اختتمت أشغال المؤتمر الوطني الثامن للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، الذي انعقد بمدينة بوزنيقة بانتخاب الفنان والكاتب المسرحي الحسين الشعبي رئيسا جديدا للنقابة خلفا للفنان والمخرج المسرحي مسعود بوحسين.
وكان المؤتمر الوطني الثامن للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، الذي التأم تحت شعار “خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة” قد اختتم أشغاله أول أمس الأحد بمجمع مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، بعد المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي وعلى مشروع مراجعة القانون الأساسي، كما تمت المصادقة بالإجماع على الوثيقة التوجيهية وذلك في جو من النقاش الديمقراطي الذي يعكس هوية النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، كإطار ترافعي يدافع على المصالح المادية والمعنوية للفنانين المغاربة، وكقوة اقتراحية وتأطيرية في مجالات تمتد من الممارسات الاجتماعية، إلى الصناعات الثقافية والإبداعية، مرورا بالإبداع الثقافي الحي.
كما يمتد المجال التأطيري للنقابة، وفق ما جاء في الكلمة الافتتاحية للرئيس المنتهية ولايته مسعود بوحسين، من المهن الإبداعية إلى المهن الإدارية مرورا بالمهن التقنية، ويمتد كذلك من حرية التعبير إلى الحقوق الثقافية، ويظهر هذا الأفق المتعدد، بحسب مسعود بوحسين، مدى تعقيد الوضعيات المهنية والعلاقات الشغلية التي تؤطرها النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، كما يظهر خطوط التماس بين النقابي والسياسي والاجتماعي والثقافي في هذه الوضعيات.
وشدد مسعود بوحسين على أن المؤتمر الوطني الثامن، يعد محطة رئيسية في حياة النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، التي تجاوز عمرها اليوم الثلاثين سنة، وهو تاريخ طويل عرف الكثير من المبادرات النضالية التي أطلقها جيل المؤسسين، وهي متواصلة إلى اليوم، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني الثامن، ينعقد في سياق تعرف فيه الساحة الثقافية والسياسية والمجتمعية، وكذا الحياة المهنية تحولات عميقة سمتها الأساسية هي الاختلال في العلاقات المهنية، وتعمق ملامح الهشاشة والتراجع المتزايد من طرف السلطات العمومية عن تحصين مكتسبات الفنانين التشريعية والتنظيمية التي وضعت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية أسسها في إطار منهجية توافقية بين الدولة والمعنيين، طيلة العقدين الأولين من القرن الحالي.
وفي السياق ذاته، أكد مسعود بوحسين، أن ذلك كان نتيجة التنزيل المعيب للمقتضيات القانونية المنبثقة عن قانون الفنان، أثناء تفعيل ورش تعميم التغطية الصحية الإجبارية، نتجت عنه وضعيات شاذة وخانقة لعدد من فناني الأداء، وهي الآن تخيم بظلال قائمة على مستقبل تنظيم القطاع الثقافي وتنظيم المهن الفنية.
وبحسب النقيب السابق للفنانين المغاربة، فإن كل ما أنجز في القطاع فيه بصمة النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، كقوة اقتراحية وترافعية، وهي نقابة جامعة وموحدة، مشيرا إلى أن السياق الذي ولدت فيه النقابة كان يتميز بما عرف آنذاك بأزمة المسرح المغربي، ليس على مستوى العطاء والإنتاج، ولكن على المستوى القانوني والهيكلي للقطاع، على اعتبار أن قطاع الفن والثقافة المغربية، منذ تلك الفترة ظل قطاعا غير مكتمل الهيكلة إلى اليوم.
وأضاف مسعود بوحسين، أن ما يعانيه الفنان المغربي، ليس مشكلة حقوق بل مشكلة الولوج إلى هذه الحقوق، خاصة الولوج إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي يرى المتحدث، أن على جميع القوانين ذات الصلة أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الخصوصية.
ودعا مسعود بوحسين إلى جعل المؤتمر الوطني الثامن، محطة مفصلية تقوم على التدقيق في المهام والأهداف الجماعية للفنانين المغاربة المبنية على الدفاع المشترك مع المنظمات المهنية الجادة في مجالات فنية وثقافية متعددة بما فيها المشغلون عن سياسة ثقافية وطنية في مستوى المكتسبات الدستورية لبلادنا ومتماشية مع التوصيات الدولية في المجال ومنفتحة على المستجدات التكنولوجية الحديثة، وقادرة على خلق صناعات ثقافية لا تحول الثقافة إلى منتجات اقتصادية خالصة، بل إلى ثقافة وطنية تساهم في صنع القيم الجمالية وتعضد الهوية وتنشط الاقتصاد وتساهم أيضا في إنتاج القيمة المضافة اقتصاديا.
كما دعا بوحسين إلى الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمهنيين عموما؛ وذلك بتعزيز الترسانة القانونية والمؤسساتية المرتبطة بحماية الحقوق ولاسيما في التعاقدات والحقوق المترتبة عنها من أجور وعقود وحقوق استغلال وحماية اجتماعية دون إضرار بالتنافسية بين الفنانين ودون السقوط في التنافسية غير الشريفة التي يستغلها البعض بتخفيض شروط العمل قصد الحصول على المزيد من الفرص أو بتغليب ما يتيحه العمل الفني من جانب اعتباري بضرب الشروط الأساسية للعمل أو باستغلال المزاوجة بين الإنتاج والإبداع لخلق حالات متناقضة تتسم بصراع المصالح.
وباسم وزير الشباب والثقافة والتواصل، أكد هشام عبقري مدير الفنون بقطاع الثقافة، على أن النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية تعد شريكا استراتجيا للوزارة في العديد من القضايا ذات الصلة بالقوانين التنظيمية الهيكلية المرتبطة بالفنون الدرامية.
وأضاف هشام عبقري، أن النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، كانت ولا تزال شريكا أساسيا لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، وفاعلا مميزا في تعزيز التشارك والتعاون وهي المقاربة التي تعتمدها الوزارة كخيار استراتيجي في تنزيل أهدافها، مشيرا إلى أن حل كل الإشكالات العالقة لن يتم إلا في إطار المقاربة التشاركية لمختلف الأسئلة الثقافية والتي تتطلب تعميق النقاش والإنصات إلى كل غيور عن الثقافة المغربية.
وتميزت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التي أدارها الفنان والكاتب المسرحي الحسن الشعبي، بحضور وازن لضيوف المؤتمر من فنانين ونقباء سابقين، وتنظيمات نقابية، بالإضافة إلى أن المؤتمر تلقى العديد من رسائل التحية والدعم من العديد من التنظيمات النقابية الفنية الأجنبية من أوروبا وأمريكا وفي مقدمتها رسالة من الفدرالية الدولية للممثلين والتي تعتبر النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية عضوا فاعلا فيها.
< محمد حجيوي
< تصوير: رضوان موسى