التواصل الحكومي

أطلقت الحكومة موقعا إلكترونيا باللغتين العربية والفرنسية يتوجه إلى الجمهور العريض، وذلك بغاية التعريف بحصيلة عملها للسنوات الأربع الأخيرة، وخاصة على صعيد ما أنجزته في المجالات الاجتماعية، وتناقلت الأخبار أن آلاف المواطنات والمواطنين زاروا الموقع، واطلعوا على محتوياته، ونشرت العديد من الكتابات في الصحف حول ذلك، فضلا عن ردود الأفعال السياسية حول المبادرة الحكومية نفسها.
الآن، وبغض النظر عما يمكن أن يثيره البعض من ملاحظات حول الموقع ومضمونه وأشكال وتقنيات إنجازه، فإن كل ذلك لا يلغي إيجابية الخطوة الحكومية، وحقها في جرد الحصيلة وإبلاغ الناس بها، علاوة على حق الجمهور المبدئي في تلقي المعلومة الرسمية من مصدرها، وبعد ذلك لكل طرف حق التعليق عليها أو رفضها أو مساندتها بحسب موقفه وموقعه السياسي.
لكن مع ذلك، فإن إقدام الحكومة على التواصل العمومي مع المغاربة، كان يجب أن يكون مستمرا ومتواصلا وطيلة الأربع سنوات، وبشكل مؤسساتي، خاصة تجاه وسائل الإعلام والفاعلين السياسيين.
ولئن كانت الحكومة قد حرصت على انتظامية عقد اللقاء الصحفي الأسبوعي عقب اجتماع مجلسها، فإن منظومة التواصل الحكومي بقيت مشوبة بكثير من الاختلال وتجليات الضعف، إن من حيث تفاعل مختلف الوزارات والمؤسسات العامة مع طلبات الصحفيين بشأن الحصول على الخبر أو على الموقف والتعليق، أو من حيث مأسسة هذا الحق الكوني في تلقي المعلومة والولوج إليها سواء من طرف وسائل الإعلام أو من طرف عموم المواطنين، وقد بات هذا الواقع اليوم مدعوا للتغير بموجب مقتضيات وأجواء الدستور الجديد، وتطلع المغرب إلى ترسيخ انخراطه في المنظومة الكونية للحداثة وحقوق الإنسان والحكامة الجيدة.
من جهة ثانية، فإن انفتاح الحكومة وتواصلها مع المغاربة بشأن الحصيلة، لن تتحقق له الفائدة والنجاعة إذا بقي محصورا في علاقة أحادية عبر الانترنيت، بل يقتضي الأمر اليوم أن تنخرط الأحزاب المشكلة لتحالف الأغلبية وتنظيماتها المختلفة وأطرها وخبرائها وقيادييها في مبادرات متنوعة ومتكاملة للحوار السياسي والمجتمعي بشأن الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية لشعبنا، ومستوى التدبير الحكومي للشأن العام، كما يفرض السياق على إعلامنا السمعي البصري العمومي الانخراط في مبادرات تروم تقوية فرص النقاش السياسي العمومي بمساهمة مختلف أطراف المشهد السياسي والنقابي والإعلامي، خاصة ونحن في أجواء انتخابية تساعد على تطوير برمجة تلفزيونية سياسية تكون جدية وجاذبة لاهتمام الجمهور.
وبتكريس هذه الدينامية الحوارية التفاعلية في المجتمع، ستكتسب الخطوة الحكومية معناها التواصلي والديمقراطي والسياسي.
[email protected]

Top