I.N.D.H

مثلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تحل اليوم الذكرى السابعة لانطلاقها، واجهة عمل تجسد منظومة الرؤية العامة للمشروع التنموي الذي تخوضه البلاد، حيث أنها سعت إلى تجاوز مرحلة توزيع المساعدات على السكان إلى مرحلة أخرى تقوم على إشراك هؤلاء السكان أنفسهم في النسيج الإنتاجي وتطوير قدراتهم المهنية وإقبالهم على إنجاز وتدبير مشاريع تنموية ومهنية مدرة للدخل، بالإضافة إلى أن المبادرة اهتمت كذلك بالبنيات التحتية، ما جعل الخيط الناظم في التصريف الإجرائي والميداني لبرامجها يتمثل في تكريس المقاربة التشاركية للتنمية، وبالتالي جعل هذه الدينامية برمتها مساهمة في إشعاع وترسيخ قيم مثل: المشاركة، العدالة الاجتماعية، المساواة، النهوض بحقوق المرأة والطفل، تقوية الشعور بالمواطنة وسط الساكنة، ومحاربة الفقر والإقصاء والتهميش والهشاشة.
وبناء على ماسبق، فإن المشاريع والبرامج المنجزة، والتي تقول الإحصائيات باستفادة أزيد من خمسة ملايين شخص منها، لا يمكن الاكتفاء في تقييمها بجرد كمي لما أنجز ولمن استفاد من ذلك، وللكلفة، وإنما، وهذا هو عمق المراد من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في الأصل، يجب أن تساهم في خلق دينامية تنموية وسط الساكنة، وتساهم في تحسين مستوى عيش الفئات الفقيرة والمحتاجة.
وهنا لا يجب أن نطلق للكلام كل عواهنه ونكتفي بالاختباء وراء إحصاءات مندوبية التخطيط، أو أرقام وزارة الداخلية، وبالتالي نكتفي بالتحاليل الباردة، وإنما لابد من ربط التقييم بواقع الناس في القرى والأرياف والمناطق الجبلية والنائية، وأن ننصت إلى تقييمات الجمعيات العاملة في الميدان، وبهذا سنخلص إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يجب أن نخرجها من منغلقات الإدارة والمصالح الترابية في العمالات والأقاليم، ومن بيروقراطية السلطة وحساباتها، لنضعها وسط الناس، ونجعل لها امتدادات شعبية واجتماعية وتنموية، لأنها هي القادرة على تقوية ثقة الناس في المبادرة وإقبالهم على برامجها ومشاريعها.
إن المرحلة الثانية من المبادرة (2012 – 2015)، والتي ستركز على تعزيز المكتسبات وتحسين أنظمة التدبير الاجتماعي والبيئي، يجب أن تتيح إحداث هذا التحول الأساسي، وبالتالي جعل المبادرة تلج حياة جديدة تتمسك خلالها بما تراكم من إيجابيات ومكاسب في المرحلة الأولى (2006- 2010)، خصوصا على مستوى البرامج الأربعة للمرحلة، وتستشرف المرحلة الثانية سواء على مستوى البرنامج الخامس المتعلق بالتأهيل الترابي، أو من خلال السعي إلى ترسيخ فلسفة المبادرة، وتعميق التفكير في سبل التنزيل العملي للأهداف الواردة في أرضية المبادرة (2011 – 2015)، وفي الرؤية الملكية للتأسيس.
لقد أثارت فكرة المبادرة ومنظومتها العامة إعجاب الكثيرين، بما في ذلك خارج البلاد، وإن إكسابها اليوم نفسا جديدا، ينسجم مع سياق الإصلاحات الكبرى التي يخوضها المغرب، ويستجيب للرهانات الاجتماعية والتنموية المطروحة على بلادنا.
[email protected]

Top