ونمط عيش سكانها وأيقوناتها حتى ولو لم يتم التعبير عن ذلك كله باللغة الأمازيعية المنطوقة، علما أن اللغة السينمائية تتأتى أساسا عبر الصورة..

لحظة-تكريم-الفنانة-رجاء-خرماز-في-حفل-اختتام-مهرجان-تافسوت.jpg

أما عن أسباب تراجع السينما الأمازيغية على مستوى الإنتاج فأعتقد أن الأمر مرده إلى ضعف أو غياب التمويل اللائق والملائم لهذا النمط من الإنتاج، خصوصا وأن السينما تتطلب تكاليف باهضة باعتبارها صناعة مرتبطة بآليات وميكانيزمات وخصوصيات مختلفة عن باقي الصناعات.. ولعلكم بإلقاء نظرة سريعة على لوائح الأفلام المدعمة من قبل المركز السينمائي المغربي، منذ بداية العمل بصندوق الدعم إلى اليوم، ستجدون عدد الأفلام الأمازيغية المدعمة ضئيل جدا بل ومنعدم في كثير من الأحيان.. فالمسألة واضحة ولا تحتاج إلى بحث بقدرما تحتاج إلى تأمل واتخاذ مبادرات.. فلا سينما بدون مال، ولا صناعة بدون مال..

* في ذات الندوة أشرت في تدخلك إلى أن توترا ما حاصل بين الناقد والفنان ولاسيما الممثل، فما هي مظاهر هذا التوتر؟ وكيف ترين سبل التصالح بينهما؟

** بالفعل، لقد أشرت أثناء مداخلتي أن هناك علاقة شبه متوترة بين الناقد والفنان على اعتبار أن النقد، عندما يكون بناء مستندا على أسس علمية ويمارس بطريقة صحيحة وبموضوعية، يكون بمثابة البوصلة التي توجه المبدع لمواصلة المسار في الطريق الصحيح؛ لكن عندما يسقط النقد في فخ الانطباعات والمحاباة المجانية فهذا بالطبع لا يخدم لا الفنان ولا الإبداع، وفي المقابل يجب أيضا على الفنان أن يكون متقبلا مدركا وواعيا لأهمية النقد في مسيرته الفنية.. وهكذا يمكن أن يساهم الإثنان في تطوير العملية الإبداعية وتحقيق الأفضل.

 * ما الذي يجذبك أكثر: التمثيل فوق الخشبة أم التمثيل أمام الكاميرا ولماذا؟

في الواقع هما مجالان متكاملان، وما يجمعهما أكثر مما يفرقهما. ومما لا شك فيه أن لكل منهما أدوات وتقنيات وظروف إنجاز خاصة به، فكلاهما له أهميته وميزته الخاصة عند الممثل، ولا يمكن التفاضل بينهما. مثلا في المسرح هناك تداريب مكتفة للتمرين على الدور وللممثل الحق في الاقتراح والاختلاف والمشاركة في بناء تفاصيل العرض المسرحي بما يتلاءم مع رؤية المخرج، وهذا يدفعك بالضروة للتطور وعدم الاكتفاء بالمتاح والجاهز لتطوير الذات ومهارات التمثيل. أما التمثيل أمام الكاميرا فله تقنيات خاصة يجب على الممثل مراعاتها والخضوع لها، كطريقة تعامله مع الإطار الصغير أو الكبير للكاميرا المحدد سلفا من طرف المخرج، وقدرة الممثل على التحكم في الأداء وطرق التعبير ونبرة الصوت بما يتوافق مع طبيعة المشهد ومتطلباته.

* ما هي انطباعاتك حول مهرجان تافسوت في دورته السادسة؟

** بالنسبة لي أعتبر مهرجان تافسوت منارة ثقافية تضيء سماء تافراوت، سواء في دورته السادسة أو الدورات السابقة وكذلك اللاحقة، لما يشكله من فضاء لتلقي وتقريب الفرجة السينمائية من ساكنة العالم القروي، ولكونه أيضا فضاء للقاء والتبادل بين المبدعين السينمائيين وعرض تجاربهم ومناقشتها وتثمينها.. ومن هذا المنبر أشكر كل أعضاء الفريق المنظم على مجهوداتهم المبذولة لإنجاح هذه الدورة المتميزة رغم الإكراهات والمعيقات.

 وفي الأخير أتمنى لهم النجاح الدائم والاستمرارية مع الحفاظ على خصوصية هذه التظاهرة.

حاورها:  الحسين الشعبي

Top